الباحث في علوم الآثار يناقش دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين صدر، بداية الصيف الجاري، الكتاب الثاني للباحث الأثري أبو القاسم الشبري، مدير مركز التراث المغربي البرتغالي بالجديدة، تحت عنوان "الدين والسياسة في المجتمع، بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين"، عن دار "الفاصلة للنشر" بطنجة. ويقع الكتاب في 190 صفحة من الحجم المتوسط، ويقع في فصلين وملاحق وببليوغرافيا. وجاء الكتاب الجديد تزامنا مع الاستحقاقات الوطنية، ليعيد المجتمع والباحثين، إلى مساءلة أمور الدين والسياسة والمجتمع، في ارتباط هذا الثلاثي المحرك للحضارة والفاعل فيها ولأجلها. وينطلق الكتاب، حسب الكاتب نفسه، من حالة المغرب ليلامس كل المجتمعات بمختلف دياناتها وإيديولوجياتها، في ارتباط الدين والسياسة بالمجتمع، حيث لا دين ولا سياسة بدون مجتمع، ولا مجتمع خارج التاريخ، ولا تاريخ بلا ثقافة مجتمعية، بتعبير المؤلف. ويطرح الكتاب السؤال مجددا حول دمج الدين في السياسة، في مقاربة مندمجة بفعل تكوين الكاتب في علوم الآثار والأنتربولوجيا وممارساته السياسية لعشرات السنين، مستحضرا نشأة التدين عند المجتمعات الموسومة بالبدائية، من تأليه قوى الطبيعة إلى توحيد الإله الواحد، انتهاء إلى فرض توحيد الرأي الأحد، في "اجتهادات" من قبل رجال الدين في مختلف الديانات، مقابل رفض ذاك الرأي من قبل رافضين لا يفهمون في الدين إلا غلافه ونصوصا مبتورة، فتعم الظلامية كلا الطرفين. فمن "لحية اليساريين الماركسيين والمتفلسفين" إلى "لحية الإخوان"، يلامس الباحث تاريخ نشأة الجماعات الإسلامية وتغلغلها في الجامعات والثانويات، بدعم معروف لمحاصرة اليسار، وكيفية تحولها، فكريا وثقافيا وإعلاميا، من جماعات دَعَوية "وديعة" إلى حركات إرهابية أو إلى أحزاب، إلى أن وصلت دفة الحكم في عدة بلدان عرفت انتفاضات جماهيرية قادها شباب وشابات، حداثيون، "سافرات". وأشار الدكتور حسن قرنفل في تقديمه للكتاب، إلى "أن الكاتب ينادي بمشاعية سؤال الدين والسياسة، لذلك ركز شعار الكتاب من ألفه إلى يائه، على دعوة المثقفين والباحثين والسياسيين والقوى الحية من أجل الخوض بجدية في تحليل أمور الدين والسياسة، وما يجمع وما يفصل بينهما، أو كما قال ابن رشد لتفصيل ما بينهما من اتصال وانفصال. فالموضوع مَشاع بين العشيرة والقبيلة، وعلى الجميع أن يخوض فيه حتى لا نبقى مرهونين لاستحواذ واستفراد فئة معينة بموضوع أو مجال معين. فلا يستفرد الفقهاء والسماسرة بالدين، ولا يستقوي الحداثيون على المحافظين بعولمة حقوق الإنسان، وما يصاحبها من حرية العقيدة وحريات فردية غالبا ما تُـفهم في زيغ عن مرماها وحكمتها وفلسفتها". يذكر أن أبا القاسم الشبري، فاعل سياسي وجمعوي، خبير في التراث العالمي، خريج المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط ومدرسة التكوين الدولي في الثقافة بباريس، له تآليف ومساهمات في تدبير الشأن الثقافي والسياسات الثقافية، وفي تثمين التراث، دراسة وتعريفا وترميما وإعادة توظيف. وله مشاركات عديدة في ندوات وطنية ودولية، داخل المغرب وخارجه، بدول إفريقية وأوربية. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)