تنميـة بنفحـة الريـع

الاسثمار العمومي تحكمه البيروقراطية وعدم التنزيل السليم رغم أهمية الاستثمار العمومي، باعتباره قطعة أساسية لتحقيق نمو اقتصادي مهم، وتوفير فرص الشغل وتقليص الفوارق الاجتماعية، عبر إحداث قطاع خاص قادر على المنافسة الدولية، وتقديم دعم للفئات المعوزة والرفع من مستواها المعيشي، إلا أنه على مستوى التنزيل، فهو يعد أقرب إلى المساعدات منه إلى استثمار، وفق شروط علمية واقتصادية، مما زاد في تكريس ثقافة الريع. الحديث عن الاستثمار العمومي، حسب علي بوطيبة، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، يستدعي التوقف عند محطات أساسية، منها أن أي دولة رأسمالية في العالم، ومن بينها المغرب، تخلق طبقة من المستثمرين في جميع القطاعات، لمواجهة المنافسة العالمية، فهي حاجز صد، سيما خلال الهزات الاقتصادية، والدليل، الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات، والذي يعود إلى غياب شركة كبرى رائدة في المجال، من قبيل "لا سامير"، التي كانت تكرر البترول وتخزن احتياطيا كبيرا منه، ما سهل التحكم في أسعاره وطنيا. وأضاف بوطيبة، أن فلسفة الحكم بالمغرب مبنية على نظام اجتماعي، أي تضامن بين جميع طبقاته وانسجامها، فالمغرب للجميع، والكل يستفيد من إمكانياته واستثماراته، ومن هذا الباب، فإن من بين أهداف الدولة حماية الطبقات الفقيرة والهشة، والرفع من مستواها المعيشي، لتشجيعها على استهلاك المنتوجات الوطنية، لخلق طبقة رأسمالية وطنية قوية. وبخصوص الاستثمارات العمومية، أشار علي بوطيبة إلى أن هذه السياسة طبقت منذ ثلاثينات القرن الماضي في العالم، كمخرج للأزمة الاقتصادية العالمية، إذ بحكم أن الرأسمال جبان، استثمرت الدولة في القطاعات الإستراتيجية ذات المدى البعيد، وفي القطاعات الاجتماعية، التي تتطلب نفقات كبيرة، ولا يهتم بها القطاع الخاص، من قبيل بناء الطرق والمدارس والمستشفيات. وأكد أستاذ الاقتصاد أن الاستثمار العمومي له أسباب اقتصادية ذات بعد اجتماعي، منها ضبط السوق ومساعدة طبقة المستثمرين للحفاظ على قوتها، وفي الوقت نفسه إخراج الطبقات الفقيرة من الهشاشة، إلا أن هذا الاستثمار، يؤكد بوطيبة، تشوبه عيوب، جعلته ينحرف عن تحقيق أهدافه المرجوة، بداية أنه لا يخضع لمنطق السوق، وبالتالي نكون أمام مساعدات أكثر منها استثمارا، كما أنه يفرض من المركز، دون إشراك القاعدة عبر قنواتها وممثليها، في اختياره طبيعته والقطاعات المستهدفة، بحكم أنها المعنية بها، ولضمان نسبة كبيرة من النجاح، والنتيجة أن الدولة تخسر أموالا طائلة، وفئة وحيدة فقط من تستفيد من هذا الوضع، وهي طبقة المستثمرين، إذ تتقوى بأموال الدولة، وليس بتشجيع الاستهلاك لجعلها ندا للمنافسة الخارجية، والنتيجة تكريس ثقافة الريع، رغم الشعارات العديدة التي رفعت لمحاربته. وتساءل الخبير الاقتصادي عن دور الجماعات المحلية والجهات في الاستثمار العمومي، إذ رغم أن لها صلاحيات واسعة، أحجمت عن هذه الخطوة، والدليل أن المغرب يشهد فترة جفاف، ولم يعلن عن أي مبادرة محلية أو جهوية لمواجهته، ما يدل على أن الاستثمار العمومي سيظل بيروقراطيا، لن تستفيد منه الطبقات الواسعة، بل الطبقات القوية مرحليا. مصطفى لطفي

التحقيق في هروب جماعي لمختلين عقليا

مجهـود ضيـع الملاييـر بـدون جـدوى

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات