الالتحاق بقيادة جيش التحرير بالجنوب

بنسعيد...أوراق المقاومة 3 قصور الوعي وغياب النزاهة دفعاني رفقة مجموعة من المقاومين إلى الانسحاب شكل الاعتراف الإسباني الأخير بجدية مقترح الحكم الذاتي، واعتباره الحل الوحيد لطي نزاع ملف الصحراء، تحولا عميقا في العلاقات بين البلدين الجارين، بالنظر إلى المسؤولية التاريخية لمدريد، باعتبارها البلد المستعمر سابقا للصحراء. ويمثل اعتراف إسبانيا، صحوة ضمير ومصالحة مع التاريخ، وهي التي واجهت قواتها مقاومة من قبل جيش التحرير في الصحراء، دون بعض فصولها المقاوم محمد بنسعيد آيت يدر في مذكراته، التي اختار لها عنوان "هكذا تكلم محمد بنسعيد». وتنويرا لقراء "الصباح" بفصول من ملحمة المقاومة في الجنوب، اخترنا نشر فصول من مذكرات بنسعيد، بعد الحصول على موافقة منه. إعداد: برحو بوزياني تحول مركز قيادة الجيش بالبيضاء إلى مكتب خاص بتسوية مشاكل المقاومين ممن عادوا من منفاهم أو خرجوا من السجن، وذلك في غياب وزارة تضطلع بهذا الأمر. وقد تكلفت بمعية بوشعيب الدكالي بالإشراف عليه، بعد اتفاق بين المنظمة السرية والملك محمد الخامس ووزير الداخلية آنذاك إدريس المحمدي. وفعلا قمنا بتوظيف عدد مهم منهم بالقوات المساعدة والجيش الملكي ووزارة الداخلية، ومنح البعض الآخر مأذونيات (كريمات). وأسجل في هذا الإطار أن بعض القياديين في الجيش والمقاومة كانوا يتجاوزوننا ويتصلون بالعامل مباشرة ليعطوا مأذونيات لأشخاص لا يستحقونها، وكنا لا نسكت عن هذه التجاوزات بل نستنكرها بشدة. حاولنا وضع حد لهذه السلوكات، إلا أن ذلك كان يتجاوزنا. وقد حصل لي شخصيا اصطدام حاد مع عبد الرحمان التناني، الذي كان يستقوي بالفقيه البصري، ويفعل ما يشاء. والأكيد أن قصور الوعي وغياب النزاهة كانا من أسباب هذه التصرفات. وقد دفعني كل ذلك، رفقة مجموعة من المقاومين إلى الانسحاب واختيار الالتحاق بقيادة جيش التحرير بالجنوب. أحسست أنني لم أعد أقوم بعملي، كما يجب وأنا محاصر بطغيان النزعة المصلحية. فكل ما فعلناه، كنا نفعله خدمة للناس جميعا، ومن أجل تحصيل المواطنين لحقوقهم، بعيدا عن منطق الزبونية واستغلال النفوذ للاستفراد بخيرات البلاد والحصول على امتيازات بغير وجه حق. ولكن هذا المنطق، لم يكن هو ما يحكم سلوك بعض قياديي جيش التحرير الذين سطوا على أملاك المتعاونين مع سلطات الحماية. واغتنوا منها بعد أن حولوها لصالحهم الشخصي، مما ترك أثرا سيئا لدى الناس الذين دعموا ماديا ومعنويا الجيش وسهلوا له عمله باستمرار. كان هذان السببان حاسمين في خروجي من البيضاء والتحاقي بجيش التحرير، الذي بدأت تطغى عليه هو الآخر نزعة المصالح، فيما دوره الأساسي، يكمن في تحرير باقي الأراضي المغربية الواقعة تحت يد المستعمرين. في الشهور الأولى من 1956 وصل إلى المغرب الزعيم الموريتاني حرمة ولد بابانا، النائب البرلماني في الجمعية الوطنية الفرنسية وعضو المجلس الأعلى لإفريقيا الغربية، والذي سيسقطه الفرنسيون في الانتخابات، عندما لمسوا فيه تهديدا حقيقيا لهم بسبب ما يحمله من أفكار وطنية داعية للتحرر. كما التحق بالمغرب الأمير زكرياء بن خينو، الكاتب العام للحركة الوطنية لتحرير موريتانيا، وهو من أمراء السكان السود بجنوب موريتانيا. ولم يقتصر الأمر على هذين الزعيمين، بل تعداه إلى وصول مجموعة من قادة حزب النهضة الموريتاني، يتقدمهم محمد ولد جدو وأحمد بابا مسكي وأحمد بازيد وماء العينين ولد النور، بالإضافة طبعا للصحفي المغربي المشهور، باهي محمد حرمة، الذي وصل من إذاعة دكار، حيث كان يعمل، إلى قيادة جيش التحرير بكلميم. كان الهدف من هذه الزيارة واضحا لا التفاف فيه، وهو طلب الدعم من الملك محمد الخامس، لتحرير موريتانيا من الاستعمار الفرنسي والتحاقها بالوطن الأم، المغرب. نزعة المصالح جيش التحرير بدأت تطغى عليه هو الآخر نزعة المصالح فيما دوره الأساسي، يكمن في تحرير باقي الأراضي المغربية الواقعة تحت يد المستعمرين.

الالتحاق بقيادة جيش التحرير بالجنوب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اليهودية والإسلام... جدال وصراع

حصص التعذيب مع رجال الكهوف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات