fbpx
حوادث

تفاصيل قتل وتهريب جثة في برميل

الجاني اعترف بالقتل العمد وترجيح شبهة الشذوذ الجنسي وراء الواقعة

أشرقت شمس الجمعة الماضي كعادتها على دوار آيت الراس بمنطقة إغرم إقليم تارودانت، كاشفة هياكل تجمعات مساكن توجه فيها السكان إلى الله، متضرعين له لحمايتهم من بطش الرحل، ولرفع البلاء عن الدوار، وراجين من العلي القدير، أن يمدهم بالسكينة والرزق. وبينما كان الأهالي منهمكين في تناول وجبة الكُسْكُس أو سكسو (بالأمازيغية)، بعد عودتهم من مسجد الدوار، وهم خاشعون، طاهرون ينتظرون استجابة الله إلى دعواتهم، نزل على الدوار خبر كالصاعقة، نكّد عليهم فرحتهم بيوم الجمعة.

انتشر خبر العثور على جثة مقطعة أطرافها محشوة بداخل برميل تنبعث منه روائح كريهة، مرمي قرب أحد مساكن الدوار. قطع الجميع أشغالهم وانشغالاتهم ليهبوا فرادى وجماعات لاكتشاف الحقيقة الصادمة التي ستدخل الدوار في تاريخ الجرائم الكبرى التي عرفها العالم. بسرعة البرق، ذاع الخبر عبر الهواتف داخل المنطقة وخارجها على امتداد التراب الوطني، يحكي أن شابا يتحدر من دوار آيت الراس بجماعة أمالو بمنطقة إغرم التابعة لعمالة إقليم تارودانت، قتل مشغله بالبيضاء وقطعه أطرافا وضعها داخل برميل أزرق مخصص لخزن الزيوت والزيتون، ونقله إلى منزله بمسقط رأسه، قبل أن تفضح رائحة الجثة المنبعثة منه، جناية القتل العمد والتنكيل بالجثة.
شهد دوار آيت الراس بعد صلاة الجمعة، استنفارا أمنيا لم تعرفه المنطقة من قبل، وحتى في أحلك الأزمات والنزاعات التي جرت بين الأهالي والرعاة الرحل جراء هجومهم على ممتلكات السكان. بدأت قصة اليوم الأسود عندما وصل الشاب ابن الدوار البالغ 35 سنة من العمر إلى منزل أهله محملا بالأمتعة والأغراض التي جلبها معه من البيضاء، ومعها برميل أزرق، طلب من أخيه أن لا يدخله إلى المنزل لأنه مملوء ب”لافيراي”، حاثا إياه أن يتركه بباب المنزل إلى حين النظر في أمره. بقي البرميل بباب المنزل حتى الصباح، حيث أعاد أخو الجاني في اليوم الموالي إصراره بضرورة إدخال البرميل إلى المنزل، غير أن القاتل ظل يتهرب من الطلب، ليتفاجأ الأخ برائحة تنبعث منه عندما اقترب منه، ليسأله عما بداخله، ليصارحه بالموضوع، ليغمى على الأخ، بينما طأطأ الجاني رأسه وتوغل بين أشجار غابة “الأركان”، متواريا عن الأنظار.

إيقاف المتهم وسط غابة
استفاق الأخ الأكبر من غفوته، ليتصل بالسلطات المحلية التي أخبرت بدورها جهاز الدرك، وحلت بالمكان مختلف عناصر الدرك الملكي التابعة لسرية تارودانت، ومعها عناصر من مسؤولي السلطات المحلية والقوات المساعدة والوقاية المدنية، حيث تمت معاينة البرميل الذي يحمل أطراف جثة الضحية، الذي تلقى ضربات قاتلة وجهها له الجاني وهو شاب من أبناء المنطقة، ولد في 1986، قرر مغادرة الدوار للبحث عن شغل بالبيضاء، فاحتضنه الهالك المولود سنة 1946، وأمن له الشغل بداخل محل لبيع الملابس بكراج علال، وسلم له شقة يملكها.
وجرى إيقاف المتهم الذي فر هاربا بالمسالك الغابوية، مباشرة بعد وصول الدرك والسلطات المحلية، حيث تم إلقاء القبض عليه، بمساعدة سكان المنطقة الذين تعقبوه وتتبعوا تحركاته، إلى أن تم ضبطه ونقله إلى موقع العثور على البرميل جوار سكن عائلته، قبل أن يتم نقله إلى تارودانت، وبعدها إلى البيضاء لإعادة تمثيل ارتكابه للجريمة.
وأفادت مصادر”الصباح”بأن المشتبه فيه، أقر بارتكابه لجريمة القتل، بداية الأمر لأخيه الذي أبلغ عنه، وبعدها لعناصر الدرك الملكي إثر التحقيقات الأولية التي أجريت معه، قبل أن يتم اعتقاله بتعليمات من النيابة العامة.
اعترافات مثيرة
اعترف المتهم بأنه قام بقتل مشغله داخل منزل بحي الفرح بالبيضاء، لأنه امتنع عن تمكينه من أجرته لمدة طويلة، وأضاف بأنه وجه له ضربات بآلة حادة إلى الرأس وعدة مناطق أخرى، ليقوم بوضع جثته داخل برميل، صب عليها مادة كيميائية قصد التخلص منها. وتفيد بعض الأنباء بأن الأسباب الحقيقية التي كانت وراء ارتكاب الجريمة تكمن في عدم صرف مستحقات القاتل، الذي دخل مع مشغله في علاقة جنسية شاذة، إذ كان الضحية يستغله جنسيا، وهو ما عبر عنه بعض الشهود أثناء إعادة تمثيل الجريمة بالبيضاء، حيث أفادوا بأنهم كانوا يشاهدون الضحية والقاتل يدخلان معا إلى المنزل في أوقات متفرقة، ويخرجان منه في وقت واحد. وأضافت المصادر ذاتها، بأن النقطة التي أفاضت الكأس بين الضحية والمشغل، تتمثل في قرار إغلاق المحل التجاري الذي كان يشتغل به لتسليمه إلى غيره، ما أجج بداخله نية الانتقام، وهو ما قام به بعد حلول موعد إغلاق المحل، عندما طالبه بتمكينه من مستحقاته المالية، ليجهز عليه بعد أن بدأ الضحية في التماطل في تسليمه أجرته.

إعادة تمثبل الجريمة

أحالت الضابطة القضائية التابعة لسرية الدرك بتارودانت، الجاني على النيابة العامة بالمحكمة الاستئنافية بأكادير، الثلاثاء الماضي، في حالة اعتقال، وقرر الوكيل العام اتهامه بالقتل العمد، وإيداعه سجن آيت ملول، وإحالته على قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها.
وبعد أن استكمل الدرك، إجراءات المسطرة القضائية، تمت إعادة تمثيل الجريمة بمختلف المواقع المشبوهة بالبيضاء، حيث أعادت فرقة متخصصة تابعة لسرية الدرك بتارودانت تمثيل ارتكاب جريمة القتل البشعة داخل مسكن بحي الفرح بالعاصمة الاقتصادية، الأحد الماضي، بمعية السلطات الأمنية بالبيضاء.

نقل أطراف الجثة

وجه المتهم لمشغله ضربة قاضية بواسطة “شاقور”، قبل أن يسترسل في توجيه ضربات أخرى إلى عدة مناطق من جسمه، أودت بحياته، ليقرر تقطيع الجثة والتخلص منها بعيدا عن البيضاء، وبالضبط في مسقط رأسه بمنطقة إغرم القروية. اعترف الجاني للمحققين بأنه أدخل أطراف الجثة داخل برميل، وتهيأ لنقله مع باقي أمتعته وأغراضه عبر وسائل النقل العمومي. وأعد خطة محكمة لذلك، حيث أعد ثلاثة براميل، واحد مخصصة للجثة، والثاني والثالث للتمويه على المصالح الأمنية ومساعدي الحافلات.
وقام بعد حوالي عشرة أيام عن ارتكابه للجريمة، بنقل البراميل الثلاثة، إلى المحطة الطرقية “أولاد زيان” بالبيضاء بواسطة “تريبورتور”، قبل أن يتم شحنها داخل حافلة للنقل العمومي متجهة إلى تارودانت، ثم استأجر سيارة للنقل السري لنقل أمتعته إلى مسقط رأسه، حيث تخلص من برملين اثنين في مكان خلاء، محتفظا بالبرميل الذي توجد بداخله الجثة، بهدف التخلص منها بعد ذلك. وعند وصوله إلى منزل العائلة، ترك البرميل خارج المسكن، بحجة أنه ممتلئ بأغراض غير مهمة.

محمد إبراهمي (أكادير)


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى