المطالبة بالتعويض في مواجهة مرتكب الفعل الضار من حق الدولة وحدها (١/٢) بقلم: أشرف منصور جدوي* بداية يجب التنبيه أن هذه المقالة لا تستهدف تسويغ الاعتداء على موظفي وموظفات المديرية العامة للأمن الوطني، سواء كان هذا الاعتداء على شكل عنف مادي أو عنف لفظي طبقا للعناصر القانونية المنصوص عليها في الفرع الأول المعنون: إهانة الموظف العمومي والاعتداء عليه، من الكتاب الرابع المعنون: في الجنايات والجنح التي يرتكبها الأفراد ضد النظام العام، من مجموعة القانون الجنائي، أي الفصول من 263 إلى 267 من القانون المذكور، فالعنف منبوذ أيا كان مرتكبه و أيا كان ضحيته. من باب أولى، فإن العنف المرتكب ضد موظفي أو موظفات المديرية العامة للأمن الوطني، بمختلف رتبهم، بدءا من آخر حارس للأمن متدرب، و انتهاء عند المدير العام للأمن الوطني، لا شرعنة له أيا كانت تجلياته أو صوره، أو دوافعه وبواعثه. وحسبنا في هذا المقام والمقال التذكير – بتصرف – بمقولة للملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، إن أي عنصر من عناصر الأمن الوطني أو الدرك الملكي أو القوات المساعدة بزيه النظامي فهو يمثل سيادة الدولة، وإن أي اعتداء عليه لهو اعتداء على سيادة الدولة المغربية، إذن فنحن ضد الاعتداء سواء اللفظي أو المادي ضد موظفي الأمن وهذه مسألة منتهٍ ومحسوم أمرها. وإننا لنروم في هذا المقال، تسليط الضوء من وجهة نظر قانونية صرف، حول أحقية المديرية العامة للأمن الوطني، ومعها موظفو الأمن الوطني في الانتصاب طرفا مدنيا، متى ارتكبت جريمة في حق أفراد هذه المديرية، ليس فقط الأحقية في الانتصاب بل الأحقية بعد ذلك في الحكم للمديرية العامة للأمن الوطني وموظفيها بتعويض جراء الجرائم التي اقترفت. أولا: الانتصاب طرفا مدنيا وفقا للقواعد العامة إن الانتصاب طرفا مدنيا وفقا للقواعد العامة للمسطرة الجنائية تؤطره المواد من 348 إلى 356 من القانون ذاته، وأول إشارة ينبغي التنبيه لها وإعادة التذكير بها، أن الانتصاب طرفا مدنيا يكفي فيه مجرد الادعاء بحدوث ضرر، فوحده الادعاء بحدوث ضرر كفيل بأن يجعل لهذا المدعي الحق في الانتصاب طرفا مدنيا بدليل المادة 364 من قانون المسطرة الجنائية، والتي جاء فيها " لكل شخص يدعي أنه تضرر من جريمة أن يتقدم بصفته طرفا مدنيا أمام هيأة الحكم..." وبعد الانتصاب هذا يبقى لقاضي الموضوع مراقبة الشروط الشكلية من أداء وصفة ومصلحة وأهلية في الادعاء، ومن بعدها شروط موضوعية تتمثل في مدى تحقق الضرر المباشر والشخصي المحدق بهذا المدعي بالضرر، ومتى تحققت تلك الشروط الشكلية والموضوعية كان لزاما على قاضي الموضوع الاستجابة لطلبه والحكم له بالتعويض، و متى تخلف شرط أو أكثر من تلك الشروط إلا و امتنع قانونا على قاضي الموضوع الاستجابة للطلب. وإذا كان مبدئيا، هذا هو حال القواعد العامة الناظمة للانتصاب طرفا مدنيا، فهل ثمة قواعد خاصة تتعلق بالمديرية العامة للأمن الوطني ومعها الموظفون العاملون بها؟ وهو ما سنتناوله بالدراسة والتحليل. ثانيا: انتصاب المديرية العامة للأمن الوطني وموظفيها أطرافا مدنية. بالرجوع إلى الظهير الشريف 1.09.213 المتعلق بالمديرية العامة للأمن الوطني والنظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني، خاصة في مادته السابعة التي تنص: "يتمتع موظفو الأمن الوطني بحماية الدولة وفقا لمقتضيات القانون الجنائي والقوانين الخاصة الجاري بها العمل، مما قد يتعرضون إليه من تهديدات أو تهجمات أو إهانات أو سب أو قذف. وتضمن لهم الدولة التعويض عن الأضرار الجسدية التي يمكن أن يتعرضوا لها خلال أو بمناسبة مزاولة مهامهم والتي لا تشملها التشريعات المتعلقة بمعاشات الزمانة ورصيد الوفاة. وفي هذه الحالة، تحل الدولة محل الضحية في الحقوق والدعاوى ضد مرتكب الضرر". فموظفو الأمن الوطني مشمولون بحماية الدولة، فيما يمكن أن تطولهم تهديدات أو تهجمات أو إهانات أو سب أو قذف، وهذا الضمان التشريعي لهو واجب على الدولة وحق لأولئك الموظفين. ومن جهة أخرى فموظفو الأمن الوطني مشمولون بضمان الدولة، أي أنها تضمن لهم التعويض عن الأضرار الجسدية، التي قد تطولهم أثناء ممارستهم لمهامهم أو بمناسبة ممارستها. ومن هنا يطرح التساؤل الآتي من له الحق في الانتصاب طرفا مدنيا في قضايا الاعتداءات التي تطول موظفي الأمن الوطني، هل المديرية العامة للأمن الوطني؟ أم موظفو الأمن الوطني ضحايا تلك الاعتداءات؟ أم الدولة؟ بناء على المادة 7 المذكورة سلفا، فإنها سلبت الحق من موظفي الأمن الوطني ومن المديرية العامة للأمن الوطني الانتصاب طرف مدنيا متى ارتكبت جريمة من الجرائم في حق أولئك الموظفين، وسندنا في ذلك ما وقع التنصيص عليه بعبارة "وتضمن لهم الدولة التعويض عن الأضرار الجسدية التي يمكن أن يتعرضوا لها خلال أو بمناسبة مزاولة مهامهم"، فضمان التعويض حق للموظف على الدولة، ويزيد من تأكيد هذا التفسير العبارة الموالية، " تحل الدولة محل الضحية في الحقوق والدعاوى ضد مرتكب الضرر". * محام بهيأة المحامين بالبيضاء