والي أمن مكناس قال إن الإجراءات الاستباقية وتنشيط البحث في الاستخبار الجنائي ساهمت في الاستقرار الأمني كشف الصادق الطرشوني، والي أمن مكناس، العديد من المعطيات عن الوضع الأمني بالعاصمة الإسماعيلية، وعن طرق وآليات تدخل مختلف الأجهزة الأمنية الولائية من أجل اجتثاث منابع الجريمة والتصدي للخارجين عن القانون. وأضاف الوالي، في حوار مع "الصباح"، ان إستراتيجية الأمن بمكناس تقوم على العديد من المقاربات، التي اثبتت فعاليتها. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: حميد بنتهامي (مكناس) << ما هي الإستراتيجية المعتمدة لمحاربة الجريمة ؟ > ترتكز استراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني، منذ تولي عبد اللطيف حموشي، منصب المدير العام للأمن الوطني، ومديرية مراقبة التراب الوطني، على محاور متكاملة، تتمثل في الوقاية من الجريمة، عبر الحضور المكثف للدوريات الأمنية بالشارع العام، وزجر مختلف مظاهر الانحراف والجنوح من خلال تدعيم التدخلات الميدانية لمكافحة الجريمة، والنهوض بالعمل الاجتماعي بالإضافة إلى الانفتاح و التواصل مع المحيط الخارجي. وتنزيلا للمحاور الكبرى التي سطرتها المديرية العامة للأمن الوطني، فإن ولاية أمن مكناس تعمل جاهدة وفق مخطط أمني شامل ومندمج وذي أهداف محددة، يروم تحقيق مقاربة متعددة الأبعاد، يتكامل فيها الشق الوقائي عن طريق توزيع العنصر البشري بطريقة مدروسة بغية تحقيق حضور أمني دائم بمختلف ربوع المدينة، بالبعد الزجري عبر تشخيص طبيعة الجريمة و بلورة طرق محاربتها سواء في الحالات العادية أو الاستثنائية، خاصة في ما يتعلق بمحاربة الجريمة العنيفة والاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية والجرائم الماسة بالممتلكات، كما ركز أيضا الأمن الولائي على الانفتاح و التواصل مع المحيط الخارجي، تحقيقا لمفهوم الشرطة المواطنة. << هل يمكن القول أن المدينة اليوم آمنة؟ > أجل، يمكن القول إن مكناس آمنة بكل المقاييس، على اعتبار أن مجمل الجرائم المسجلة بهذه المدينة مرتبطة بسلوكات وأخلاقيات ذات صلة بشخص مرتكبيها وغالبا ما تكون بمحض الصدفة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا تحدثنا عن جرائم العنف أو الضرب والجرح المؤدي إلى الموت باعتبارها أخطر الجرائم، فالمسجل في هذا النوع من الجريمة خلال السنة الماضية، لا يتجاوز عددها الستة، كلها مرتبطة بخلافات وشجارات بين أطراف تجمعهم إما صداقة أو قرابة أو جوار تطور إلى استعمال سلاح أبيض نتج عنه موت أحد الأطراف. أما إذا تحدثنا عن السرقات التي تم تسجيلها على مستوى المصالح التابعة لهذه الولاية الأمنية، فتجدر الإشارة إلى أنه فور تسجيل أي حالة تنكب عليها مصالحنا على الفور بكل مكوناتها المتخصصة وفرقها التي تعتمد وسائل بحث علمية حديثة ومتطورة ، إذ سرعان ما يتم تشخيص مرتكبيها وإيقافهم في وقت وجيز مما يشكل دعما نفسيا للضحايا وإحساسا بالأمن، فيما يمكن القول إن الجريمة المنظمة منعدمة تماما على مستوى هذا الأمن الولائي. << هل تغيرت خارطة الجريمة بمكناس مع ظهور كورونا؟ > كلنا نعلم الظروف الوبائية الاستثنائية التي عاشها ولا زال يعيشها العالم بسبب كورونا، وما نتج عن ذلك من تغيرات شملت جل المجالات، كذلك هو الشأن بالنسبة إلى خريطة الجريمة بمكناس التي عرفت تغييرا يمكن القول انه تغيير للأفضل، على اعتبار أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات العامة مع ظهور فيروس كورونا والتخفيف منها على مدار السنتين، جعلت الشارع العام تقل فيه حركة التجوال، سواء بالنسبة إلى الراجلين أو مستعملي المركبات، وهو الأمر الذي مكن مصالحنا الأمنية من التحكم بشكل أكبر في مختلف مظاهر الانحراف من قبيل ( الضرب والجرح، السكر العلني البين ، السرقات بالشارع العام، حوادث السير ..الخ) . و في السياق ذاته، و على ضوء تحليل الإحصائيات المتعلقة بالجريمة بصفة عامة على مستوى النفوذ الترابي لهذا الأمن الولائي خلال 2021، ومقارنتها بتلك المسجلة 2020، يتبين أن الإجراءات الاستباقية التي تم اتخاذها طيلة فترة الحجر الصحي و استمرار سريان حالة الطوارئ الصحية، بالإضافة إلى تنشيط البحث في مجال الاستخبار الجنائي، ساهمت في استقرار الوضعية الأمنية و تحسين مؤشرات محاربة الجريمة على مستوى جل المصالح التابعة لولاية الأمن و التي تتجسد في تراجع العدد الإجمالي للقضايا المسجلة خلال 2021، بنسبة ناقص10.53%، والنتائج الايجابية نفسها تم تسجيلها في مجال نسبة الإنجاز، حيث بلغت 86.95% على مستوى مكناس . تراجع ملموس << كيف تفسرون هذا التراجع؟ > إن هذا التراجع الملموس المتعلق بالقضايا المسجلة خلال 2021 يجد تفسيره بالأساس في : - ملاءمة كل السياسات الأمنية المتخذة محليا مع التدابير المتأرجحة بين التشديد و التخفيف الخاصة بحالة الطوارئ الصحية، وما يترتب عنها من حركية الشارع العام الكثيفة في فترات معينة. - القيام بدراسات دقيقة لمختلف مظاهر الجريمة و تشخيصها و بلورة خطط أمنية ذات أهداف محددة ساهمت بشكل كبير في تحصيل هذه النتائج الايجابية في بعديها الوقائي (%10.53- في القضايا المسجلة) والزجري 86.95 % (نسبة إنجاز). هذه خطتنا لمحاربة البؤر السوداء << هل هناك خطة خاصة لمحاربة الجريمة في بعض البؤر ؟ > كغيرها من المدن، فإن مكناس تضم مجموعة من الأحياء الساخنة إضافة إلى بعض النقط السوداء، وفق ما أبانت عنه دراسة وتقييم الظاهرة الإجرامية من قبل فرق متخصصة في هذا الشأن، مما حدا بولاية أمن مكناس أن توليها حيزا مهما من عملياتها الأمنية. ومن أجل تحقيق تغطية أمنية شاملة بهذه الأحياء إلى جانب الأحياء والنقط الأخرى بالمدينة في إطار الإستراتيجية الاستباقية التي تنهجها المديرية العامة للأمن الوطني، فإن ولاية أمن مكناس اعتمدت خطة أمنية ميدانية بمشاركة جميع المصالح العملياتية التابعة لهذا الأمن الولائي بطريقة تضمن الانتشار المعقلن والمدروس للعنصر البشري، حسب خصوصيات كل حي أو نقطة على حدة، حيث يتم من خلالها التركيز على إيقاف أكبر عدد من الأشخاص المبحوث عنهم، وكذا الأشخاص المتحوزين بالأسلحة البيضاء ومروجي المخدرات و المؤثرات العقلية وكذا مروجي المشروبات الكحولية بدون رخصة، و حالات السكر العلني البين و التخدير، باعتبار أن هؤلاء الأشخاص غالبا ما يكونون وراء ارتكاب جرائم أخطر من التي ضبطوا متلبسين بها، بالإضافة إلى مسهم بسكينة و طمأنينة السكان. << ماهي أهم أسس الخطة الأمنية التي تعتمدون عليها؟ > من خلال ما سلف يمكن تلخيص الخطة الأمنية المفصلة أعلاه في النقاط التالية : - الانتشار الجيد والمعقلن للعناصر الأمنية الميدانية بجميع قطاعات المدينة. - الاستباق في التصدي لكافة الأفعال الإجرامية عن طريق الانتشار الدائم و المستمر في الميدان 24/24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع . - برمجة عمليات أمنية نوعية بمشاركة جميع المصالح التابعة لهذه الولاية الأمنية. - تفعيل الدور لاستعلاماتي من أجل إماطة اللثام عن مجموعة من الأفعال الجرمية و إحباطها في مهدها. - التواصل مع هيآت المجتمع المدني وممثلي الأحياء السكنية لأنهم يشكلون شريكا مهما في تحقيق مقاربة أمنية فعالة. فرق خاصة لمواجهة الجريمة السيبيرانية << ماذا عن الجريمة المعلوماتية و طرق محاربتها؟ > نظرا للطفرة النوعية التي عرفها مجال المعلوميات وما صاحبه من استغلال بعض الجانحين لهذه الأساليب في تنفيذ مخططاتهم الإجرامية، طفت على السطح مجموعة من السلوكات الشاذة، والتي نعرض منها على سبيل المثال لا الحصر ( الابتزاز ، التشهير ، القرصنة، النصب و الاحتيال الإلكتروني، والتجارة الالكترونية في السلع غير المشروعة، واستغلال الأطفال و الاعتداءات الجنسية عليهم ... الخ)، وفي إطار مواكبة المديرية العامة للأمن الوطني للتطور الذي عرفه هذا النوع من الجرائم ، فقد تبنت بشكل فعال الانخراط في هذا المشروع عبر إطلاق مجموعة من الأوراش التكوينية في هذا الشأن سواء على الصعيد المركزي أو اللامركزي، من أجل التصدي لهذا النوع من الأساليب الإجرامية الحديثة، والذي توج بإحداث عدة فرق متخصصة ومتمرسة مكونة من أطر خاضعة لتكوين خاص وفق المعايير الدولية المعتمدة، والتي أنيط إليها البحث والتحري في مجال الجريمة السيبيرانية. وعلى صعيد ولاية أمن مكناس، فإن هذه الأخيرة تتوفر على فرقة متخصصة "الفرقة الولائية لمحاربة الجريمة المرتبطة بالتكنولوجية الحديثة" على رأسها إطار متمرس و متخصص يتولى رفقة مساعديه البحث في القضايا ذات الصلة، باعتماد الوسائل و التقنيات الحديثة ذات المعايير الدولية التي وفرتها المديرية العامة للأمن الوطني لهذا الأمن الولائي، حيث عالجت هذه الفرقة ما مجموعه 127 قضية ذات الصلة. << هل تفاقمت الجرائم المالية خلال الفترة الأخيرة؟ > باعتبار المهام الشرطية تقتضي التصدي لجميع الأفعال الجرمية بصفة عامة لما تحدثه هذه الأخيرة من اضطراب اجتماعي، و صونا لحياة الأشخاص وحماية لممتلكاتهم من أي ضرر قد يلحقها، خصصت المديرية العامة للأمن الوطني فرقا يعهد إليها مباشرة جميع القضايا المرتبطة بهذا النوع من الجرائم. وتنزيلا لاستراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني في هذا الشأن، فإن ولاية أمن مكناس تتضمن داخل هيكلة المصلحة الولائية للشرطة القضائية فرقتين اقتصاديتين وماليتين تتوليان البحث في القضايا ذات الصلة من قبيل قضايا (النصب، الشيك ، الاختلاس، خيانة الأمانة، الغدر ،الرشوة ...إلخ)، هاتان الفرقتان اللتان يترأسهما إطاران متمرسان في هذا المجال، إذ خضعا لمجموعة من الدورات التكوينية المستمرة التي تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني، حيث باشرت هاتان الفرقتان البحث خلال 2021 في ما مجموعه 2154 قضية. مجهودات لتطبيق الإجراءات الاحترازية بمجرد الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية وما رافقها من إجراءات احترازية تهدف إلى المحافظة على الأمن الصحي للمواطنين المغاربة و المقيمين و الأجانب على حد سواء، ووفقا للإستراتيجية الوطنية التي تنهجها المديرية العامة للأمن الوطني في هذا الشأن، عملت ولاية أمن مكناس من خلال تسخير جميع الموارد البشرية وكذلك الإمكانيات اللوجيستيكية الموضوعة رهن إشارتها، و كذا باقي المناطق الأمنية و مفوضيات الشرطة التابعة لها، على اتخاذ مجموعة من التدابير والترتيبات للحفاظ على تطبيق الإجراءات الاحترازية، من قبيل نصب مجموعة من السدود القضائية و أيضا عدة نقط مراقبة في مداخل المدينة ككل، كان الهدف منها الوقوف والحرص الشديد على مراقبة مدى تقيد مستعملي المركبات بالضوابط القانونية التي حتمتها الظرفية ، كالتوفر على رخص التنقل بين المدن الذي كانت تسلمها السلطات المحلية ، أيضا في ما يتعلق بالمجال الحضري و داخله بمدينة مكناس فإن جميع المحاور الرئيسية و كذا الأحياء عرفت نصب مجموعة من نقط المراقبة، والتي هدفها الأساسي ليس تقييد حرية المواطنين ،وإنما تقنين هذه التنقلات بطريقة تتوافق مع التصاريح الخاصة بالخروج الاستثنائي التي كانت تسلم من قبل السلطات المعنية ووفق ما هو منصوص عليه بالقرارات الصادرة عن السلطات العامة . بورتري التحق الصادق الطرشوني، والي أمن مكناس، بصفوف الأمن الوطني في 1991 ، بعد اجتياز مباراة ضباط الشرطة بنجاح، إذ بعد انتهاء فترة التكوين الأساسي بالمعهد الملكي للشرطة، تم تعيينه بالمصلحة الإقليمية للمستندات العامة والتقنين بالأمن الإقليمي بمكناس التي تدرّج بمختلف فرقها وأقسامها. وإثر اجتيازه في 1995 لمباراة عمداء الشرطة بنجاح، شغل منصب رئيس المصلحة الإقليمية للمستندات والتقنين بالمدينة نفسها، قبل أن ينتقل سنة 2001 ليشغل منصب رئيس مصلحة الاستعلامات العامة بمنطقة أمن السمارة ، وبعدها رئيسا للمنطقة الأمنية نفسها. وفي 2006 تم تعيينه رئيسا للمصلحة الولائية للاستعلامات العامة بولاية أمن العيون، قبل أن ينتقل في 2012 بعدما قضى اثنتي عشرة سنة من العمل بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وهي الحقبة التي لا يخفي فخره واعتزازه بها، ليشغل منصب رئيس المنطقة الإقليمية للأمن بالحاجب، ومن تم تعيينه في 2013 رئيسا لمنطقة أمن مكناس المدينة. تدرّجه في المهام وتسلقه في الرتب واكتسابه لخبرة واسعة ومتنوعة في مجال التدبير اليومي لمصالح الأمن الوطني، أهلته في 2015 لتقلّد منصب نائب والي أمن مكناس. وفي 2019 حظي بثقة المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني ليتم تعيينه على رأس ولاية أمن مكناس ثم أعقبتها ترقيته إلى رتبة والي أمن. عرف بشغفه و تعطشه للمعرفة، فهو حاصل على شهادة الإجازة في القانون الخاص بكلية العلوم الاقتصادية والقانونية والاجتماعية الحسن الثاني بالبيضاء، ودبلوم الماستر شعبة قانون المنازعات الإدارية، علما أنه بصدد إعداده لأطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في شعبة القانون موضوع رسالتها: "التعاون الدولي الأمني في محاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود المغرب نموذجا"، كل هذه المؤهلات جعلت منه شخصية ميدانية مشبعة بالثقافة القانونية والحقوقية ورجل تواصل بامتياز. هو أب لأربعة أبناء، فخور بأنه استطاع تحقيق التوازن بين عائلته الصغيرة وعمله....