مـا مزوجينـش… وبخيييـر

البعض عازف عن الارتباط خوفا من الفشل وآخرون يفضلون حياة العزوبية للاستمتاع بالحرية في الوقت الذي يعتبر العديدون في مجتمعاتنا، الزواج، "إكمالا لنصف الدين"، وهدفا في حد ذاته في الحياة، يسعى إليه الجميع، رجالا ونساء، باعتباره "سنة الحياة"، يعزف آخرون عن دخول القفص الذهبي، بعضهم عن اختيار، إما لإيمانهم بعدم جدوى مؤسسة الزواج، أو خوفا من الفشل في تجربة الحياة الزوجية التي تقلص الكثير من هوامش الحرية، وتفرض الكثير من المسؤوليات الجسيمة التي تثقل الكاهل، أو بسبب عوامل مادية، أو لأسباب أخرى لها علاقة بالجانب النفسي والبسيكولوجي. ولأن مؤسسة الزواج في مجتمعاتنا "مقدسة"، مثلها في ذلك مثل العديد من المجتمعات على مر العصور، ويختلط فيها الجانب الديني مع الجانب العائلي، فإن شباب اليوم، المتعطش إلى الحرية، والمنفتح على ثقافات الآخر وأسلوب حياته، يشعر أنها لا تمثله، بل تضيق عليه الخناق وتفرض عليه الالتزام بقواعد وسلوكات معينة، ليس مقتنعا بها تماما، مما جعل فئة عريضة تفضل حياة العزوبية وعدم الارتباط، خاصة في ظل الانفتاح الجنسي في العلاقات. وإذا كان المجتمع يتسامح، نسبيا، مع الرجل العازف عن الزواج، رغم أنه ينظر إليه نظرة عاجز جنسي أو مثلي، إلا أن الضغط كله يكون على المرأة، التي عليها أن تتزوج في سن مبكرة لدرء الشائعات والنظرة المريبة والمشككة في سمعتها وأخلاقها. فالرجل العازف عن الزواج، حر، ولو أن المجتمع يستغرب هذا العزوف، أما المرأة العاجزة عن الزواج، فهي "عانس"، "ما قبل عليها حد". في هذا الملف، ترصد "الصباح" مختلف العوامل التي تتسبب في العزوف عن الزواج، مع الاستعانة برأي اختصاصيين وشهادات غير المتزوجات والمتزوجين. نورا الفواري لـن نتـزوج عازفون يضعون أسبابا "مقنعة" لعدم ارتباطهم وتشبثهم بحياة العزوبية يؤمن الكثير من المغاربة بأن مؤسسة الزواج "فاشلة"، وأنها نادرا ما تعرف النجاح، وأيضا مغامرة لا تستحق خوضها وتجربتها، نظرا للخسائر التي يمكن أن تترتب عنها. عازفون عن الزواج، لا يفكرون في تطليق العزوبية أو التخلي عنها، وتجربة الارتباط الرسمي، لاعتبارات كثيرة، ومبررات قد تكون مقنعة في الكثير من الأحيان. وفي هذا الصدد، قالت نورا، صحافية، إن الزواج مؤسسة فاشلة، خاصة في المجتمعات التي لا تحترم المرأة، وتنظر إليها دائما على أنها خاضعة للرجل وتابعة له. وأوضحت أنها لم تصادف ضمن محيطها نماذج لزيجات ناجحة، تلعب فيها المرأة دور الشريكة، ويتم خلالها تقاسم المسؤوليات بين الزوج والزوجة، خاصة داخل المنزل، وقالت، في اتصال مع "الصباح": "المرأة اليوم تشتغل وتعيل أسرتها وتساعد الزوج على تحمل الأعباء المادية للحياة الزوجية. وإضافة إلى ذلك، عليها العمل داخل البيت أيضا، لكن وحدها، وبدون أن يشترك معها الزوج في ذلك. في ما عدا بعض الاستثناءات القليلة". واعتبرت نورا، أنه من الضروري أن تكون مؤسسة الزواج مشتركة بين الرجل والمرأة، وأن يتقاسم كلا الطرفين المسؤوليات وأن لا تبقى تلك المتعلقة بالمنزل وتربية الأبناء وغيرها، تثقل كاهل الزوجة فقط، وأضافت "قد يتقلص هامش حرية الرجل بعد الزواج، لكنه يظل يمارس الكثير من عاداته السابقة مثل لقاء الأصدقاء بالمقهى أو الحانة والدخول في ساعة متأخرة من الليل، والسفر لوحده، في حين أن المرأة تحرم من كل ذلك". وأضافت أن المرأة المغربية، بمجرد أن تتحول إلى زوجة، تصير "عبدة" لأسرتها، على حساب حياتها وسعادتها وهوامش حريتها وهو ما يجعل الزواج بالنسبة إلى المرأة عموما، نهاية الحياة وليس بداية حياة جديدة". ومن بين ما يجعل مؤسسة الزواج فاشلة، حسب تصور نورا، حرص الزوج المغربي على أن تكون الزوجة نسخة طبق الأصل من والدته، ترعاه وتهتم بأبسط تفاصيل حياته، إضافة إلى أن الزواج في مجتمعاتنا، لا يتم بين شخصين، بل بين عائلتين، فالكل يسمح لنفسه بالتدخل في شؤون الزوجين، خاصة الأمهات، وهو ما يفسد العلاقة، ويكون السبب في عدم استمرار مؤسسة الزواج، لأن العديد من الأزواج يعجزون عن فصل حياتهم عن حياة أسرهم". من جانبه، قال سفيان، عازف أيضا عن الزواج، ومن الذين اختاروا حياة العزوبية، بعيدا عن مؤسسة الزواج، إن تجارب بعض زملائه في العمل، لا تشجع أبدا على الارتباط. وأوضح سفيان، أن أغلب المتزوجين تعساء ولا يعرفون السعادة، قبل أن يضيف أن العديد منهم يعيشون ضغوطات نفسية كثيرة، تصل بهم إلى الطلاق والانفصال "الزيجات الناجحة، تعد على رؤوس الأصابع". كما أن إنجاب الأطفال في ظل الوضع الراهن، وعدم اتضاح الرؤية المستقبلية، مغامرة حقيقية "لا أقوى على تحمل مسؤولية طفل، وأن يرى النور في هذا العالم، وتربيته والسهر على الاعتناء به، هذا إذا كان في صحة جيدة، أما إذا كان يعاني مشكلا صحيا، فهذا موضوع آخر"، حسب تعبيره. وقال سفيان إنه لن يرتبط أو يطلق عالم العزوبة، حتى يتضح له أن ما يؤمن به حول مؤسسة الزواج، خاطئ "لا أعتقد أنني سأغير فكرتي عن الزواج، سيما أن الكثير من الزملاء نماذج غير مشجعة على خوض هذه المغامرة". وقال نبيل، عازف أيضا عن الزواج: "يشعر المرء بالحرية وفضائلها بعيدا عن مؤسسة الزواج التي تقيده بشروط كثيرة مطلوب منه احترامها، وتطبيقها بعيدا عما يجري في أغلب الأسر المغربية، من صراع وممارسة نفاق اجتماعي، والبحث عن المصالح الظاهرة منها والباطنة، لاستمرار العلاقة بعيدا عن التوتر والتشنج الذي يقع فيها". وأضاف أن الزواج ليس احتفالا بإقامة عرس، وحضور أفراد العائلات، وترويج أن "فلان" تزوج "فلانة"، أو "فلانة" طلب يدها "فلان" وكفى، لأن ذلك لا يعني شيئا، سوى إبعاد فكرة "العزوبية" بالنسبة إلى الرجل، أو "العنوسة" بالنسبة إلى المرأة، وهي أوصاف كان ينظر إليها أنها سلبية، لأن الشخص لا يسعى إلى إعمار الأرض بالأولاد، علما أن أغلب الأسر المغربية، لا تلد العباقرة الذين يخترعون، ويساعدون البشرية على التطور، بقدر ما تعاني لأجل تربيتهم تربية حسنة، وتعاني لأجل استقبال أفراد أسرة الطرفين، والمشاركة في حل مشاكلهم، ومنهم من يعاني تدخلهم في شؤون حياته الزوجية". وأوضح أن الزواج حب ومودة، ورحمة بين الزوجين، وفي غياب ذلك يعد أشبه بـ"مساكنة شرعية" تبحث عن السعادة أمام الآخرين، وليس لذاتها، قبل أن يضيف "ومع ذلك حينما أفتح شريط حياتي، أتذكر صديقاتي الجميلات، كل واحدة تستحق أن تكون زوجة، وحينما أقارن أقول لو كان لدي قدرة لأجمع بينهن، أو جمع خصال وجمال كل واحدة في الأخرى، لتصبح لدي زوجة كاملة الأوصاف أكمل معها مسار حياتي إلى النهاية، وبعدها قد أعبر عن رأي مخالف". إيمان رضيف

مـا مزوجينـش… وبخيييـر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تلاعبات حرمت 4000 مقتن من شققهم

إيقاف صاحب فيديو "الكريساج" بطنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات