هــارون بــن بــطــاش

يهود حكموا في المغرب5 السلطان عبد الحق الثاني راهن على التجار اليهود لتدارك إرهاصات أفول العهد المريني تسلق اليهود المغاربة سلم النفوذ في حاشية سلاطين المغرب، بالنظر إلى الدور الذي لعبوه في رسم المشهد السياسي للأنظمة التي تعاقبت على الحكم. ورغم تراجع نفوذهم من عهد لآخر بحكم علاقتهم بالبلاط التي اتسمت بالمد والجزر، فإن اليهود المغاربة كانوا يعيشون عصورا ذهبيةً لم ينعموا بمثيلها خلال وجودهم في بلدان أخرى، إلى حد أن وصفهم بأنهم "حالة متفردة إذ لا يوجد في العالم الإسلامي بلد احتل فيه الوسطاء اليهود مكانة جد مهمة، كما هو الشأن في المغرب"، حسب تعبير صاحب كتاب "يهوديو السلطان". إعداد: ياسين قطيب فطن السلطان عبد الحق الثاني آخر سلاطين المرينيين، قبيل سنين قليلة بعد وصوله إلى الحكم لقوة التجار اليهود ورجال دينهم، فاعتمد عليهم، في وقت كانت دولته تعيش فتراتها ضعفا، بالنظر إلى الوضع غير المستقر للمغرب حينها. وراهن السلطان المذكور على التجار اليهود لتدارك إرهاصات أفول العهد المريني في القرن الـ15، اعتقادا منه أن ذلك سيكون من شأنه المساعدة على تقوية موقعه، ولم يجد أمامه غير هارون بن بطاش أكبر تجار ذلك العهد، فجعل منه رجل الظل والمستشار، الذي لا يظهر إلا وقت الأزمات. لم يجد آخر السلاطين المرينيين بدا من خرق عقد الذمة، حتى يتسنى له تعيين ابن بطاش في منصب الصدر الأعظم، وتمرس كبير التجار في مهامه حتى أنه أصبح يلقب كذلك بكبير الوزراء، فقد ساعد حاكم البلاط في تثبيت حكمه، وتقوت شوكته وشططه إلى درجة أن المؤرخين يجمعون على أنه كان العقل المدبر لمذبحة 1458، التي تخلص السلطان من أقربائه الوطاسيين، بذريعة أنهم يزاحمونه على الحكم، لكنها كانت سببا في استياء الناس من السلطان، الذي زاغ بفضل مستشاره عن جادة الرأفة والعدل وأصبح يحكم بقبضة الخيل والفرسان والسيوف. تجاوز هارون بن بطاش منصب كبير الوزراء، وتطلع إلى الملك، فقد اقتطع لنفسه جزءا خاصا من الإيالة الشريفة، عندما حصل كذلك على منصب حاكم مدينة فاس، مستغلا الفترات الكثيرة التي كان ينقل فيها السلطان إقامته إلى منطقة الشمال. ومع طول سفر السلطان عن فاس، بدأ كبير الوزراء يقبض الضرائب من السكان لنفسه، لكنه بالغ في ذلك، ولم ينته إلى أن ساد الاستياء بين أهل فاس من بطشه، وزادت من ذلك قسوة مساعد اليهودي الآخر «شاويل»، لكن صمت سكان المدينة لم يدم طويلا، إذ انضم العلماء إلى الغاضبين وتزعموا الثورة التي اندلعت بعدما قبض ابن بطاش على امرأة من أشراف فاس أشبعها ضربا. نهاية العهد المريني ثارت فاس في 1465 بزعامة أبو فارس عبد العزيز ابن موسى الورياغلي، خطيب القرويين، ولم تهدأ إلا بقطع رقبة هارون، إذ كان يعتقد الثوار أن اليهودي هارون هو الحاكم الفعلي، الذي يسير شؤون البلاد، وهو من يملي على السلطان أفعاله الشنيعة، كما قتل السلطان عبد الحق ليكون ذلك إعلانًا بنهاية العهد المريني. واستمرت لعنته وبالا على اليهود، الذي تعرض بعضهم للتصفية الجسدية ومصادرة أملاكهم، وأجبر العديد من رموزهم على اعتناق الإسلام في جلسات شبيهة بمحاكم التفتيش، وتواصلت حرب اضطهادهم إلى عهد محمد الشيخ الوطاسي، أحد الناجين من المذبحة الكبيرة التي نفذها عبد الحق المريني بتخطيط من الوزير المعدوم.

هــارون بــن بــطــاش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بايرن غاضب بسبب صفقة ميسي

"السيدا"... صامت ما زال بيننا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات