سنة على تأمين الكركرات… ماذا تغير؟

منذ 13 نونبر حولت المخابرات الجزائرية المخيمات إلى سجن كبير وأمعنت في إذلال سكانها مرت سنة على فجر ثاني جمعة من نونبر من العام الماضي، عندما قطعت القوات المغربية حبل أوهام الإعلام الجزائري وخلايا التنظيم السياسي لـ «بوليساريو»، التي تزاحمت لقطع الطريق في وجه الحركة التجارية بالكركرات في ظن موهوم منها أنها قادرة على لي ذراع المغرب، خصوصا أن المخطط الجزائري جاء مناورة، قبيل صدور القرار السنوي لمجلس الأمن حول الصحراء. ولعل الدعاية الجزائرية، ومن ورائها ببغاوات «بوليساريو»، لم يكن في حسبانها، ولو لبرهة، أن صبر السلطات المغربية له حدود وأنها لن تتردد في تحمل مسؤوليتها الأمنية تجاه طريق تجاري دولي، وهو ما كان فعلا. ففي لحظة فاصلة، توصل المغرب إلى أن قطاع الطرق وعصابات تهريب المخدرات ورعاتهم ليسوا أهلا لأي مفاوضات أو تفاهمات، إن في المستقبل أو الحاضر، فتمت عملية تأمين معبر الكركرات التي انفرط بفعلها عقد «بوليساريو» وأخرجت أصحاب المواقف المبهمة من جحورهم! إن تأمين معبر الكركرات ليس مجرد خطوة أمنية خلطت أوراق خصوم المغرب وحسب، بل غيرت معالم أزمة إقليمية وسحبتها إلى مربع الوضوح لتضع النقاط على الحروف تباعا، وتسمي ما كان مفقود الاسم والتعريف باسمه، فبعد الكركرات، قالت «بوليساريو» إنها انسحبت من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته مع الأمم المتحدة، وهي بذلك تكون قد أحرقت آخر أوراق وجودها. فلطالما تبجح صعاليكها، عقب كل مؤتمر، بأنهم سيعودون للحرب إذا فشلت الأمم المتحدة في تحقيق أهدافهم، قبل أن يكتشف العالم مدى هشاشة هذه المنظمة، وضعف ما تقوم عليه من دعاية فارغة، فاتضحت حقيقة الأسطوانة الثورية المشروخة، من خلال الاستعانة بمتمردي الساحل والصحراء وخلاياهم النشطة في شمال مالي، وهو ما كانت «بوليساريو» تنكره سنوات، رغم أن أعدادا معتبرة من منتسبي تلك التنظيمات الإرهابية تم شحنها فكريا بمساجد داخل مخيمات تندوف، وتدريبها على الحدود المالية الجزائرية. كما أظهر الغباء الجزائري قوته الضاربة من خلال حزمه في تجنيد الأطفال ونقلهم إلى معسكرات التدريب خارج تندوف، بعدما تعامل بكسل لا أخلاقي تجاه أمواج كورونا، التي فتكت بمئات اللاجئين، الذين قضوا نتيجة افتقار المخيمات لقارورات الأوكسجين والأدوية، لكن الجزائر، بالمقابل، قادرة على صرف المليارات على دعايتها داخل المخيم، وزيادة عدد جنودها حول محيطه، لإحكام محاصرته ومنع أي خروج منه أو تسريب واقعه المزري بفعل سياسات التجويع وقطع الأرزاق التي تظن أنها السبيل الوحيد للسيطرة على ما تبقى من صحراويي لحمادة. فمنذ 13 نونبر، حولت المخابرات الجزائرية المخيمات إلى سجن كبير أحاطته بوحدات إضافية من حرس الحدود وأمعنت في إذلال الصحراويين، وقهرهم، بل وإجبارهم على كتمان أوضاعهم وتهديد أي ناشط أو صحافي إذا ثبت تورطه في نقل صور أو مقاطع فيديو عن حقيقة الأوضاع بالمخيم الذي يشهد قمعا غير مسبوق بعد أن جن جنون الأمن العسكري الجزائري، إثر الخطوة المغربية، وسخر كل إمكانياته في محاولة لإثبات أن المنطقة في حرب، لدرجة الدفع بشباب المخيم نحو الحزام الدفاعي المغربي ليلقوا حتفهم، لتغذية الآلة الدعائية الجزائرية، التي تحاول بشتى الطرق تصدير أزمتها الداخلية عبر المخيمات، وقضية الصحراء، التي لم يعد يخفى على أي متابع حصيف أنها من صنع وطبخ بقايا كالرمان فرنسا. أما على مستوى هيكلة «بوليساريو»، فيمكن القول إن هذه السنة أسوأ مرحلة مرت بها هذه الحركة، فالبداية كانت بأقصاف وعنتريات وهمية أسقطت آخر حبات رمال لحمادة عن حقيقة أهداف وقدرات «بوليساريو»، التي فقدت سربا من قادتها في هذه السنة، وعلى رأسهم منظر جرائمها، سيد أحمد لبطيل، ثم مرض زعيمها وما سببه هذا الملف من إحراج دولي للجزائر، التي لعبت كل أوراقها لأجل التغطية على الملفات الأخلاقية والجنائية لزعيم الجبهة الذي افتضح أمره، وبات العالم يعرف أن مرتدي قناع الثورة والتحرر ما هو إلا مغتصب قاصرات وعربيد، اقترف من جرائم القتل، بالتنفيذ والإيعاز، ما عجزت صفحات الإعلام عن تعداده، كما وصل هذه السنة الصراع بين أجنحة الحركة أشده وظهرت أولى نتائج هذا التطاحن في موجة مراسيم اغويلي التي أطاحت برؤوس يبدو أنها فشلت في تنفيذ مخططات مبنى عنتر، ضواحي الجزائر! بعد عام من مسرحية الأمن العسكري الجزائري على تخوم الكركرات، يكون العالم قد وقف على جملة من الحقائق والاستنتاجات التي ظلت دعاية «بوليساريو» وحلفائها يخفونها بالشعارات والأغاني وتزوير الصور وفبركة الروايات، فواقع المخيمات يغني عن سؤالها والنتائج على الأرض أصدق برهان على وهن بيوت الذين لا يعقلون منطقا ولا يفقهون غير نهب أموال البترول، خصوصا ألا أحد يستطيع النبش في فاتورة الصبيانية الجزائرية تجاه الأبرياء في المخيمات، والعقاب الجماعي الذي صدر في حقهم من قبل جنرالات المخابرات الجزائرية، سيما بعيد الخطوة المغربية في الكركرات.

سنة على تأمين الكركرات… ماذا تغير؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خاليلوزيتش: ليس لدينا منتخب قوي

لقطات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات