حملات تطهير ضد الطرق والزوايا

الزوايا في الأرشيف الفرنسي (الأخيرة) العديد من نشطاء الحركة الشعبية كانوا من أعيان الزاوية الدرقاوية تعتبر الوثائق التاريخية مصدرا مهما في التاريخ، إذ توفر معلومات تاريخية وجب التحقق من صحتها وتوظيفها في مجالات البحث التاريخي لإعطاء وضمان مصداقية للحقائق التاريخية. وكما يقال «لا تاريخ بدون وثائق». سعيد الحسايني، الباحث في التاريخ المعاصر، يقدم لقراء «الصباح» بعض هذه التقارير والوثائق، وأبحاثا أنجزها بمركز الأرشيف الدبلوماسي ب «نانت» الفرنسية، تروي جوانب من الشأن الديني اليهودي، وأولياء الطائفة اليهودية بالمغرب، الذين شكلوا نموذجا للتسامح الديني بالمغرب، ونشاط الزوايا والطرق وعلاقتها بالأحزاب السياسية والمخزن. إعداد: برحو بوزياني من الصعب أن نتخيل الطريقة الفجة التي تعامل بها بعض ممثلي السلطة الجدد وعناصر حزب الاستقلال، في تنفيذهم لعمليات أمنية ولحملات تطهيرية واسعة النطاق ضد آلاف شيوخ ومقدمي الطرق والزوايا الدينية في جل أنحاء البلاد، دون أن تثير هذه القضية ردود أفعال قوية من قبل حوالي 250 ألف فرد من أتباعها ومريديها. بعد أن تطورت المواقف والمواقع الخاصة لكل من القصر وحزب الاستقلال في المناطق الداخلية ولدى القبائل المغربية، فمن المتوقع أن الصراع والمنافسة بينهما، سيفرض عليهما الحرص على عدم الدخول في صراع مع الطرق والزوايا الدينية. ومنذ الانشقاق الذي عرفه حزب الاستقلال في يناير 1959، لم تتغير المعطيات، ولا نستغرب التنافس الحاد الذي ظهر بين أنصار المهدي بن بركة وأتباع علال الفاسي، لاستمالة أصوات أتباع ومريدي الزاوية الدرقاوية في طنجة، خلال الانتخابات المزمع إجراؤها في السنة نفسها. وفي منطقة واد اللوكوس، خلال احتفالات إحياء ذكرى معركة الملوك الثلاثة في غشت 1959، والتي جسدت انتصار وتحالف الزوايا الدينية والسلطان بالمغرب أساسا، ألقى "زعيم" الاستقلاليين، علال الفاسي، خطابا أمام أنصار ورموز تلك الزوايا والطرق الدينية المشاركة في الاحتفال. أما حزب الحركة الشعبية، فقد اختار زعماؤها أن لا يستخفوا بهؤلاء الأتباع القرويين البسطاء، وزعموا أنهم يمثلون الفلاحين المغاربة، بينما يظهر تواطؤ بشكل خاص في منطقة الشرق، حيث إن العديد من نشطاء الحركة الشعبية، هم من أعيان الزاوية الدرقاوية التابعين للزاوية الهبرية، التي "يوجد مقرها في وهران بالجزائر». ومن الناحية العقائدية المذهبية، فقد تغيرت المواقف والمواقع بالمستوى نفسه أمام التهديدات والأخطار التي تشكلها توجهات علمنة الدولة، وتطور الوعي لدى الفئات الاجتماعية المهمشة، بالإضافة إلى ردود أفعال أنصار الحركة الاشتراكية الإسلامية، التي ما تزال أفكارها وتوجهاتها غير واضحة، لكنها لا تتعارض مع حركة التصوف المغربي، ودافعت عن المساواة والعدل داخل المجتمعات الإسلامية، وساندت الطرقية والزوايا. وقد أصبحنا نلاحظ غياب قواعد ومناصرين للعلماء والفقهاء في الأوساط الجامعية والمغربية، وكذلك تقلص عدد أتباع ومريدي الطرق والزوايا الدينية داخل الأرياف، للدفاع عن هذا التوجه الاجتماعي–الإسلامي، الذي يشكل مرجعية فكرية لعلال الفاسي، زعيم حزب الاستقلال، وكذلك للمحجوبي أحرضان، أحد مؤسسي حزب الحركة الشعبية في 1957. ومن خلال هذا التوجه العام، نشير إلى أن الأحزاب التي استنكرت سابقا تخفيف الإجراءات المتعلقة بتنظيم الدولة والمجتمع، والتي أدت إلى عصرنته وتحديثه، أصبحت تشكل تحالفات مع الطرق والزوايا الدينية المحافظة على عادات وتقاليد وعقيدة المجتمع. لقد أشار أحد المراقبين المفوضين من السلطات الإدارية، إلى أن استئناف أنشطة الطريقة التيجانية (المحافظة) والزوايا التابعة لها والمنتشرة داخل البلاد، يشكل أكبر مؤشر على ذلك، وخلال الاجتماع الذي نظمه حزب الحركة الشعبية "حزب الأمازيغ" في الحاجب بتاريخ 25 شتنبر 1959 تمت دعوة قادة وزعماء الحركة الشعبية لحضور موسم "أكدود المغني"، الذي تنظمه الطرق والزوايا الدينية بمنطقة الأطلس الكبير وتافيلالت. إن الطرق والزوايا الدينية التي تمت إدانتها سابقا، واتهم زعماؤها بخيانة الوطن، خلال المرحلة الاستعمارية وتهميشها خلال فترة تحقيق الاستقلال، يتم اليوم استدعاؤها بشكل غير مباشر للمشاركة في التنظيم والتأطير الديني للمجتمع، وقد تزامن ذلك مع بروز حركة جديدة للدفاع عن القيم الروحية للمغاربة منذ الاستقلال، ومن المرجح أن تتطور بشكل كبير وتؤثر على النظام والتوجه السياسي للبلاد. تأطير ديني الطرق والزوايا الدينية التي اتهم زعماؤها بخيانة الوطن، خلال المرحلة الاستعمارية ستشارك في التنظيم والتأطير الديني للمجتمع بعد الاستقلال

حملات تطهير ضد الطرق والزوايا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حكم جيد عنوان النجاعة القضائية

تحت الدف

مقالات ذات صلة