fbpx
الأولى

المخيمات في مهب الصراعات القبلية

اختطاف عناصر من شرطة «بوليساريو» وحرق روض للحضانة ومكاتب الأمن الجزائري

بقلم: الفاضل الرقيبي

يبدو أن مشاكل وأزمات زعيم “بوليساريو” باتت مثل كرة ثلج تتدحرج ليزداد حجمها. فبعد فضيحة مشاركته الجافة في القمة الإفريقية الأوربية، وما صاحبها من سخرية داخل المخيم، الذي اشتعل في غيابه، على وقع صراع قيادته، التي لم تجد غير النفخ في النعرات القبلية، لكي تستعيد نفوذها أو تحافظ عليه، فقد شهد مخيم السمارة، بداية من الثلاثاء الماضي، أحداث شغب واسعة تمثلت في حرق روض للحضانة بمخيم حوزة، بالإضافة إلى مقر الشرطة، وبعض المكاتب الخاصة بالأمن الجزائري، قبل أن تتوسع رقعة الاحتجاجات إلى مخيم أوسرد، الذي شهد هو الآخر إتلاف خزان الماء الخاص بالقطاع الشمالي، واختطاف ثلاثة عناصر من شرطة “بوليساريو”.
دفعت تلك الأحداث “وزير داخلية” الرابوني ومعاونيه إلى التفاوض مع الخاطفين، وهم مزيج من شباب قبيلة أولاد موسى و”السواعد”، الغاضبين على تصرفات بعض أطر “لبيهات”، داخل استخبارات الجبهة، متهمين إياهم باستهدافهم دون سواهم.
هذا الأمر جعل شباب “لبيهات” يحتشد لأجل الدفاع عن أبناء عمومتهم، وكان ردهم عبارة عن إحراق سيارات الجبهة وتهديد “الوزير الأول” بمنزله في تندوف الجزائرية، وأبلغوا غالي، عبر شيوخهم، أن أي استهداف لأطرهم، أو المس بها، يعني استهدافا للقبيلة برمتها.
وتقف وراء هذه الأحداث قيادات في الجبهة تحاول العودة إلى المشهد داخل المخيم، وعلى رأسها مصطفى سيد البشير، وابن عمه المقال، أخيرا، محمد التلميذي، بينما في الضفة الأخرى لا يزال عمار منصور يحاول الاستثمار في أزمة “لبيهات” وأولاد موسى لأجل إبعاد خصميه عن الساحة، أما أبي بشرايا، فحسب مصادر مقربة من شيوخ أعراش أولاد موسى، فإنه اتصل بهم هاتفيا من لندن، معربا عن دعمه الكامل لكل ما يقوم به الشباب في المخيم، وأن قبيلة أولاد موسى، يجب أن تكون لها حصة ثابتة في عضوية أمانة “بوليساريو”، وقال إن غالي أثبت، أكثر من مرة، أنه يهمش من يحترمه، وعليه فإن مهادنة القصر الأصفر لن تكون موجودة ما لم يحترم مطالبهم.
وكون غويلي وفدا من خطري أدوه وسالم لبصير، لأجل التفاوض مع الأطراف المتناحرة، غير أن شباب قبيلة أولاد موسى وبعض “السواعد” طردوا الوفد من مخيم أوسرد، ورفضوا الاستماع إليهم، متهمين لبصير بالتحيز لـ “لبيهات”، وأنه يخدمهم منذ أن أصبح مقربا من غالي، ورددوا بعض الشعارات التي تطالب خطري أدوه بالعودة إلى بلده موريتانيا، بدل التدخل في مشاكل “الرقيبات” الداخلية.
من جهتهم، احتشد “لبيهات” أيضا، وبتعليمات مباشرة من القيادي المبعد مصطفى سيد البشير، احتشدوا شرق مخيم السمارة بأعداد كبيرة، وأعدوا وثيقة سلموها لسالم لبصير.
وطالبت الوثيقة ذاتها باحترام “لبيهات” باعتبارها أكبر مكون قبيلي أفرزته إحصاءات الأمم المتحدة، ومنحهم مناصب أكثر، والكف عن استهدافهم، وعزل قياداتهم، كما حدث في المراسيم.
ورفع “لبيهات” من سقف مطالبهم إلى زعيم الرابوني، حيث قال شيوخهم إن التعيينات المقبلة في “السلك الدبلوماسي” للحركة يجب أن تكون لهم فيها حصة معتبرة، على خلفية أن أغلب الشباب المتخرج، أخيرا، من الجامعات الجزائرية ينتمون لقبيلتهم، حسب تصريحاتهم، لوفد غويلي.
وتلجأ قيادات “بوليساريو”، أخيرا، إلى أسلوب حشد قبائلها، في محاولة للضغط على جنرالات الجزائر من أجل الحصول على مراكز متقدمة في الرابوني، غير أن هذا الواقع أفرز شرخا واسعا في المخيم، وحوله إلى قبائل متناحرة لا تكاد حرب تنتهي، حتى تشتعل أخرى، وذلك في إطار أسلوب الابتزاز الذي تمتهنه القيادات التي يتم إبعادها عن دكة القيادة بـ “لحمادة”. ولا ضير عندها في استخدام قبائلها وقودا لصراعها الداخلي، وهذا في حد ذاته دليل واضح على أن هذه المجموعة فشلت في إدارة مخيمات صغيرة، وحولتها إلى جحيم. فكيف للعالم أن يثق بها لأجل الدخول في أي تسوية سياسية مستقبلا في الإقليم، الذي لن تسمح أبدا القوات الفاعلة للحظة لتحويله إلى مخيم آخر؟


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.