المتعاقدون والوزارة … الحصلة
اختيارات الإسلاميين ورطت الدولة في التوظيف بالتعاقد والتلاميذ ضحية الصراع
قرر الأساتذة أطر الأكاديميات، تمديد إضرابهم الذي يستمر منذ سابع مارس الماضي، إلى غاية 20 مارس الجاري، وهو ما أصبح يهدد الموسم الدراسي الجاري، بعدما قرر المتعاقدون عدم تعويض الحصص المهدورة، ومقاطعة كافة الأنشطة المدرسية، بما فيها زيارات المفتشين وغيرها.
وانفجرت إشكالات المتعاقدين في وجه الحكومة الجديدة، التي وجدت نفسها مجبرة على التعاطي مع هذا الملف المعقد، الذي ورثته عن الحكومتين السابقتين، اللتين اختارتا الحل السهل، وراحت توظف آلاف الأساتذة بالتعاقد، إلا أن صار عددهم يشكل نسبة كبيرة من أسرة التعليم، وأصبح الاستغناء عنهم أمرا مستحيلا.
وأعلن المتعاقدون في بيان حديث، عن تمديد إضرابهم إلى 20 مارس، مع تنظيم أشكال احتجاجية على المستوى المحلي والجهوي، ما بين 23 مارس و26، بسبب عدم الاستجابة لمطالبهم، وتنديدا بمحاكمة 45 أستاذا، وزعت عليهم 7 سنوات حبسا وغرامات مالية ثقيلة، إضافة إلى ما وصفته تنسيقية الأساتذة بـ «اختطاف 100 أستاذ من الشكل النضالي الأخير بالرباط، وتلفيق التهم لهم، إذ تم إرسال 15 منهم إلى المحكمة الابتدائية، بينما أرسل 10 آخرين إلى محكمة الاستئناف، ليتابعوا بجنايات».
وفي هذا الصدد قال مصدر من وزارة التربية الوطنية، في حديثه مع «الصباح»، إن الوزارة منفتحة على الحوار، ومستعدة لاستقبال الأساتذة ومناقشة النظام الأساسي، لكنهم يرغبون في التحاور على أساس شرط الإدماج، إضافة إلى وجود مغالطات في بياناتهم من قبيل خوصصة التعليم وغيرها.
وأضاف المصدر ذاته، أن التلاميذ هم ضحايا الإضراب، خاصة أن الموسم الدراسي بدأ متأخرا بشهر، ما يفرض على الجميع التجند لخدمة التلاميذ، وليس إهدار حقهم من الزمن المدرسي، مشددا على أن العالم القروي يعيش وضعا صعبا، وهو ما أشار إليه التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات.
ولعل أكثر ما يعرقل حل أزمة الأساتذة المتعاقدين، هو النفس السياسي لهذه الحركة الاحتجاجية، إذ تقوم بتنصيب نفسها مدافعا عن حقوق الإنسان، وحرية التعبير والصحافة، وانتقاد تبعية الدولة للمؤسسات الائتمانية الدولية، وهو نقاش أبعد ما يكون عن قضايا التعليم، إذ يستغلون بعض التوترات السياسية للضغط على الدولة، بطريقة شعبوية، في الوقت الذي كان هدف تأسيس تنسيقيتهم، هدفا فئويا. ويتساءل البعض إلى أي حد يؤمن الأساتذة بالقضايا التي يدافعون عنها في بياناتهم، وهل سيتراجعون عن القضايا التي يدافعون عنها، إذا سوت الوزارة وضعهم، وقبلت شرط الإدماج، أم أنهم يستغلون هذه الوقائع فقط لإحراج الدولة؟
وفي إطار هذا الصراع السياسي، الذي خرج عن نطاق التعليم والوزارة، وأصبح إشكالا حكوميا، بل مؤسساتيا، بعدما تعاقبت عليه ثلاث حكومات دون الوصول إلى أية حلول، يطرح السؤال عن مسؤولية الدولة والحكومة، في ضياع الزمن المدرسي للتلاميذ، وما الفائدة من هذا التوظيف بالتعاقد من الأصل، خاصة أن وزير المالية السابق، صرح بعدم وجود أي إشكال في إدماج الأساتذة، وهل قدر التلاميذ هو الضياع، بسبب فشل الوزارة في حل الأزمة، وتعنت الأساتذة وابتزازهم للمؤسسات؟
عصام الناصيري