fbpx
الأولى

ضريبة على العدس وإعفاء الذهب

فـرض رسـوم علـى غـذاء الفقراء بنسبة 40 في المائة وواردات المعـدن النفيـس معفيـة من الرسوم الجمركية

 

تخضع واردات العدس، الذي يعد الغذاء الأكثر استهلاكا، من قبل الفقراء والفئات محدودة الدخل، لرسوم جمركية تصل إلى 40 %، بدعوى حماية المنتوج الوطني، الذي يتراوح بين 60 ألف قنطار و 100، في أحسن الأحوال، وهي كميات لا يمكن أن تلبي الاحتياجات، خاصة أن شرائح واسعة من الأسر تتخذه غذاء رئيسا لها، ورغم ذلك، فإن المسؤولين عن السياسة الضريبية يفرضون عليه حواجز جمركية بنسبة 40 في المائة، ما يساهم في رفع سعره، إذ في حال ارتفاع أسعار هذا المنتوج في الأسواق العالمية، فإن سعره في الأسواق المغربية يرتفع بالضعف، أي لو ارتفع سعره في الأسواق الدولية إلى 10 دراهم للكيلوغرام، فإن المستورد مطالب بأداء 4 دراهم عن كل كيلوغرام، ما يرفع السعر إلى 14 درهما، يضاف إلى ذلك كلفة النقل والشحن والتفريغ وهوامش ربح المستورد وبائع الجملة والتقسيط، ليقفز سعر البيع للعموم إلى 20 درهما للكيلوغرام أو 25.
وسبق أن ارتفعت أسعار العدس إلى مستويات غير مسبوقة، ما أثار موجة من التعليقات والتساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع، وأصبح الموضوع مادة خصبة في وسائط التواصل الاجتماعي، إذ حول بعض النشطاء على هذه الشبكات السيارات المصفحة المخصصة لحمل الأموال والمعادن الثمينة إلى مركبات لنقل العدس، في إشارة إلى ارتفاع قيمتها وأهميتها لدى المواطنين.
وقد اضطرت الحكومة، آنذاك، إلى تعليق الرسوم الجمركية على واردات العدس، نظرا للمحصول المحلي الضعيف لهذه المادة وارتفاع أسعارها في السوق الدولية، لكنها سرعان ما أعادت فرضها بعد ذلك. والمفارقة الكبيرة أن واردات الذهب معفية من الرسوم الجمركية، إذ لا تخضع سوى للمعدل الأدنى للحقوق الجمركية المحدد في 2.5 في المائة، علما أن رقائق الذهب وصفائحها معفية، أيضا، من الضريبة على القيمة المضافة المحدد معدلها في 20 في المائة.
ويثير هذا الوضع تساؤلات حول الأسس التي تعتمدها السلطات العمومية في هذا الباب، إذ كيف يتم إقرار حقوق جمركية بـ40 في المائة على واردات منتوج يستهلك من قبل الفقراء ومحدودي الدخل ويتم إعفاء الذهب المستعمل من قبل الأثرياء؟
لا يمكن، بطبيعة الحال إيجاد مسوغ مقبول لهذه المفارقة، إلا إذا كان القائمون على السياسة الجبائية، والجمركية على وجه الخصوص، يعتبرون أن القدرة الشرائية لمستعملي المعدن الثمين أضعف من أن تتحمل إثقالها بحقوق جمركية إضافية، عكس محدودي الدخل، الذين يتميزون بقدرة أكبر على التحمل، وسيضطرون إلى أداء الواجبات الجمركية المفروضة على غذائهم الرئيسي، لأن لا بديل لهم عنه.
وهكذا يصبح مستهلكو العدس أكثر ثراء من مقتني الذهب، لذا عليهم أن يتحملوا واجبات جمركية أكبر.
عبد الواحد كنفاوي


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى