رسائل مجهولة تعصف بأمنيين
العقوبات تراوحت ما بين التوقيف والإحالة على التقاعد
أصدرت المديرية العامة للأمن الوطني بالرباط، أخيرا، قرارات عقابية في حق رجال أمن بمدن مختلفة، بعثوا برسائل مجهولة إلى المدير العام للأمن الوطني، من أجل التظلم، وتعرفت المديرية على هوياتهم، لتصدر في حقهم عقوبات تأديبية، شملت التوقيف عن العمل مدة ثلاثة أشهر.
كما تضمنت القرارات عقوبة غير مسبوقة في حق ضابط أحالته على التقاعد الحتمي، بعدما باتت المديرية تقطع مع الوشايات المجهولة، وتدعو عناصرها إلى تقديم التظلمات إلى الرؤساء في العمل عبر السلم الإداري لتفادي التأثير على المرفق الأمني.
وأفاد مصدر “الصباح” أن العقوبات نزلت على عميد ممتاز سابق بالمنطقة الإقليمية للأمن بسيدي قاسم، انتقل حديثا إلى طنجة ليشغل مسؤولية في العمادة المركزية، ونال عقوبة التوقيف ثلاثة أشهر عن مزاولة مهامه، ليعود إلى العمل، وهو الأمر نفسه إلى أمنيين بوجدة وتطوان، بعدما استدعتهم المفتشية العامة للأمن إلى مقرها بالطريق الساحلي للرباط، قصد الاستماع إلى أقوالهم في شأن الرسائل التي تخصهم، والتي بعثوها بصفة مجهول، قبل أن تهتدي إليهم الخبرات التقنية المجراة عليها.
وأصدرت في حقهم عقوبة التوقيف المؤقت عن العمل، كما أصدرت في حق ضابط كان يشتغل سائقا لمسؤول أمني عقوبة التنقيل إلى المفتشية العامة للأمن، بدون مهمة.
واستنادا إلى المصدر نفسه، أصدرت المديرية العامة للأمن، بداية الأسبوع الماضي، عقوبة غير متوقعة في حق ضابط أمن، بعدما بعث رسالة مجهولة إلى المديرية العامة للأمن، يكشف فيها حقائق في غاية الحساسية إثر تلاعبات بمصلحة البطاقة الوطنية بولاية أمن الرباط، أكد فيها تسليم بطاقة لمبحوث عنه بطنجة، والضغط على العاملين بالمصلحة من قبل المسؤول عنها ونائبته، وتضمين مهنة سفير لمتقاعد، باعتباره يمارس مهامه سفيرا لصاحب الجلالة، في الوقت الذي أشارت فيه شهادة السكنى الصادرة عن إحدى الدوائر الأمنية إلى أنه متقاعد، وجرى تغيير مهنته داخل مقر مركز التعريف للمعطيات الشخصية، كما تبين وجود تلاعبات في مواعيد إيداع الملفات الخاصة بالبطائق التعريفية، والانتقال إلى فيلات شخصيات لأخذ بصماتها دون حضورها إلى مقر المركز.
ورغم أن تحريات المفتشية العامة أظهرت الكثير من حقائق الشكاية، وإيقاف المبحوث عنه بعاصمة البوغاز وإيداعه سجن العرجات، وتوبيخ المديرية للمسؤول عن مصلحة البطاقة الوطنية وإحالته على المديرية العامة للأمن بدون مهمة، وإحالة نائبته على الدائرة الأمنية المحيط، أصدر المجلس التأديبي الذي ترأسه والي أمن الرباط، الأسبوع الماضي، في حق ضابط الأمن، عقوبة الإحالة على التقاعد الحتمي، ما صدم العديد من المسؤولين الأمنيين وحتى القضائيين.
إذ لجأ محامي الضابط إلى القضاء الإداري، لإنصاف موكله، سيما أن رسالته تضمنت وقائع صحيحة، وكان دافعها حماية زوجته التي تشتغل بمركز تعريف المعطيات الشخصية، والتي تعرضت للضغط من أجل خرق القانون، وهو ما أكدته 14 موظفة أثناء الاستماع إليهن من قبل ضباط المفتشية، ولتفادي سقوطها في مطبات قانونية، أرسل الشكاية المجهولة، كما اعتبر المحامي المختص في القضاء الإداري، أن أحد أعضاء المجلس التأديبي، طرف في القضية، بعدما أقر مسؤول مصلحة البطاقة الوطنية أنه كان يتلقى تعليمات من مسؤولين أمنيين كبار بالولاية لإنجاز البطائق لأشخاص معينين، وكذا مسؤولين مركزيين، مضيفا أن إصدار عقوبة من الدرجة الثالثة، ضد موكله، كان في غير محله، وتنبعث منه رائحة الانتقام، في الوقت الذي فعلت فيه رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية قانون حماية الشهود والمبلغين.
عبد الحليم لعريبي