أنقذه عرض أخنوش من شبح خمسة عشر عاما من انتظار أول مشاركة في الحكومة لو لم ينضم الأصالة والمعاصرة إلى أغلبية حكومة أخنوش لدخل نفقا مسدودا وقبل حكما بخمسة عشر عاما من انتظار أول مشاركة منذ تأسيسه الرسمي في 20 فبراير 2009، على اعتبار أن أمل أعضائه سيبقى معلقا إلى استحقاقات 2026. ولعب الحزب دورا مهما في مرحلة صعبة تميزت بحالة انحسار في أداء أحزاب تقليدية عجزت عن تعبئة الشباب المتجه باطراد إلى العزوف عن السياسة، وكان إطارا لخلخلة المشهد الحزبي والتصدي لمد الإسلاميين إذ تمكن من الحصول على الرتبة الثانية خلفه في 2015 وحافظ على مكانته في استحقاقات شتنبر الجاري. وقامت بنية الحزب على المزج بين نخب سياسية واقتصادية حداثية، من المشهدين الليبرالي واليساري، وشريحة من الأعيان، إذ ضم فضلا عن أعضاء من "حركة لكل الديموقراطيين" خمسة أحزاب، ويتعلق الأمر بحزب العهد، والبيئة والتنمية، وحزب رابطة الحريات، وحزب مبادرة المواطنة والتنمية، والحزب الوطني الديمقراطي. وبدأ مسار "الجرار" بتأسيس حركة "لكل الديموقراطيين" المكونة من شخصيات تقنوقراطية بارزة ويساريين قدماء وناشطين في المجتمع المدني وأعيان، لكن تواتر الجدل بعد ذلك بخصوص مستقبل الحركة وغموض أهدافها، ليتم الإعلان عن تأسيس حزب جديد قوبل ميلاده بمناهضة الأحزاب التقليدية الكبرى التي رأت فيه استمرارا لموجة "الأحزاب الإدارية"، وبالمقابل اعتبر "البام" أن هذا الموقف دليل على عجز النخبة الحزبية عن مواكبة التحولات التي يعرفها المغرب الجديد. وشارك الأصالة والمعاصرة في الانتخابات الجماعية لـ 2009، وحصل على الرتبة الأولى بـ 6032 مقعدا، أي بنسبة تفوق 21 في المائة، ومع اشتداد التنافس اتضح أن نشاط الأصالة والمعاصرة يستهدف كبح تقدم حزب "بيجيدي"، الذي تقدم في كل استطلاعات الرأي، قبل حصوله في انتخابات 25 نونبر 2011 على الرتبة الأولى بـ107 مقاعد في مجلس النواب، ما منحه قيادة أول حكومة له. وانفرط عقد التحالف الذي انخرط فيه "البام" مع 7 أحزاب أخرى مع بدء تشكيل حكومة عبد الإله بنكيران الذي استفاد حزبه من ديناميكية الربيع العربي، وموجة المطالبة بالإصلاح ومناهضة الاستبداد وظهور حركة 20 فبراير، ما ساهم في إرباك حسابات "الجرار"، ثم عاد بقوة في الاستحقاقات السابقة، لكن أبعد من الأغلبية بحكم العداء بين قيادته وقيادة الحزب الإسلامي. ياسين قُطيب