مهنيون يطالبون بدعم كامل للتظاهرات بدل التقليص الذي حصل خلال فترة الجائحة عادت الحياة تدريجيا إلى الفضاءات الثقافية والفنية، بعد أن قررت الحكومة، السماح بفتح المسارح وقاعات السينما وقاعات العروض، بعد حوالي سنة ونصف السنة من الإغلاق. وجاء استئناف الحياة الثقافية والفنية بعد انتظار المهنيين، الذين تعالت أصواتهم طيلة فترة التوقف التي كبدت القطاع خسائر عديدة، وحكمت على معظم المشتغلين فيه بالعطالة، ما دفع الكثيرين منهم إلى التعبير عن تذمرهم من هذا الوضع، عبر العرائض والبلاغات والبيانات، وأيضا من خلال الضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وانتقد المهنيون إصرار الحكومة على جعل قطاع الثقافة في الرتبة الأخيرة، خاصة أن إجراءات التخفيف بدأت بفتح المقاهي والمطاعم والأماكن العامة، وقبلها المرافق الاقتصادية والاجتماعية تدريجيا، مع اشتراط التحكم في عدد الحضور بما يحول دون حصول اكتظاظ وازدحام في الأماكن المفتوحة. وسمحت السلطات الحكومية، منذ أسابيع قليلة، بتنظيم التجمعات والأنشطة في الفضاءات المغلقة على أن لا يتعدى عدد الحضور فيها خمسين فردا، في حين اشترطت أن لا يتجاوز العدد مائة فرد في الفضاءات المفتوحة، مع ضرورة الحصول على ترخيص رسمي في حال تجاوز هذا العدد. في المقابل أبدى مهنيون تخوفهم من المستقبل الغامض للمهرجانات المنظمة خلال فترة الصيف، خاصة أن الكثير منها توقف بشكل نهائي، في حين نظم بعضها بشكل افتراضي، بعد أن لجأت وزارة الثقافة والشباب والرياضة، إلى تقليص ميزانية دعم هذه المهرجانات. وفي هذا السياق يقول الناقد السينمائي محمد اشويكة، إن عودة المهرجانات بمثابة آلية لتحريك قطاع ضربته جائحة كورونا في الصميم، وحكمت على العديد من التظاهرات الفنية بالموت والتوقف النهائي، في الوقت الذي حاولت فيه تظاهرات أخرى الاستمرار بشكل أو بآخر ولو افتراضيا عن طريق المنصات الرقمية. وأضاف اشويكة، في حديث مع "الصباح"، أن العديد من المدن الصغرى التي كانت تحتضن المهرجانات تضررت بشكل مباشر من توقف هذه التظاهرات التي كانت تشكل فرصة لانتعاشها وظهورها على الواجهة، إذ أظهرت جائحة كورونا أن المهرجانات ليست ترفا، بل هي وسيلة لتحريك الواقع الثقافي المأزوم في المغرب، وفرصة لإخراج المواطنين من جحيم روتين الحياة اليومية. كما تحدث عضو لجنة دعم المهرجانات السينمائية، المنتهية ولايتها حاليا، أنه لم يتحدد بعد ما إذا كانت الوزارة الوصية ستعيد الأمور إلى نصابها في ما يخص الدعم الممنوح للمهرجانات الذي تقلص السنة الماضية بفعل الجائحة، في انتظار تنصيب لجنة جديدة، واستقبال ترشيحات المهرجانات والتظاهرات الثقافية. واعتبر المتحدث ذاته أنه يجب الاستفادة من تجربة العروض الافتراضية التي انفتحت على جمهور آخر صار يتلقى الفرجة السينمائية من داخل المنزل، وستكون فرصة لتجديد آليات الاشتغال، بعد اكتساب المنظمين خبرة في المزاوجة بين التنظيم الحضوري والرقمي، لكسب إشعاع جديد للتظاهرات حتى بعد انجلاء الجائحة. في المقابل طالب النقيب توفيق عمور، في حديث مع "الصباح"، وزارة الثقافة بالتفكير في إعادة الأمور إلى أصلها، خاصة بعد تراجع مؤشر الوباء في المغرب، فضلا عن التقدم الحاصل في عملية التلقيح، وهو ما يجعل مسألة تقليص ميزانية التظاهرات لا معنى له في ظل العودة التدريجية لها. وأضاف أمين عام النقابة المهنية المغربية لمبدعي الأغنية أن على الوزارة الوصية أن تعيد النظر في طريقة الدعم في ظل إجراءات تخفيف الحجر وتأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي حدثت، فضلا عن المحافظة على التظاهرات الجادة التي حققت إشعاعا قبل الجائحة. عزيز المجدوب