رهانات تأهيل الرأسمال البشري

الحكومة تقطع مع المقاربات السابقة وتعيد الاعتبار إلى التدريس والتكوين من منطلق رؤية واضحة يأتي الإصلاح التعليمي في سياق الدينامية التنموية التي تروم تأهيل الرأسمال البشري باعتباره محددا حاسما في المسار التربوي، فضلا على أنه رافعة رئيسة لتنافسية الاقتصاد الوطني. ويندرج الإصلاح، أيضا، في سياق التنزيل الفعلي للنموذج التنموي الجديد بما يلبي تطلعات وانتظارات المواطنين، لتحقيق نهضة تربوية تسمح ببناء مدرسة عمومية ذات جودة، وتضمن تعليما جيدا للتلاميذ، يساهم في تنمية قدراتهم، ويحقق ارتقاءهم الاجتماعي، تنزيلا لأحكام القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. ويتطلب التنزيل الأمثل لأوراش التغيير الهيكلي للمدرسة، اعتماد مقاربة فعالة لقيادة مبنية على المقاربة بالنتائج وتحسين المكتسبات المدرسية للتلاميذ، والتقليص من الهدر المدرسي باعتبارهما مؤشرين أساسين في تقييم أداء المنظومة التربوية على كافة المستويات. وتستند هذه المقاربة على مبدأ أساسي يرتكز على تثمين الموارد البشرية ودعم قدراتها التدبيرية وخاصة الفاعلين التربويين، وتحسين جودة تكوين هيأة التدريس، وجعل مهنة التدريس أكثر جاذبية وفق منهجية شمولية وفعالة تشمل تجويد الانتقاء الأولي، ومهننة التكوين الأساس، والتطوير الأمثل للإستراتيجية الوطنية للتكوين المستمر مع مراعاة الأولويات الوطنية، واعتبار مباريات توظيف الأطر النظامية للأكاديميات مدخلا بالغ الأهمية لتحقيق الإصلاح المنشود. ويندرج تعزيز تأهيل المدرسين في صميم النموذج التنموي الجديد الذي جعل تقييم الأداء هو المعيار الوحيد للترقي في مسارهم الوظيفي، لتحسين جودة مهن التدريس وتطوير شعب التكوين المستمر في أفق استقطاب التلاميذ المتميزين بمجرد حصولهم على الباكلوريا، لتوفير تعليم جيد يقدمه مكونون أكفاء، باعتماد طرق التدريس القائمة على البحث العلمي. ونظرا لأهمية التكوين المستمر للمدرسين، شددت لجنة النموذج التنموي في تقريرها، على ضمان جودة التعلم، والقيام باستثمارات مهمة في مجال التكوين المستمر لهيأة التدريس، باعتماد نظام لتدريب المدرسين المزاولين حاليا، يقوم على برامج التكوين، بإسناد المهمة إلى جهاز جديد يكون بمثابة سلطة للتقنين، ومركز للخبرة ووكالة موارد، ويعهد إليه ضمان جودة تكوين المدرسين وتقديم الدعم اللازم للمؤسسات المختصة، إضافة إلى ذلك، تجب مراجعة النظام الخاص الحالي المتعلق بالمدرسين لمنحهم آفاق أفضل في الترقي والراتب، علاوة على الاعتراف بأهميتهم، كما يجب ربط نظام ترقيهم بتقييم دقيق لأدائهم، سيما أثر التعلم على التلاميذ. ويعتبر بناء رأسمال بشري ذي جودة عالية، من أهم قرارات لجنة النموذج التنموي الجديد الذي خصص حيزا مهما لمجال التربية والتعليم، لما يشكلانه من أهمية قصوى في أي اصلاح اجتماعي يهدف وبشكل أفضل للمستقبل، وما يتطلبه ذلك من نهضة تربوية ناجمة عن تحول عميق للمدرسة المغربية، التي تبذل جهودا لإرسائها وفق نماذج جديدة مسخرة لإعداد أجيال شابة تتمتع بالاستقلالية وقادرة على اختيار مشاريعها الشخصية وممارسة حقوقها في تلازمها بواجبات المواطنة. ومن شأن الاعتماد على مدرسة عمومية تعتمد على مدرسين ذوي مؤهلات معرفية ومهنية عالية، إعادة الثقة إلى الأسر المغربية، ويساهم في إمداد المتعلمين بمختلف القدرات الأساسية التي تغدو ضامنة لمبادئ تكافؤ الفرص، من خلال تكوين وتحفيز جيدين للمدرسين حتى يصبحوا ضامنين للتعلمات، ومع جديد المحتويات والطرق البيداغوجية لضمان تعليم فعال ومحفز، لتحقيق نهضة تعليمية سترفع بحلول 2035 سقف المعرفة العلمية الرصينة التي تدمج كل المتمدرسين في سيرورة المجتمع وتفاعلاته الجديدة، وتجسد التحولات العميقة في مجال المعرفة التي تتطور بشكل سريع في تناغم مع الثورة التكنولوجية الحديثة في مجال التواصل والإعلام. سعيد فالق (بني ملال) تصحيح المسار رغم الإصلاحات التي تعاقبت منذ ميثاق 1999 بهدف تصحيح الاختلالات العميقة التي كانت تعرفها منظومة التربية والتكوين، تبين وجود تعثرات تعود بالأساس إلى تباين مستوى المدرسين. وحسب تقرير النموذج التنموي الجديد، فإن مهن التدريس لم تكن تستقطب أفضل المرشحين ما تؤكده الإحصائيات التي كشفت عن نسبة مهمة من المدرسين الشباب الحاصلين على شهادة الباكلوريا لا يتوفرون على ميزة، فضلا على أن ربعهم فقط من هو في سن 18، وأن قدراتهم المهنية والمعرفية لا تؤهلهم لأداء مهمتهم بنجاح، الأمر الذي يستدعي تبني مقاربات جديدة في الانتقاء لتتماشى مع النموذج التعليمي الجديد. س.ف

رهانات تأهيل الرأسمال البشري

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لقطات

راصـــــــد

مقالات ذات صلة