يملكون «لامبورغيني» والطائرات الخاصة لكنهم يتعرضون للتشييء والمتاجرة تتعدد الآراء وتختلف مشاربها وتتصدع بين مؤيد ومعارض، وبين مثن مفتخر ورافض متحفظ حول ظاهرة نعيشها ونتعايش معها دون النظر بعمق في أصولها و آثارها. كثر الحديث في الألفية الثالثة عن لاعبي كرة القدم، خاصة المحترفين، وأثمنتهم الخيالية التي بلغت عنان السماء، والصراع بين الأندية ورؤسائها حول من يظفر بخدمات لاعب ما لدرجة المضاربة للظفر بالصفقة. هنا يطرح أكثر من سؤال حول ماهية شراء اللاعب الذي هو في حد ذاته إنسان بشر يباع ويشترى. هل اللاعب بصفته إنسانا أصبح سلعة يتاجر بها؟ أأصبحنا أمام ظاهرة تشييء الإنسان بهذه السهولة؟ ترى هل عهد الرقيق عاد بعد أن ظننا أنه ولى بأشكال أخرى وطرق مختلفة؟ كلنا نجزم أنها رياضة قد يتمتع فيها اللاعب بقوة جسدية أو ذهنية هائلة تمكنه من تقديم الخدمة المطلوبة، بغض النظر عن القيمة المالية أو عقد العمل مقابل الخدمة التي سيقدمها إثر المبلغ المدفوع لشرائه. أكيد أنه لا مقارنة هنا بين عبيد العصور الغابرة ولاعبي كرة القدم أو رياضات جماعية أخرى. لكن ألا يحق لنا أن نتساءل عما إذا كان بإمكاننا التسليم بهذا الأمر؟ خاصة أن لاعب الكرة، دون النظر إلى لونه أو جنسه، أصبح يباع ويشترى كالعبد مقابل خدمات معينة تنحصر في تقديم الفرجة من باب تسجيل الأهداف والمراوغات (رقصات) والإشهار وعروض الأزياء... وهي خدمات متنوعة كان يقدمها العبيد والجواري في القصور والحقول أو المسارح بين أيادي الملوك والأسياد ...وهذا لا يعدو أن يكون حوارا على رقعة ملعب بين البهاليل أو المهرجين في موسم حصاد. والشيء نفسه قد ينطبق على اللاعبات اللواتي يتم بيعهن بأثمنة خيالية وأحيانا بالمزاد العلني لأندية أو فرق "عالمية"، لتقديم رقصات داخل الرقعة من قبيل التسجيل والمراوغات بلباس يلغي كل مواصفات الأنثى الإنسان ويعرض لنا أجسادا مختلفة القد والألوان، تهتز مع هتافات الجمهور وتضرب وتبطش وتقاتل لترضي المناصرين والمقامرين.. كما كانت في العصر الروماني تهتز مسارحها مع وصلات من الشعر والموسيقى. قد يقول قائل إن الحقوق التي يتمتع بها هؤلاء تختلف كثيرا عن أولئك. فالعبد الحالي ملياردير ويمتلك "لامبورغيني" و"الفيراري" والطائرة الخاصة... لكن بقليل من التريث نجد أن النوعين كلاهما موجودان. فهناك من يتمتع بالحقوق القانونية وهناك من لا يتمتع بها. وهذا أيضا عاشته الحضارات الغابرة ... ونعيشه الآن أيضا في طبقة الهواة. إن تَملّكَ إنسان لإنسان بالقوة وممارسته حق الملكية عليه لا يجوز. فمهما تعددت الأساليب واختلفت، يبقى الاستغلال استغلالا، وشراء الإنسان أمر مختلف فيه ولو بعقد وطرق قانونية، مقابل خدمات قد تختلف شيئا ما عن الرقيق والجواري، لكنها تبقى خدمة مقابل عقد شراء بشر لبشر أقوى منه مالا و نفوذا وينصاع لأوامره كما تنصاع الأمَة لسيدها. مصطفى الشريفي