اليهودية والإسلام… جدال وصراع

مع إبراهيم عيسى 1 عمر بن الخطاب كان حريصا على تقريب كعب الأحبار إليه ليس أبدا ممنوعا أو مرفوضا الاختلاف مع الموروثات، امتثالا ل "هذا ما وجدنا عليه آباءنا"، كما ليس من الحصافة والرجاحة والفطنة التقدم إلى الأمام بالقطع مع الماضي، فليس هناك قطيعة بين الحاضر والماضي، لكن الهدف أن يكون تواصل إيجابي حول الثوابت الحقيقية، وليس المزيفة أو المصطنعة. يقول الإعلامي المصري إبراهيم عيسى، في حلقات تحمل عنوان "مختلف عليه"، إننا في حاجة إلى رؤية إلى الماضي، ليس بغضب، أو وله وفخر، فلابد من النقد والتمييز بين الغث والسمين، وبين المختلف عليه والمتفق عليه.... إعداد: خالد العطاوي ترتبط اليهودية في أذهان الكثير من العرب بنظرية المؤامرة، خاصة مع تداعيات الصراع العربي الإسرائيلي. وكما استند مؤسسو الصهيونية على المرجعية الدينية لاستقطاب المتعصبين إلى مشروعهم، فعلى الجانب الآخر تم استدعاء الصراع الديني وتلبيس اليهود كل المؤامرات التي استهدفت الإسلام، دون تفرقة بين المشروع الاستيطاني والعقيدة اليهودية. فهل الصراع كان منذ اللحظة الأولى للإسلام؟ أم كانت لحظات اندماج وجدال سلمي هادئ في عصور متقدمة ومتأخرة سادت فيها حالة نادرة من التنوع المذهبي والعقائدي؟ في بداية التاريخ الإسلامي تحكي كتب التاريخ والسيرة عن العلاقة المتضاربة بين عمر بن خطاب واليهود. بعد وفاة الرسول أعلن عدد من يهود اليمن إسلامهم، وكان من أبرزهم كعب الأحبار، وهو شخص شديد الاطلاع قيل إنه تحول إلى الإسلام في أواخر عهد أبي بكر الصديق وبداية عمر بن الخطاب، وهو من أشهر اليهود المعتنقين للإسلام وأبرزهم وأكثرهم تأثيرا في البيئة والثقافة الإسلامية الناشئة، لأنه كان حبرا، فضلا أنه قدم ونقل روايات تفسيرات وقصص من الكتب السماوية السابقة، مثل التوراة. وتتحدث المراجع أن كعب الأحبار كان على علاقة وطيدة بالصحابة، مثل أبي هريرة وعبد الله بن عباس ومعاوية بن أبي سفيان وعمر بن الخطاب، وحكاياته تغلغلت وتسللت إلى نهر هؤلاء الصحابة، خاصة أبي هريرة الذي سافر إلى منطقة "الطور" ليلتقي كعب الأحبار، وحدث تفاعل بين الشخصين وتبادل للمعارف من كتب اليهود المقدسة، إذ يقول الصحابي أبو الدرداء "إن عند أبي الحميرة لعلما كثيرا"، كما يقول عنه معاوية بن أبي سفيان "إن عنده لعلم مثل البحار وإن كنا فيه لمفرطون". وتحدثت الروايات، على اختلافها وتنوعها، أن عمر بن الخطاب كان حريصا على تقريب كعب الأحبار إليه، وسمح له بأن يجلس في مسجد النبي ويحدث الناس، رغم علم عمر بتأثر كعب بما يعلمه ويعرفه ويقرؤه في كتب أهل الكتاب، وفي مسند أبي أحمد أن عمر نفسه كان يميل للاطلاع على الكتب نفسها، حتى نهاه النبي عن ذلك وزجره زجرا حادا. وحرص ابن الخطاب أن يكون معه كعب في رحلته إلى فلسطين أثناء تسليمها إلى المسلمين في 16 هجرية، ويرى البعض أن غرض ابن الخطاب من ذلك أن يكون كعب وسيطا بينه وبين يهود بيت المقدس، وربما كان كعب مرشده ودليله إلى قصص الأنبياء التي تزخر بها أرض المدينة المقدسة. وهناك من يرى عكس ذلك، من أصحاب نظرية المؤامرة، ومنهم الشيخ رشيد رضا السلفي، الذي ير أن كعبا لم يكن إلا يهوديا ماكرا وخبيثا ادعى الإسلام بهدف إفساده، مستندا على روايات عن عمر بن الخطاب، التي تشير إلى أن أمير المؤمنين عنف كعبا في كثير في المرات، ومنعه من رواية الحديث، أو ألحقه ب"أرض القردة"، وهي رواية عنيفة وقاسية، وتكشف عن خلاف حقيقي وجذري وممتد حول كعب الأحبار ودوره في الثقافة الإسلامية، معتبرينه جزءا من المؤامرة، إذ استطاع أن ينفذ إلى الفكر الإسلامي ويترك فيه ثغرات كبيرة من "الإسرائيليات".

اليهودية والإسلام… جدال وصراع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النضال من أجل المرأة

الالتحاق بقيادة جيش التحرير بالجنوب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات