أبرزها تدبير كورونا وإنقاذ الأندية والبطولة والإدارة التقنية واستحقاقات المنتخب تنتظر الرياضة الوطنية امتحانات حاسمة في العام الجديد، لمدى قدرتها على تجاوز أزماتها، ونجاعة أوراش التطوير، التي تم تبنيها، في عدة أنواع. وتتجه الأنظار على الخصوص إلى كرة القدم في 2022، بحكم الاستحقاقات التي تنتظر المنتخب الوطني الأول، الذي لم يحقق أي شيء يذكر في السنوات الماضية، رغم العناية الكبيرة التي يحظى بها. وتواجه الكرة الوطنية أيضا امتحانا خاصا، في ما يتعلق بتدبير فيروس كورونا، وتأثيره على الأندية والتظاهرات، وبمواجهة الأزمة المالية ومشاكل التسيير في أغلب الفرق، التي وصل بعضها إلى مرحلة الإفلاس. وفي باقي الأنواع الرياضية، التي بلغت مرحلة السكتة القلبية، فإن الآمال معلقة عليها ليس لتحقيق الإنجازات، بل لتصحيح أوضاعها واختلالاتها. 1 - هل سننتصر على كورونا؟ يعتبر تدبير فيروس كورونا أكبر تحد للرياضة الوطنية في العام الجديد، في ظل مخاوف من انتكاسة جديدة، واستمرار منع الجماهير من حضور التظاهرات الرياضية، وإغلاق الرحلات الجوية، والخوف من إغلاق القاعات. وتكبدت الأندية الرياضية، خصوصا في كرة القدم، خسائر مالية كبيرة، بفعل منع الجماهير من حضور المباريات، خصوصا الأندية التي لها قاعدة جماهيرية كبيرة، مثل الوداد والرجاء واتحاد طنجة، والتي تشكل عائدات بيع التذاكر نسبة كبيرة من ميزانيتها السنوية. وأثر منع الجمهور أيضا على عائدات الإشهار التي تراجعت بشكل كببر، ما يطرح تحديا كبيرا على الأندية، للبحث عن موارد جديدة، ونهج سياسة للتقشف والاهتمام بالتكوين، عوض إنفاق المال لانتداب لاعبين جاهزين. ويتخوف أطباء الأندية من موجة كبيرة للفيروس، على غرار موسم 2020، حيث أصيب عدد كبير من اللاعبين، ما فرض غيابهم لفترة طويلة عن الملاعب، كما ألغيت عدة مباريات، بفعل قيود التنقل، والإجراءات الاحترازية. 2 - هل ستنقذ الأندية من الإفلاس؟ دخلت أندية كرة القدم في السنوات الماضية مرحلة عسر مالي كبيرة، جلعت عددا منها عاجزا عن الوفاء بالتزاماته، وفق العقود الاحترافية الموقعة مع اللاعبين والمدربين. وسجلت أغلب الأندية ارتفاعا مهولا للديون والنزاعات، فيما نزلت فرق عديدة إلى أقسام سفلى، ما جعل النجاعة تفرض مجموعة من الضوابط لتقنين الإنفاق في الأندية، وتحقيق حد أدنى من التوازن المالي، وهي خطة ستكون السنة الجديدة مناسبة للحكم على نجاعتها. وفرضت الجامعة على الأندية قيودا في ما يتعلق بالانتدابات، من خلال منع أي فريق لا يتوفر على الضمانات ولديه ملفات نزاعات وديون من انتداب لاعبين، لتقليص نسبة الإنفاق، لكن يعاب على اللجنة المختصة تساهلها في هذا الجانب، إذ أن أغلب الفرق مازالت تنتدب اللاعبين بشكل عاد. ولجأت الأندية إلى الاستعانة بمنح مجالس الجهات، ومجالس الجماعات الترابية، من خلال توقيعها اتفاقيات شراكة لدعمها، متحدية دورية وزير الداخلية، القاضية بتحديد الأولويات، في ظل الظروف التي تعيشها البلاد، لكن ذلك لم يسعف في تجاوز الأزمة. ولم تستطع أغلب الفرق وضع مخططات لتصحيح الوضع المالي، وتغيير إستراتيجياتها في الإنفاق من خلال الاهتمام بالتكوين، إذ تبين أن جل الفرق مازالت تصر على الانتداب، بل إن فرقا تنتدب أكثر من 15 لاعبا كل موسم. 3 - هل ستبقى الشركات على الورق؟ بعد انقضاء المهلة التي منحتها الجامعة للأندية لإنشاء الشركات العام الماضي، دون أن تلتزم بها، فإن السنة الجديدة تشكل آخر فرصة لهذه الفرق، لتفعيل الشركات. وتراهن جامعة كرة القدم على الشركات لتحسين الحكامة في الأندية، وإرساء آليات للمراقبة، لكن أغلب الفرق تأخرت كثيرا في هذا الورش، رغم استفادتها من تحفيزات عديدة، خصوصا من الناحية المالية، إذ حصل كل ناد أنشأ شركة على 750 مليونا. ورغم إنشاء الشركات، فإن علامات استفهام كبيرة تطرح حول تفعيلها وممارسة صلاحياتها، ذلك أن أغلب الأندية مازالت تعتمد في التسيير على أعضاء المكتب المسير للجمعية، رغم الطابع الهاوي لهذا الإطار. ويحتاج ملف الشركات الرياضية للأندية إلى مواكبة خاصة، سيما أن القانون يلزم هذه الأندية بذلك، كما انها استفادت من مبالغ كبيرة، مقابل تأسيسها، لكن تلك المبالغ تم إنفاقها لتغطية مصاريف أخرى، ما يثير علامات استفهام كبيرة، حول استثمار مبالغ مالية دون مراقبة صرفها. 4 - كيف يمكن إنقاذ البطولة؟ تعيش البطولة الوطنية مواسم عجافا، بسبب عدة مشاكل في البرمجة، واضطراب المنافسات، إثر انتشار فيروس كورونا، ما أدى إلى ضغط المنافسات، إضافة إلى تأثير ذلك على اللاعبين وأدائهم في المباريات، ما نتج عنه تراخ لافت لمستوى التباري، وحدته، وإيقاع اللعب، وجاهزية اللاعبين وجودتهم. وإضافة إلى هذا المشكل، صار اللاعبون في البطولة الوطنية يواجهون مصاعب كبيرة في استخلاص مستحقاتهم من الأندية التي يمارسون بها، جراء سوء التسيير والأزمات التي تعانيها هذه الفرق. وارتفعت أعداد ملفات النزاعات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وصل بعضها إلى الاتحاد الدولي، فيما صدرت عقوبات في حق بعض الفرق، لكن دون أن يتوصل لاعبوها بمستحقاتهم. وتراجع التحفيز المالي للاعبين، بفعل هذه العوامل، ما أدى إلى عزوف الأطفال والشباب عن الانخراط في الأندية والجمعيات الرياضية. وبات ملف البطولة الوطنية أكبر ورش يتعين على الجامعة مناقشته، من خلال إيجاد تصور لإنقاذها، في ظل عجز العصبة الاحترافية عن القيام بهذا الدور، وعدم ممارستها لصلاحياتها. وتعاني البطولة أيضا مشاكل جراء هزالة عائدات النقل التلفزيوني، وهو ملف صار يفرض نفسه بشكل قوي، في ظل ارتفاع مصاريف الأندية، وسوء توزيع العائدات، الذي لا يميز بين الأندية المجتهدة والتي لها قاعدة جماهيرية كبيرة، وبين الأندية المتقاعسة. ويزيد سوء النقل التلفزيوني ورداءة التعليق والتحليل في الصورة القاتمة لكرة القدم الوطنية، والتي تعاني مشاكل أخرى، أبرزها هشاشة تسيير المنافسات بشكل عام، وضعف التحكيم، وأزمة الثقة في هذا الجهاز. 5 - بلوغ المونديال... أم المباريات سيخوض المنتخب الوطني الدور الفاصل المؤهل إلى مونديال قطر 2022 في مارس المقبل، بعدما تأهل إليه بالعلامة الكاملة. واكتسح المنتخب الوطني منافسيه ذهابا وإيابا، مستفيدا من خوض جميع المباريات في المغرب، بسبب الانفلات الأمني في بعض الدول الإفريقية، كما هو الحال بالنسبة إلى غينيا كوناكري، وعدم مطابقة ملاعبها للمعايير المحددة، من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، على غرار السودان وغينيا الاستوائية. ورغم مشاركته المتكررة في نهائيات كأس أمم إفريقيا، إلا أن المنتخب الوطني يركز على التأهل إلى المونديال، إذ يعتبره محطة أساسية لتأكيد مكانة الكرة المغربية بين نظيراتها العالمية، وهو ما أكده وحيد خاليلوزيتش، الناخب الوطني، في الندوة الصحافية، المنعقدة أخيرا بمركز محمد السادس في المعمورة، ضاحية سلا، عندما قال إن التأهل إلى المونديال يعد أولوية كبرى بالنسبة إليه، متمنيا أن يصبح المدرب الوحيد في العالم، الذي يحقق هذا الهدف مع أربعة منتخبات مختلفة، وهي كوت ديفوار والسنغال واليابان. واستفاد المنتخب الوطني من ترتيبه العالمي، الصادر من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، والذي وضعه ثانيا على المستوى الإفريقي، و28 عالميا، ما يعني أنه ضمن الخمسة الأوائل، الموجودين على رأس المجموعات، ويتعلق الأمر بالمغرب والسنغال وتونس والجزائر ونيجيريا، وبالتالي سيتفادى المنتخب الوطني مواجهة هذه المنتخبات المصنفة، على أن يلتقي بأحد المنتخبات الموجودة في القبعة الثانية، وهي مصر والكونغو الديمقراطية والكامرون ومالي وغانا. وسيكون المنتخب الوطني أمام امتحان صعب، وهو يخوض الدور الحاسم المؤهل للمونديال، بالنظر إلى قوة المنتخبات المؤهلة، إضافة إلى رغبة الجامعة، ومعها خاليلوزيتش في ربط الماضي بالحاضر، وبلوغ نهائيات كأس العالم للمرة السادسة في تاريخ الأسود، بعد سنوات 1970 و1986 بالمكسيك، و1994 بالولايات المتحدة الأمريكية و1998 بفرنسا و2018 بروسيا. 6 - "الكان"... نكون أو لا نكون سيكون المنتخب الوطني أمام تحد جديد، عندما يخوض نهائيات كأس أمم إفريقيا، التي تحتضن منافساتها الكامرون في الفترة الممتدة، ما بين تاسع يناير وسادس فبراير. ويأمل الأسود في أن تكون مشاركتهم في «الكان» هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، ليس فقط بسبب كثرة المحترفين، الذين يعززون تشكيلتهم وسعيهم إلى التتويج، بل لرغبة الجامعة في طي صفحة فشل المشاركات السابقة، والتي عجز فيها المنتخب الوطني عن فرض شخصيته بين كبار القارة الإفريقية، إلى حد أنه بات يصنف في خانة المنتخبات، التي اعتادت الإقصاء من الدور الأول، أو ربع النهائي في أفضل الأحوال. ولأن سقف الطموحات ارتفع هذه المرة، بعدما حدد فوزي لقجع، رئيس الجامعة، النصف النهائي، شرطا أساسيا أمام الناخب الوطني وحيد خاليلوزيتش، فإن «كان» الكامرون» سيشكل فرصة أمام الجيل الحالي لحفظ ماء وجه الكرة المغربية، بعد الإقصاء المرير، الذي مني به المنتخب الوطني في دورة مصر لكأس أمم إفريقيا، عندما أقصي أمام نظيره البنيني، المتواضع، في ثمن النهاية بالضربات الترجيحية. ويرى محللون أن المنتخب الوطني ملزم بتحقيق أفضل النتائج في هذه المسابقة القارية، رغم العديد من الملاحظات، التي تهم اختيارات المدرب خاليلوزيتش، ومدى قدرة التشكيلة الحالية على مواجهة منتخبات تألقت في السنوات الأخيرة، وحافظت على نواتها الأساسية. وستكون 2022 فرصة سانحة أمام الأسود لتدشين انطلاقة جديدة نحو التصالح مع اللقب الإفريقي، الذي طال انتظاره منذ 46 سنة، رغم الإمكانيات المالية واللوجستيكية، التي وضعت رهن إشارة المنتخب الوطني، حتى يكون في مستوى تطلعات الجمهور المغربي، الذي يتجرع مرارة الإخفاقات الواحدة تلو الأخرى، وبالتالي لن يرضى بغير التألق واللمعان، حتى وهو يخوض هذه المسابقة وسط العديد من الإكراهات، أبرزها تلك الناجمة عن الانتشار المتزايد لفيروس كورونا المتحور. 7 - الإدارة التقنية... متى يشفى الرجل المريض؟ يكاد المتتبعون الرياضيون يجمعون أن الإدارة التقنية لم تحقق المنتظر منها، رغم الإمكانيات المالية المرصودة لها، منذ عهد ناصر لارغيت، المبعد قبل ثلاث سنوات. ولأن الإدارة التقنية لها أهميتها القصوى في التكوين والمتابعة والتأطير المحكم والمبني على أسس علمية، بادرت الجامعة إلى تعيين لارغيت في مرحلة أولى، قبل أن تبعده لعدم تحقيق الأهداف المسطرة، بناء على تقرير مكتب دراسات أجنبي. ودخلت الإدارة التقنية في مرحلة من المد والجزر، بعد التعاقد مع الويلزي روبيرت أوشن، دون أن ينجح بدوره في الارتقاء بالكرة الوطنية، خصوصا في المنتخبات الصغرى، التي تجرعت مرارة الانتكاسات الواحدة تلو الأخرى. واضطرت الجامعة، بعد ضياع سنتين من تجربة الكرة الوطنية، إلى الاستغناء عن خدمات التقني الويلزي أوشن، لتدخل الإدارة التقنية مرحلة فراغ مرة أخرى، إلى حين تعيين البلجيكي فان بويفيلد، من أجل إعادة هيكلة الإدارة التقنية من جديد، عبر وضع الخطوط العريضة، لتطوير منظومة الكرة الوطنية ويبدو أن وضعية الإدارة التقنية بعثرت أوراق الجامعة، جراء عدم تحقيق الأهداف المسطرة قبل أربع سنوات، خصوصا على مستوى المنتخبات الوطنية، التي مازالت تتجرع مرارة الانتكاسات، الأمر الذي دفع رئيس الجامعة فوزي لقجع إلى الاستغناء عن مجموعة من المدربين، ممن فشلوا في مسعاهم. ووجدت الجامعة نفسها مضطرة لوضع عقد برنامج محدد بينها وبين الإدارة التقنية ما بين 2020 و2024، ويروم تحديد المسؤوليات والمهام والاهتمام بالعمل القاعدي على الصعيدين المحلي والجهوي والتأطير والعناية بالكرة النسوية والكرة المتنوعة، مع التأكيد على ضرورة مواكبة البرامج للرفع من المستوى التقني والبدني للممارسين. 8 - رياضات تلعب آخر الأوراق لم تحقق مختلف الرياضات النتائج المرجوة في 2021، رغم مشاركتها في أكبر التظاهرات العالمية، الكفيلة بقياس مدى نجاعة كل دولة في صناعة الرياضيين من المستوى العالي، القادرين على الصعود إلى منصة التتويج. وبينما توقع المغاربة حضورا وازنا لبعض الرياضات في الألعاب الأولمبية بطوكيو 2020 الصيف الماضي، إلا أنه لا شيء حصل من كل ذلك، بعد سقوط الرياضيين المغاربة تباعا، لتظل ألعاب القوى، كعادتها الاستثناء. وخيبت الملاكمة المغربية انتظارات الجمهور المغربي، ليس فقط في هزائم ملاكميها تواليا، بل للفضائح التي أعقبت مشاركتهم في الأولمبياد، إلى حد اتهام المدرب بتحريض الملاكمين على عدم السفر إلى طوكيو إلى حين التوصل بمستحقاتهم المالية، الأمر الذي عجل بإقالته. ولم يكن التايكووندو بأفضل حال، بعد تراجع مستوى أبطاله، وفشلهم في نيل النتائج المرضية في دوريات أوربية، مقابل التألق قاريا، إلا أن ذلك لم يكن كافيا للارتقاء بهذه اللعبة، شأنها شأن رياضة الكراطي، الذي خرجت بدورها بخفي حنين. واعتبر تأهل المنتخب الوطني للكرة الطائرة الشاطئية إلى الأولمبياد إنجازا كبيرا، نظرا لحداثة هذا المنتخب أولا، وقوة منافسيه ثانيا. وينتظر أن تشكل 2022 بالنسبة إلى مختلف الأنواع الرياضية فرصة لإنقاذ ماء وجه الكرة الوطنية والدفاع عن حظوظها في المشاركة في بعض الملتقيات والدوريات العالمية، كما تشكل بالنسبة إلى المنتخب الوطني لكرة اليد فرصة مواتية لبلوغ المربع الذهبي في نهائيات كأس أمم إفريقيا، التي تحتضنها العيون في يونيو المقبل. فيما ستكون ألعاب القوى كذلك حاضرة في معظم الملتقيات العالمية، ويرجح أن يتألق فيها بعض العدائين ضمنهم سفيان البقالي ورباب العرافي. إنجاز: عبد الإله المتقي وعيسى الكامحي