سأسحب شكايتي حتى لا أكون متهما!

ساعة في الجحيم إثر استدعاء فجائي لشرطة البيضاء بعد شهر من سرقة هاتفي لم يكن الجمعة الماضي يوما عاديا بالنسبة إلي، إذ وجدت نفسي في مقر للشرطة القضائية، محشورا مع مشتبه فيه مصفد اليدين، قبل أن يومأ إلي بأنني متهم في قضية تتعلق بسرقة هاتف محمول. القصة تبدو غريبة وخطيرة في الآن نفسه، وأتمنى من عبد اللطيف حموشي، مدير الأمن الوطني، وعبد الله وردي، والي الأمن، أن لا يقرءا هذه السطور، لأن مضامينها ستفرغ كل المجهودات الأمنية على الصعيد الوطني، والنجاحات المحققة في مجال مكافحة الجريمة، والشهادات الدولية وغيرها من الإنجازات، وتدفعهما إلى إعادة النظر في بعض من أنيطت بهم مهام إجراء التحريات والأبحاث، لأنها تحتاج إلى الذكاء والنباهة، ولا تحتمل الأخطاء البديهية التي تفسر في بعض الأحيان غباء، يساعد المجرمين في الإفلات من العقاب، ويزج بالأبرياء في المساءلة القضائية. سأبدأ سرد قصتي بالتفاصيل.. وضعت شكاية لدى الشرطة القضائية أنفا قبل شهر، إثر تعرضي لنشل هاتفي باستعمال دراجة نارية من شارع المسيرة، عندما كنت أغادر مقر عملي، ولحسن الحظ أن شخصا لديه كاميرا مثبتة بالزجاج الأمامي لسيارته، حصلت منه على شريط يصور العملية برمتها، وطريقة الانتشال والدراجة والمتهمين... إلخ. استعانت فرقة الشرطة القضائية المكلفة بالبحث بتصريحاتي والشريط وغير ذلك، قبل أن أفاجأ الجمعة الماضي بمكالمة تستعجل حضوري إلى بناية ولاية الأمن. اعتقدت أنهم أوقفوا اللصين، وتركت عملي بعد استئذان مسؤولي التحرير، لأهرول إلى ولاية الأمن. سؤال عند البوابة الرئيسية ثم ولوج فأسئلة من مكلفات بالاستقبال، شرحت لهن أنه تم استدعائي هاتفيا من قبل شخص قدم نفسه بـ"الشرطة القضائية"، فطلبن مني إعادة مهاتفته أمامهن قصد معرفة أي طابق، وما أن ركبت الأرقام حتى وقف علي شرطي آخر مانعا إياي من استعمال الهاتف. شرحت له الأمر فخيرني بين إخفاء الهاتف أو الخروج من البوابة إن أردت التحدث عبره. أخبرته أنني إن خرجت لن أعود وسأذهب لحالي، فلم يأبه بكلامي لأنصرف مغادرا، بعد أن كدت أفقد أعصابي بسبب طريقة الحديث والاستقبال، قبل أن يلحق بي ويعيدني إلى الداخل. تأكدت أن من طلبني ينتمي إلى الفرقة التاسعة ويوجد بالطابق الأول، فأردت الصعود إليه، إلا أنهم طلبوا الاحتفاظ بالهاتف المحمول فاستجبت. ما أن وقفت أمام من طلبني بالطابق الأول، حتى أخذ يحملق في من أخمص قدمي إلى رأسي ويتمعن في ملامح وجهي، ليتفوه "ما عرفت فين شفتك؟"، أخبرته أنني قضيت معه ثلاث ساعات من السادسة إلى التاسعة يوم سرق هاتفي، ليستدرك ويطلب مني هاتفي. أخبرته أنني تركته في الاستقبال، ليأمرني باسترجاعه والعودة إليه... كانت هناك امرأة يبدو عليها الغضب، طلبت مني إمساك أعصابي مخبرة إياي أنها بدورها سئمت من الذهاب والمجيء دون جدوى. تقدم مني المحقق، وأمرني بتشغيل الهاتف ثم أخذه مني، أمرني بالجلوس بجنب شخص مشبوه يداه مصفدتان، وشرع الشرطي في تفحص الهاتف والدخول إلى البيانات الخاصة بي، قبل أن يسألني "منين جاك هاد التيلفون؟". ضحكت وقلت له إنه هاتفي، رد علي: لقد كنا نقتفي هذا الرقم واستدعيناك عندما أدركنا أنه شغل منذ أمس. أجبته بأنني صحافي وأنني استرجعت بطاقة الهاتف بـ 60 درهما لأنه رقم اشتراكي بشركة الاتصالات، واقتنيت هاتفا آخر، لأن عملي لا يسمح لي بالبقاء دون ذاك الرقم. فطرح استفهامات حول اقتنائي لهاتف من الصنف نفسه الذي سرق مني، قبل أن يستدير إلى زميل له ويشرعا في استقراء شاشة الحاسوب والنظر في الشريط نفسه الذي مددتهما به، ويتفوه بعبارات مشفوعة بابتسامة، فهمت منها قوله "مشا ليه أيفون جاب أيفون... سعداتهم ". عندها ارتفع ضغط دمي ونسبة السكري في دمي، وتوجهت إليهما بسؤالي "واش أنا متهم؟"، فرد علي بأن الأبحاث والتحريات تتبعت الهاتف إلى أن تم تشغيله فنادينا على من شغله، ثم أجبته إذن أنتم تستدعون اللصوص بهذه الطريقة والسهولة، فرد علي "تنديرو خدمتنا". لم أصمد فطلبت منه أن يمدني بهاتفي وانصرفت إلى حال سبيلي، وأنا أجيب بدواخلي عن استفهامات عريضة، بدءا من أمري بالجلوس بجانب مشكوك فيه مصفد اليدين مرورا بالهمس بين الشرطيين وختاما بالاشتباه بأن مشغل الهاتف هو المطلوب في البحث! سأسحب شكايتي، اليوم (الاثنين)، وأطلب من وكيل الملك إيقاف البحث والتحقيق، فهذا على الأقل يعفيني من الوقوع في محل شبهة ويبعدني عن الجلوس مع المشتبه فيهم، ويجيرني من أسئلة ومعاملة قد تشعل الأعصاب وتحول المشتكي إلى مشتكى به على الأقل بتهمة إهانة الضابطة القضائية... نور الدين الكرف

سأسحب شكايتي حتى لا أكون متهما!

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"بوليساريو" وعودة المتقاعدين لقصر زرالدة

شطط ذكوري في الداخلية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات