الصديقـي: الريـع يعيـق تنافسيـة الاقتصـاد

أستاذ الاقتصاد أكد أن ما تعرفه مقالع الرمال تخريب وحشي وفوضى عارمة أكد عبد السلام الصديقي، الباحث في الاقتصاد، أن التنافس الاقتصادي الحر يصطدم، بوجود مواقع عديدة خاضعة للريع والامتيازات. وأوضح الصديقي، الوزير الأسبق في التشغيل، في حوار مع «الصباح» أن حكومة بنكيران التزمت بمحاربة الفساد واجتثاث الريع، إلا أنها لم تلتزم بتعهداتها. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني > كيف يمكن لحكومة أخنوش التي تراهن على إنعاش الاقتصاد، التوفيق بين شروط التنافسية واستمرار جزر الريع الاقتصادي؟ > في كل البرامج الحكومية، تحظى المسألة الاقتصادية بالأولوية، وهذه الملاحظة تتأكد أكثر في ظل مناخ يتميز بتداعيات «كوفيد 19»، وما بعد الجائحة. إن الرهان الأساسي يتمثل في إنجاز الانطلاقة الاقتصادية، واستعادة الاقتصاد لعافيته، كي يكون قويا ومنتجا للخيرات، ومتوازنا، وهو ما لن يتأتي بصفة آلية، بل يتطلب إرادة سياسية قوية للقيام بالإصلاحات الضرورية، وإزالة المعيقات والكوابح أمام الاستثمار والتنافس، وضمان تكافؤ الفرص أمام المستثمرين، خصوصا الشباب منهم. إلا أن التنافس الاقتصادي الحر يصطدم، كما قلتم، بوجود مواقع عديدة خاضعة للريع والامتيازات، التي لا تنفع البلاد والعباد، فهل ستنجح الحكومة الجديدة، في ما فشلت فيه الحكومات التي سبقتها؟ وإلى متى سيبقى الاقتصاد الوطني رهينا بمجموعة من النفعيين والاحتكاريين، وذوي المصالح، والذين أصبحوا مع مرور السنوات، يتحكمون في قطاعات اقتصادية بأكملها؟ إنها أسئلة جوهرية قدم بخصوصها التقرير المتعلق بالنموذج التنموي الجديد، إجابات ومقترحات نتمنى أن تضعها الحكومة في الحسبان في برنامجها، ونحن ننتظر بشغف ما سيأتي به البرنامج، وآنذاك، سيكون لنا رأي مبني على معطيات ملموسة. > فشلت حكومتا بنكيران والعثماني في محاربة نظام «الكريمات» والرخص. ماهي المداخل الضرورية للقطع مع هذا النوع من الهبات التي تضرب في العمق مبادئ الاقتصاد الليبرالي؟ > أريد أن أوضح في البداية أن حكومة بنكيران ليست هي التي نشرت لوائح المستفيدين من الرخص، وهي لوائح نشرت بطريقة عشوائية، دون أن يتم تحيينها، بل القطاع الوزاري المكلف آنذاك بالنقل، هو الذي قام بنشرها، ربما باستشارة رئيس الحكومة لوحده، إلا أنني أؤكد أن الحكومة لم تتداول قطعا في الأمر، ولم يتم إخبارها بما وقع، إذ اطلع الوزراء على تلك اللوائح مثل سائر المواطنين. أجل، لقد التزمت حكومة بنكيران بمحاربة الفساد واجتثاث الريع بكل أشكاله، إلا أنها لم تفعل، ولم تلتزم بالوفاء بالعهد. أما اللجوء إلى نشر اللوائح، فما هو إلا ذر للرماد في أعين الناس، أو في أحسن الأحوال، وسيلة للتسلية، وتأثيث النقاشات في الصالونات والأماكن العمومية. ولذلك، لم يكن لهذا العمل أثر يذكر، بل من منا يتذكر اليوم نشر اللوائح المتعلقة بالكريمات. > من بين القطاعات التي باتت تشكل تهديدا على البيئة قطاع مقالع الرمال. ألا يمكن وضع حد للريع بفرض دفاتر تحملات وإخضاع القطاع للمنافسة والمراقبة؟ > تخضع مقالع الرمال إلى نهب وحشي وفوضى عارمة على مرأى الجميع، وهو ما يهدد بالتوازن الإيكولوجي، لسواحلنا وشواطئنا، كما أكدت على ذلك أبحاث واستطلاعات عديدة قام بها باحثون وجامعيون وناشطون في مجال البيئة. ولن أبالغ، إذا اعتبرت هذا النشاط جريمة بكل معنى الكلمة، وما يسري على الرمال يسري أيضا على المقالع. قد يقول قائل إن هناك قانونا صدر في 2015 بالجريدة الرسمية، ينص على السبل الفضلى في الحكامة والتدبير الجيد، والقضاء على كل الممارسات الفوضوية، وتعزيز المراقبة لاحترام الشروط المطلوبة للاستغلال، إلا أن الواقع شيء آخر. وهذا هو بيت القصيد، حيث يتم التعامل مع القانون، حسب الحالة، وكأن القانون يسري على طرف دون آخر. > يأخذ الريع شكل إعفاءات ضريبة في بعض القطاعات مثل الفلاحة والتعليم الخاص. ألم يحن الوقت لوضع حد لهذه الامتيازات الضريبية واعتماد إصلاح جبائي عادل؟ > لا بأس من التذكير بتعريف الريع، فهو يعني كل دخل يتم الحصول عليه دون جهد، أي بدون عمل، والريع تاريخيا، يتكون من الدخل الذي يحصل عليه الملاك العقاريون، أو الذي يستحوذ عليه رجال الدين لسبب ما، لذلك خاضت البورجوازية الناشئة في أوربا حربا ضروسا على الملاك العقاريين، وعلى الكنيسة التي كانت في البداية تحمي هؤلاء. وإذا كان الأمر يختلف نسبيا اليوم، فإن تمظهراته ما زالت كما هي، مع العلم أن مفهوم الريع يتجاوز الريع العقاري ليشمل مجموعة من الأنشطة والمجالات، ولم يعد مقتصرا على قطاع دون آخر. وأحيل القارئ هنا على كتاب صدر في الموضوع، للأستاذ عبد العلي بنعمور، الذي كان رئيسا للمجلس الوطني للمنافسة. فلا تطور دون استئصال هذا الورم الخبيث، الذي يشكله الريع، كيفما كان نوعه، سواء كان ريعا اقتصاديا أو سياسيا ودينيا، فالذي يوظف موقعه السياسي للكسب، ليس أقل خطرا من الذي يتملص من أداء مستحقاته الضريبية، والذي يستفيد بغير وجه حق، من امتيازات وكأنه مواطن من الدرجة الأولى. أخنوش أمام الامتحان إن المواطنين سواسية أمام القانون، ولهم الحقوق نفسها، وعليهم واجبات، فبلادنا إذا أرادت الانخراط في مصاف البلدان الديمقراطية، عليها أن تقطع نهائيا مع هذه الممارسات المشينة التي تعرقل نموها وازدهارها، وتقف حجر عثرة أمام الإصلاحات التي تهدف إلى بناء دولة الحق والقانون، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. وعلى هذا الأساس، سنحكم على الحكومة المقبلة برئاسة عزيز أخنوش، إما بنجاحها أو بفشلها، فهل ستكون لديها الجرأة والإرادة السياسية اللازمتين لفتح هذا الورش الملغوم، ذلك ما ستظهره السنوات المقبلة؟ في سطور - من مواليد 1951 بتازة - أستاذ متقاعد للتعليم العالي حاصل على دكتوراه دولة في العلوم الاقتصادية من جامعة الحسن الثاني بالبيضاء وزير سابق للتشغيل عضو بالمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية منذ ماي 2010. عضو سابق بالمكتب الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان وعضو جمعية الاقتصاديين المغاربة وعضو بالمكتب الوطني لجمعية الريف للتنمية والثقافة.

الصديقـي: الريـع يعيـق تنافسيـة الاقتصـاد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التعليم الخاص... الرخصة أولا

العبـدي: الانتخابـات شهـدت "بلطجـة سياسيـة"

مقالات ذات صلة