التصريح بممتلكات “المقدمين”

توزيع استمارات على أعوان السلطة تتضمن خاناتها استفسارات دقيقة حول وضعياتهم المالية
شرعت مصالح وزارة الداخلية في توزيع استمارات على أعوان السلطة، “شيوخ” و”مقدمين”، تتضمن خاناتها استفسارات دقيقة عن ممتلكاتهم في إطار آليات خاصة من نظام التصاريح لمحاصرة دائرة فساد أصبحت تورطهم بؤرها في مستنقع التواطؤ مع مافيا تجني الملايير، بسبب غض الطرف عن خروقات يعود اختصاص رصدها وإنجاز البحوث بشأنها إلى سلك الأعوان.
وعلمت “الصباح” أن تقارير للداخلية رصدت تزايد أعداد الأعوان الذين تحولوا إلى ملاك عقاريين ومقاولين، في ظل شبهات شبه مؤكدة بوجود وصمة الاغتناء غير المشروع في ملفاتهم، خاصة في مناطق ازدهار البناء العشوائي الذي يعتبر أكبر مصادر “الإتاوات” غير القانونية.
ولم تتردد المصالح الإقليمية بالإدارة الترابية في إصدار تعليمات بتجميد صلاحيات المئات من أعوان السلطة، في إطار تنزيل مخطط شامل يروم إعادة النظر في خارطة انتشار «المقدمين» و»الشيوخ»، الذين وضعت الداخلية أسماء عدد كبير منهم في لائحة الإحالة على القضاء، بعد ثبوت تورط عدد منهم، إثر عملية تمشيط قامت بها مصالح الاستعلامات وسريات الدرك الملكي.
وعلمت “الصباح” أن تحريات الدرك كشفت وجود غض طرف مشبوه لأعوان سلطة بهدف التستر على اختلالات خطيرة، خاصة في بؤر التسيب العمراني، إذ وقفت عملية تمشيط دوائر البناء العشوائي على محاولات للتستر على خروقات في مجال التعمير وتوزيع عدادات كهربائية على غير مستحقيها.
وساهمت شكايات سكان متضررين من “السيبة” العمرانية في تطويق أملاك الأعوان، بالنظر إلى تورطهم مع بارونات بناء عشوائي حصلوا على شهادات إدارية مزورة ، في مناطق تحولت إلى تجمع تجزئات سرية تباع فيها “صناديق إسمنتية” من مائة متر مربع، وأن أعوانا وضعوا تعريفة للإتاوات حسب نوع البناء العشوائي، تتوزع بين تجهيز الأرضية “الطابلة” والسور والطابق الأرضي والطوابق العلوية.
وحصلت “الصباح” على وثائق مشتركة بين مجالس منتخبة وسلطات محلية ومديريات جهوية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، تكشف تلاعبات وتزويرا، كما هو الحال بالنسبة إلى وكالات خاصة استعملت للتحايل من أجل تمرير تجهيز وتزويد أرض موضوع نزاع بتواطؤ مع عون سلطة يمنح حق الاستفادة، بناء على طلبات باسم أشخاص وهميين، للتستر على بارونات في البناء العشوائي متورطين في السطو على أملاك الغير.
ولم تجد الإدارات المركزية للداخلية بدا من إطلاق إعادة الانتشار شاملة لأعوان السلطة، بفتح ملفات 25 ألفا من أعوان السلطة، تنفيذا للتصور الذي وضعه الوزير، عبد الوافي لفتيت لتغيير طريقة العمل، وجعلها أكثر فعالية في خدمة المواطنين، ورفع منسوب الثقة في الإدارة في ظل تنامي احتجاجات وانشغالات مختلف الشرائح المجتمعية.
وشكلت خروقات التعمير أهم عامل في إنهاء مسارات «مقدمين» و»شيوخ»، وذلك بالنظر إلى الاختلالات والنواقص التي تضمنتها تقارير رفعت إلى المصالح المركزية للداخلية، بالتزامن بدء مع العمل بالإجراءات القانونية الجديدة في التعمير، خاصة في مجال توحيد وتبسيط المساطر ومراقبة وزجر المخالفات، بعد مراجعة المقتضيات، ذات الصلة، التي كانت مشتتة بين ثلاثة قوانين، هي القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير والقانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وكذا ظهير 1960 المتعلق بتوسيع البنايات القروية.
ياسين قُطيب