الختـان… سنـة مؤكـدة وذكـرى مفجعـة

تترك آثارا نفسية لدى الطفل وعدم تطبيقها يعقد الحياة الجنسية تحول الختان إلى امتحان حقيقي للآباء، إذ يواجهون معضلة أخلاقية في غاية الصعوبة، خاصة المؤمنين بحرية التصرف في الجسد، فالطفل الذي يولد في بلاد المسلمين، محكوم عليه من قبل المجتمع، بقطع جزء من جسده، وأما إذا امتنع عن الختان، فإنه يواجه مشاكل في حياته الجنسية لا حصر لها. ولعل أبرز المشاكل التي تواجه غير المختنين، تنمر الأقران والأصدقاء، خاصة أن الأطفال يحبون اكتشاف جسدهم، ومقارنته بجسد من هم في سنهم، إذ يواجه الطفل غير الخاضع للختان، بتحرش أقرانه به، وينعت بأوصاف تبقى راسخة في ذهنه، وتسبب له مشاكل نفسية، ولا تنتهي هذه المشاكل بمجرد تجاوز مرحلة الطفولة، بل تمتد إلى المراهقة والشباب، إذ أن كل أنثى سيقابلها، ويرغب بربط علاقة جنسية معها، ستتعجب من عضوه الذكري، وربما ترفضه، أو تشعره بنقص معين، لأنه سيكون استثناء وسط جيش من المختنين. وإذا عكسنا الصورة، وولد الطفل في أسرة لا تنشغل بمثل هذه الأسئلة، وتزحف وراء عادات المجتمع وتدافع عنها، فإن الطفل يحتفظ بذكرى سيئة، تتمثل في أنه في يوم ما تآمر عليه الجميع، من أجل بتر قطعة لحم من جسده، فحتى أقرب أقاربه يوهمونه ويسقطونه في الفخ، ويراهم بمثابة أعداء تواطؤوا مع غريب، لأخذ شيء ليس بملكهم، وأشعروه بالألم، وسببوا له في نوبات بكاء هستيرية. وبما أن الختان سائد في جل فئات المجتمع، فإن أبناء الطبقات غير المتعلمة، يواجهون مشاكل عصيبة، إذ يجعلون من هذه الذكرى السيئة، بعبعا يخيفونه به كلما حاول أن يعاكس إرادة أسرته، إذ أن الأمهات والآباء والإخوان، يهددونه بإعادة بتر عضوه، إذا قام بتصرف لا يحلو لهم، إلى درجة أن هناك من يستغل هذه الذكرى السيئة، لإثارة البهرجة والإضحاك، إذ يبتز أحدهم الطفل أمام الملء، بالقول إن لم تفعل الشيء الفلاني، فسأنادي على الطبيب، وهناك فعلا من يمسكون الهاتف، ويتظاهرون بأنهم يكلمون أحدا، والطفل يبكي وينزوي في الركن، مخافة أن يتكرر الأمر نفسه، ولا أحد يبالي بهذا التعذيب النفسي، بل إنهم يثير لديهم الضحك. ويتمسك أغلب أطياف المجتمع بالختان لأسباب دينية، وجزء آخر لدوافع مجتمعية كثيرة، لكن قليلين من يطرحون السؤال حول جدوى هذه العملية، التي ورثناها عن الأجداد، خاصة مع تطور العلوم، فرغم عدم وجود أبحاث جادة تثبت فوائد أو أضرار الختان، فيجوز التساؤل عن الجدوى، خاصة أن هذه المسألة تترك آثارا نفسية صعبة على الطفل. ويعتبر الختان من المؤشرات على تخلف المجتمع، ودليل هذا الأمر، هو تمجيد عادات الجماعة على حساب الفرد، إضافة إلى التصرف في جسد الآخر، وهذه الفكرة امتداد لفكرة أخرى، مفادها أن الطفل ملك لأبويه، ومن حقهما بتر ما يريانه قبيحا وترك ما يريانه جميلا، بينما النظر إلى عمق هذه العملية، يظهر اعتداء سافرا على جسد الطفل، فمن منح الحق للأب والأم، أن يتصرف في جسد طفلهما، فماذا سيكون موقفهما إذا كبر ولامهما على هذا التصرف غير محسوب العواقب، هل سيخبرانه أنه ملكيتهما، أم سيعتذران له أم ماذا؟. عصام الناصيري

الختـان… سنـة مؤكـدة وذكـرى مفجعـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"ختان الذكور والإناث" لسامي الديب

نظافة وطهارة

مقالات ذات صلة