سلطات المدينة تشرع في اجتثاث حديقة «البلدية» التاريخية بدرب السلطان لم تمض سوى أسابيع قليلة على الجدل الذي رافق التشويه الذي لحق مسجد السنة بالبيضاء، حتى تفجر جدل، نهاية الأسبوع الماضي، بخصوص معلمة أخرى فوق تراب عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، ستبدأ السلطات المحلية بها، صباح أمس (الاثنين)، أشغال اجتثاث حديقة "سيدي محمد بن عبد الله"، المعروفة بـ"حديقة البلدية". يتعلق الأمر بمشروع إعادة تهيئة ساحة سيدي محمد بن عبد الله، الذي أطلقته مقاطعة مرس السلطان، بتعاون مع جهة البيضاء سطات، وتحت إشراف عمالة الفداء مرس السلطان، وهو المشروع الذي ظل يراوح مكانه بين ردهات الإدارات والمصالح لمدة ناهزت عشر سنوات، قبل أن يحين تنفيذه، بعد أن وضعت مصالح مقاطعة مرس السلطان لوحة الورش وطوقت الحديقة بالحواجز استعدادا لإزالتها. ويرتكز هذا المشروع، حسب ما صرح به مصدر من مجلس مقاطعة مرس السلطان، في حديث سابق مع "الصباح" بإعادة تنظيم وتهيئة ساحة سيدي محمد بن عبد الله وتنقيل محلات الجزارة والشواء من المكان الموجودة فيه حاليا، إلى فضاء سيتم تشييده مكان الحديقة، عبارة عن بناية مكونة من طابق أرضي به مرأب سيارات والطابق الأول يشتمل على محلات الجزارة، فيما تحتل محلات الشواء طابقه الثاني، في الوقت الذي سيتم تحويل المكان الأصلي للمنقلين، إلى ساحة تتوسطها نافورة. وسبق لهذا المشروع أن أثار جدلا كبيرا قبل أزيد من سنة ونصف، حين حاولت الشركة المنفذة للمشروع وضع الحواجز الخاصة بالمشروع، قبل أن يتصدى لها السكان المجاورون، وكاد الأمر أن يتطور إلى اشتباك بين المعارضين للمشروع والسلطات المحلية، قبل أن يتم صرف النظر عنه، لدرجة اعتقدت معها الأصوات التي ارتفعت منددة أن صفحة الإجهاز قد طويت ليعاد فتحها من جديد. وفي سياق متصل قال الحبيب المومني، الكاتب العام لجمعية "كازا ميموار"، إنه بغض النظر عن القيمة التاريخية للساحة والحديقة التي يتجاوز عمرها مائة سنة، فإن عملية الإجهاز على المساحة الخضراء الوحيدة المتبقية بمنطقة درب السلطان، يشكل اعتداء سافرا على البيئة في مجال سكاني مكتظ لا يوجد فيه أي متنفس. وأضاف المومني، في حديث مع "الصباح"، أن الجمعية بصدد تدارس الموضوع من كافة جوانبه القانونية، من أجل الخروج برد فعل مناسب وعاجل قبل أن يتم إعدام الحديقة بشكل نهائي. وتساءل العديد من السكان، في شهادات متطابقة، عن سر إصرار أصحاب المشروع على إقامته على أرض الحديقة، في الوقت الذي كان بالإمكان إنجازه في المكان نفسه الذي يضم محلات الجزارة والشواء، دون المساس بالحديقة، وهو الأمر الذي اعتبروه مقترحا بديلا يحفظ للمكان هويته ويحافظ على المتنفس الوحيد المفتوح أمامهم. وتحدث الكثير من أبناء الحي عن رمزية الحديثة التي ظلت شاهدة على العديد من المحطات المهمة بتاريخ المغرب، كما كان فضاؤها يحتضن أشهر الحلايقية والفنانين، على رأسهم الراحل الحسين السلاوي الذي كان يحط بها الرحال منذ أواسط الثلاثينات، إضافة إلى بوجمعة الفروج وانعينيعة إضافة إلى الروايس الذين كان يتقدمهم الرايس ساسبو الذي كان يقيم قريبا من الساحة، فضلا عن تردد فنانين آخرين عليها في بداياتهم مثل عمر الطنطاوي وإبراهيم العلمي وأحمد جبران وغيرهم. عزيز المجدوب