fbpx
ملف الصباح

الاغتناء السريع يقود إلى السجن

نهاية أنشطة إجرامية لإمام مسجد دفعه الطمع الزائد لتشكيل عصابة كنوز

“اللي بغاها كلها كيخليها كلها”، حكمة مغربية لا يستوعب معناها إلا من وجد نفسه ضحية للطمع الزائد، وهي بلا شك من النصائح التي تعتبر درسا يلقنه الآباء وكبار السن من العائلة والجيران لمن يخافون عليه من الوقوع ضحية لفتن الرغبة في دخول نادي الأغنياء بطريقة غير مشروعة.
من منا لا يحلم بدخول نادي الأغنياء ومن منا لا يمني النفس بأن يجد في طريقه حليا أو مبلغا مهما من المال، وهي المتمنيات التي رأى فيها عدد من الجشعين إمكانية التحقق باللجوء إلى تكوين عصابات أو الانضمام إلى شبكات إجرامية مختصة في التنقيب عن الكنوز ومختلف النفائس من ذهب وأحجار كريمة وألماس.
ولأن القانون المغربي يجرم التنقيب عن الكنوز واستخراجها، انتهت مغامرات عدد من الأشخاص بالوقوع في موقف لا يُحسدون عليه، بعد أن وجدوا أنفسهم رهن الاعتقال والمساءلة القضائية، قبل أن تنتهي محاكماتهم بالإدانة بالحبس النافذ وضياع الحاضر والمستقبل خلف القضبان.
من بين الحالات الكثيرة التي هزت الرأي العام المغربي في ما يخص المهووسين بالكنوز، ما شهدته ضواحي سطات، من تفكيك لعصابة إجرامية للتنقيب عن النفائس واستخراجها، يتزعمها إمام مسجد.
ولأن الطمع الزائد من وساوس النفس الأمارة بالسوء، اختار إمام المسجد مربي الأجيال، تعطيل دروس العلم والأخلاق لطلبته، للقيام بعملية حفر لتخريب سور قصبة تاريخية في محاولة لاستخراج كنز مدفون بها.
في محاولة منه للبقاء بعيدا عن الشك والتمويه على المتطفلين والمصالح الأمنية، اختار إمام بمسجد بأولاد فرج إقليم الجديدة، القيام بواجبه المهني أمام سكان الدوار، قبل أن يخلع جبة الفقيه المتقي، ويرتدي قناع المجرم الذي يتزعم عصابة تتكون من ثلاثة مشعوذين.
ومن المفارقات العجيبة، أن العصابة الإجرامية التي تعتمد على الشعوذة اختارت المزاوجة بين الخرافة والتكنولوجيا، إذ تستعين بآلات متطورة للتنقيب عن “المطمورة” المرغوب في حفرها، لاستخراج الذهب ومختلف أنواع النفائس المبحوث عنها، قبل أن يفتضح أمرها، بفعل يقظة عناصر الدرك الملكي وسرعة تدخلها.
وتم افتضاح أمر أفراد العصابة بناء على ضبطهم، من قبل دورية للدرك الملكي، كانت تقوم بحملة تمشيط بالمنطقة، في إطار الإجراءات الاستباقية لمحاصرة مختلف أشكال الجريمة، قبل أن يثير انتباه العناصر الدركية، تجمع أشخاص بقصبة تاريخية بقرية كدانة في الصباح الباكر، ما جعلها تشتبه في وجود نشاط إجرامي، الأمر الذي حدا بها إلى الانتقال للمكان موضوع الاشتباه فيه، للتأكد مما يحدث.
ومكن الوصول إلى المكان المشتبه فيه، عناصر الدرك الملكي من ضبط أربعة أشخاص، منهمكين في عملية الحفر لاستخراج الكنز، لتتم محاصرتهم واعتقالهم.
وأسفرت عملية المداهمة، عن ضبط المشتبه فيهم، وهم يحاولون استخراج كنز مدفون، بعدما شرعوا في محاولة تخريب القصبة التاريخية.
وارتباطا بعملية الإيقاف، تم حجز سيارتين ومعدات وآلات متطورة للتنقيب والحفر، وطلاسم وبخور يستعين بها الفقيه والمشعوذون في عملية التنقيب عن الكنوز والمعادن النفيسة واستخراجها.
وبعد اقتياد الموقوفين إلى مركز الدرك الملكي، تقرر وضعهم تحت تدابير الحراسة النظرية، في انتظار الانتهاء من التحقيقات وإحالة الإمام ومعاونيه على ابتدائية سطات، قبل إحالتهم على المحكمة التي قررت إدانتهم بالأفعال الإجرامية المنسوبة إليهم، والزج بهم في السجن لقضاء عقوبات حبسية أنهت مسارهم المهني ووضعت حدا لأنشطتهم الإجرامية التي استهانت بالإرث المغربي من معمار تاريخي بهدف تحقيق مآرب شخصية للاغتناء بطرق غير مشروعة.
محمد بها


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى