العبـدي: الانتخابـات شهـدت “بلطجـة سياسيـة”

الرئيس الجديد لجهة الرباط سلا القنيطرة قال إن رهانه الأول تقليص الفوارق بين مدن الجهة قال رشيد العبدي، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة والمنتخب رئيسا لجهة الرباط سلا القنيطرة، إن حزب العدالة والتنمية «أخفق في تدبير الشأن العام بمجموعة من الجماعات الكبرى، بسبب فقدانه للتجربة في التسيير، وقد كان ذلك من أسباب انهيار نتائجه في الانتخابات الأخيرة، سيما في الجماعات الكبرى»، مضيفا أن التصويت العقابي للناخب كان على الهيأة السياسية لهذا الحزب، ولم يشمل مكونات الحكومة الأخرى. وأوضح العبدي أن المنتخبين القادمين من عالم المال والأعمال يملكون التجربة لحل مجموعة من الإشكاليات. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: عبد الحليم لعريبي وعبد الله الكوزي/ تصوير: عبد المجيد بزيوات > كيف تفسر النتائج الهزيلة التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في انتخابات 8 شتنبر؟ > أطن أنها نتيجة عادية لحزب تصدر المشهد السياسي لولايتين، وهناك تجارب سابقة لأحزاب سواء على المستوى الوطني أو الدولي، تعرضت للموقف نفسه، لأن المواطن بطبعه يطلب التغيير بعد مرحلة معينة، وبالنسبة لحزب العدالة والتنمية كانت نتائجه الأخيرة أكثر مما كان متوقعا، لأن حصوله على 13 مقعدا انتخابيا يعني أنه فقد 90 في المائة من نتائج أصواتها. كان هناك عقاب للهيأة السياسية لحزب العدالة والتنمية وليس للحكومة، لأن هناك أطرافا أخرى مشاركة في الحكومة لكن لم يشملها التصويت العقابي. وأعتبر أيضا أن انتخابات ثامن شتنبر كانت انتخابات جماعية وليست برلمانية بالدرجة الأولى، على اعتبار أن حزب العدالة والتنمية كان يسير مجموعة من البلديات والمدن الكبرى والمتوسطة، والمواطنون لم يرضوا عن هذا الحزب في إطار سياسة القرب. > أين أخفق الإسلاميون في نظركم في تسيير مجالس جهة الرباط سلا القنيطرة؟ > التدبير المحلي مسألة تجربة، وهذا يعرفه العديد من قيادي حزب العدالة والتنمية، ومعلوم أن المدبرين حينما يأتون من عالم المال والأعمال والتجارة فهم يملكون تصورا، وأظن أن الأحزاب الكبيرة المنافسة لهم تزخر بهذه الموارد البشرية ذات الخبرة في التسيير والتدبير، لكن بالمقابل نرى أن منتخبي حزب العدالة والتنمية الذين دبروا المدن الكبرى من الموظفين ورجال التعليم ومن قطاعات أخرى، لا يملكون تصورا إستراتيجيا، رغم أن بعضهم تمرس في الآونة الأخيرة بعد سنوات من قيادة العموديات والمدن المتوسطة. كان عليهم الانفتاح على أشخاص آخرين بدل وضع الثقة في المناضلين لتسيير الشأن المحلي، وأعتقد أن هذا الحزب أخذ درسا بعد فوات الأوان، ولذلك أدى ثمن فقدانه للتجربة في التدبير. > هل لديكم تشخيص لمشاكل مدن جهة الرباط سلا القنيطرة؟ > هناك فوارق مجالية بين مدن كبرى، كالرباط وسلا والقنيطرة وتمارة، وأخرى متوسطة، كالخميسات وسيدي قاسم وسيدي سليمان، فمثلا المؤشرات في الرباط كعاصمة مرتفعة في التشغيل والبيئة والصحة، وفي حال مقارنتها مع مؤشرات مدينة كسيدي قاسم يظهر أن هناك فرقا كبيرا، وهمنا الآن هو تقليص الفوارق بين مدن الجهة مع الحفاظ على الجودة، وجعل الرباط مدينة ذكية كمثيلاتها بدول أمريكية وأوربية. > ما هي العراقيل التي تتوقعونها في تدبير الشأن الجهوي؟ > أنا شخص إيجابي وأترك الجوانب السلبية جانبا، ولن تكون هناك عراقيل، وحتى إن وجدت سنواجهها من أجل خدمة الصالح العام والتقدم نحو المستقبل. > ما موقفكم من أعمال العنف التي شهدتها بعض المناطق بسبب الانتخابات؟ > أنا اعتبرها «بلطجة سياسية» ونحن نريد الانتقال من هذه «البلطجة» إلى ديمقراطية المؤسسات، فقد فرضنا على المنتخبين، في إطار التحالف الثلاثي، أن يمتثلوا إلى القرارات الحزبية لمنع تهريب المرشحين، من أجل منهجية موحدة في تكوين المجالس، وأظن أن هذا التوجه سيتحسن من أجل مشهد سياسي ذي مصداقية. > هل تعتقد أن حزب الأصالة والمعاصرة «سيصبغ» أشخاصا للولوج إلى الحكومة؟ > حزب الأصالة والمعاصرة يزخر بكفاءات عالية وبنخب تمرست في حياتها المهنية الخاصة وحتى في المعارضة، وأظن أن «البام ما يفوتش أولادو»، وأنه سيقدم مجموعة من الحلول في التشبيب ومقاربة النوع، وسنكون نموذجا في إنصاف مناضلينا على مستوى الجماعات الترابية ومؤسسات الوساطة. > كيف عاد حزب الأصالة والمعاصرة إلى التحالف مع التجمع الوطني للأحرار، بعد الهجومات اللاذعة التي قادها الأمين العام لحزب «البام»؟ > هذا هو مفهوم التدافع السياسي، ونحن كنا في المعارضة وليس الأغلبية، ومن الواجب علينا القيام بدورنا الدستوري في قبة البرلمان وباقي المؤسسات الأخرى، ولا يمكن لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي يتوفر على برنامج واقعي، أن يهاجم حزب الأحرار فقط، بل هاجم باقي مكونات الحكومة بسبب غياب الانسجام بين أحزاب الأغلبية، فمن واجبنا ألا نبقى صامتين لأنها خيانة في حق المواطن ولمنتخبينا الذين منحونا ثقتهم، ومن حقنا التنديد والاستنكار، ووصلنا إلى حد التهديد بإسقاط الحكومة. مارسنا معارضة بناءة > هناك من يرى أن «البام» كان يمارس معارضة هدامة، ويضرب في كل الاتجاهات... > بالعكس فنحن معارضة بناءة، فقد تبنى الحزب مجموعة من القوانين التي أتت بها الحكومة، حينما رأى أنها في مصلحة المواطن، ولهذا سهل الحزب على الحكومة، خلال فترة الجائحة الوبائية، مجموعة من القرارات من أجل تخفيف الضغط على المواطن. اليوم الوضع مختلف بعدما دخلنا إلى الحكومة، ولن يبقى هناك مجال للتدافع السياسي، سنكون موضوعيين من أجل تطبيق برنامج حزب الأصالة والمعاصرة وحلفائنا داخل التشكيلة الحكومية، خصوصا البرامج التي نجد فيها التقائية مع هذه المكونات، كما سننخرط في مجال النقط المتعلقة بجلب رؤوس الأموال الأجنبية ومكافحة البطالة وتوفير التشغيل وأيضا في معالجة المديونية، ولا يمكن لحزب الأصالة والمعاصرة أن يتحالف مع حزب يريد أن يرفع نسبة المديونية إلى 200 بالمائة، بعدما ارتفعت في السنوات العشر الماضية إلى 44 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، ولهذا نحتاج اليوم تصورا جديدا التقينا فيه مع حزبي التجمع الوطني للأحرار والاستقلال، ولهذا بني التحالف الثلاثي من أجل مصلحة المواطن. الأصالة والمعاصرة مستهدف > أقر عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة في خرجات سابقة بأن الحزب سيحتل الرتبة الأولى، ما هي بنظركم الأسباب التي أدت به للتموقع ثانيا؟ > عبد اللطيف وهبي دفع بالحزب في اتجاه قفزة نوعية، واليوم نرى نتائجها، فالحزب منذ نشأته ظل ثاني قوة سياسية في البلاد ومستهدفا من قبل خصوم سياسيين، ليس في إطار التنافس والتدافع العادي، بل جرى اتهامه بعدم المشروعية وبأن له أهدافا أخرى، لكن وهبي جاء بتصور آخر واشتغلنا مع مجموعة من الكفاءات داخل الحزب، وحققنا نتائج إيجابية رغم أن الحزب كان يتوفر على 102 مقعد في الانتخابات الماضية، لكن في الانتخابات الأخيرة تم حذف العتبة الانتخابية، ومع ذلك حصلنا على المركز الثاني، لنكون بذلك قد حققنا نتائج إيجابية في هذه الاستحقاقات. لقد حافظ «البام» على مركزه بمجموعة من المدن، بعدما قاربت الترشيحات الجديدة 50 في المائة على الصعيد الوطني، وحديث الأمين العام للحزب سابقا عن احتلال الرتبة الأولى يبقى طموحه، كما أن أغلب الأحزاب ادعت أنها ستحتل المرتبة الأولى، وتصدر الانتخابات يبقى مرهونا بموارد بشرية ومالية، فحزبنا ما زال فتيا ومع ذلك حافظ على موقعه في ظل هذه الظروف رغم عدم تدبيره الشأن الحكومي، لقد جدد نخبه بجرأة وحافظ على الرتبة الثانية واليوم وصل إلى التشكيلة الحكومية. حل المشاكل الاجتماعية أولويتنا > هل يمكن للحزب أن يلجأ إلى «البلوكاج» في المرحلة المقبلة؟ > أبدا، لم يكن حزب الأصالة والمعاصرة يوما ما حجر عثرة بالنسبة إلى أي كان، ورغم أننا كنا في المعارضة بقينا نشتغل في الإطار المؤسساتي، واليوم نحن في أزمة ونغلب مصلحة الوطن على مصلحة الحزب، ولهذا همنا الأساسي هو الخروج من الأزمة الراهنة من أجل إيجاد حلول بديلة للفقر والهشاشة الاجتماعية، بمعنى أننا سنتجه إلى حل المشاكل الاجتماعية، بدل افتعال المشاكل الحزبية الداخلية. > من الناحية الأخلاقية ألا ترون أن التحالف الثلاثي أقصى أحزابا أخرى من تسيير المجالس المنتخبة؟ > أعتقد أن صناديق الاقتراع هي التي حسمت في النتائج ومنحت الرتب الثلاث الأولى لهذه الأحزاب، بمعنى أن 70 في المائة من المجالس الجديدة تكونت انطلاقا من أحزاب التحالف الثلاثي، ولهذا فالمغرب، كما قال جلالة الملك محمد السادس، محتاج إلى مؤسسات قوية، واليوم تقوم المؤسسة الملكية والدولة بأدوار مهمة، والمؤسسات الأخرى يجب أن تقوم هي الأخرى بالدور ذاته من خلال التوفر على كفاءات تتجاوب مع انتظارات المواطنين. المواطن هوالذي وضع أحزاب التحالف الثلاثي في الرتبة الأولى، وستكون خيانة له إذا لم نتحالف لصالح الناخبين، لأننا نؤمن بالتنافس الديمقراطي واختيارات المواطنين، وهذا هو توجهنا. تجويد برامج التنمية > ما هي منهجية رئيس الجهة الجديد للرباط سلا القنيطرة في الاشتغال؟ > أنا أنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، وحينما انتقلت لترؤس الجهة أصبحت رئيسا للجميع. لقد عقدت اجتماعا أوليا من أجل التدبير التشاركي حتى نلتقي في مجموعة من المحاور من أجل نقل الجهة إلى مستوى أحسن، نحن لا نرضى بما هو موجود أمامنا بل نطمح دائما إلى الأحسن، والقطيعة مع الوضع السابق ستكون فقط في أسلوب التدبير، كما سنقوم بتجويد البرامج وإعطاء مآلها، لأن ما يهمنا هو تطبيق النموذج التنموي الجديد، بعدما فشل البرنامج السابق. في سطور - من مواليد 1972 بالرباط. - أب لأربعة أبناء. - خريج المدرسة العليا للدراسات التجارية بكندا تخصص مالية. - رجل أعمال. - انتخب رئيسا لمقاطعة بطانة بسلا في 2009. - انتخب نائبا برلمانيا بدائرة سلا المدينة في 2011 و2015 و2021. - عضو الاتحاد البرلماني الدولي في 2014. - نائب رئيس مجلس ورئيس لجنة العرائض والملتمسات في 2016 ورئيس الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة في الولاية الأخيرة. - عضو بفريق المعارضة بمجلس سلا من 2015 إلى 2021.

العبـدي: الانتخابـات شهـدت “بلطجـة سياسيـة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصديقـي: الريـع يعيـق تنافسيـة الاقتصـاد

ريـع مـحـمـي بالـقـوانـين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات