حكومة ملقحة ضد “صداع” الأغلبية

الانسجام خيم على مكونات فريق أخنوش وأصوات الممانعة تحولت إلى منصات دفاع عنه بعد مرور 100 يوم، لم يظهر أن هناك "توترا داخليا" بين مكونات الأغلبية، وحتى عندما بدأت حرائق تشتعل داخلها على مستوى مؤسسة التشريعية، بقيادة نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، عمل زعماؤها الثلاثة على إخمادها. وتحول عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، عندما نشب خلاف بسيط بين هشام لمهاجري من فريق الأصالة والمعاصرة ومعه 7 نواب من التجمع الوطني للأحرار مع فوزي لقجع، بخصوص القراءة الثانية لمشروع قانون المالية ل2022، العائد من مجلس المستشارين، إلى رجل إطفاء، وأنهى "سوء الفهم" بين الأطراف بسرعة قياسية. ولم ينفك أي مهتم تابع مسلسل مشاورات تشكيل الحكومة، من ملاحظة تردد مفهوم الانسجام لحظة المشاورات بقوة. فكل حجج أخنوش وحلفائه، كانت صحيحة ووجيهة إلى حدود الساعة، حيث يطغى الانسجام والتنسيق بين مكوناتها، رغم أن لا أحد من الأحزاب، ساند عبد اللطيف وهبي في الهجومات التي تعرض لها من قبل أطراف مختلفة، وترك لوحده يواجه الأمواج العاتية للمحامين وغيرهم. ونظرا لأهمية شرط "الانسجام"، وضرورة توفره في عمل أي فريق حكومي، فقد تناولته الأحزاب في مشاوراتها، قبل خروج الحكومة إلى الوجود، إذ شدد أخنوش على عدم تسامحه مع أي تساهل مع شرط انسجام الفريق الحكومي وفعاليته، وهو ما أثمر حكومة مشكلة فقط من 3 أحزاب، لم تظهر عليها إلى حدود اليوم أي أعراض لمرض عدم الانسجام، الذي كان سائدا في الحكومتين السابقتين، بقيادة العدالة والتنمية. ويظهر أن أخنوش نجح بعد مرور 100 يوم، في تحقيق أهداف الأغلبية المريحة والمنسجمة، ويظهر ذلك من خلال تغير خطاب عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، الذي تحول إلى محام مخلص يدافع عن أخنوش، بعدما كان يقول فيه ما لم يقله مالك في الخمر. ومن حسنات الحكومة المقلصة، هو الانسجام، وعدم سقوطها في مطب إرضاء رغبات أحزاب سياسية، وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية، حيث يصعب معها تصور أي انسجام يذكر في البرامج والأهداف والرؤية. فالحكومة كما قال جلالة الملك في إحدى خطبه، هي "برنامج واضح، وهيكلة فعالة ومنسجمة، تتلاءم مع البرنامج والأسبقيات. وهي كفاءات مؤهلة، باختصاصات قطاعية مضبوطة". وبعد التطورات الغريبة التي عاشها المشهد الحزبي في السابق، ها هي حكومة أخنوش اليوم، نجحت في إحداث تقاطبات غير مسبوقة في التاريخ السياسي الوطني، وفق مقاربة سياسية، بمعايير مستوحاة من أدبيات ومبادئ العمل الحزبي الجاد، التي استدعت مبررات وأهدافا واضحة، تماما كما نلحظها اليوم في حكومة أخنوش، التي يعيش أعضاؤها تضامنا غير مسبوق. لقد بات واضحا للجميع، أن الانسجام الذي تحدث عنه أخنوش قبل ميلاد حكومته، هو بمعيار جدي، وهو حجم الانخراط في عدم معاكسة تنمية البلاد والعباد. فكلما ابتعد حزب من أحزاب الأغلبية الحكومية، عن مفهوم الانسجام، وحارب أطروحة ومواقف الحليف، ومواقفه السياسية، كلما دخل في دائرة عدم الانسجام بالنسبة إلى رئيس الحكومة، وكلما اقترب حليف من الحلفاء من المواقف السياسية لحليف آخر، واصطف إلى جانبه، كلما ارتفع منسوب الانسجام في إطار رؤية جديدة لمفهوم الانسجام الحكومي. ويعتقد البعض، أن الانسجام كما يتصوره أخنوش، يعني ببساطة الدخول تحت وصايته والقبول به زعيما فوق العادة، ووضعه في موضع رئيس الحكومة، الذي لا يأتيه الباطل، وهو حكم قيمة غير صحيح. عبد الله الكوزي

حكومة ملقحة ضد “صداع” الأغلبية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحسم في مستقبل التعليم

مدة غير كافية للتقييم

مقالات ذات صلة