جدوي: التشكي الإلكتروني

> بين الفينة والأخرى وبشكل متكرر تظهر مقاطع لفيديوهات توثق لأفعال جرمية، أو توثق لتشكي شخص ما جراء فعل جرمي، كيف ترون هذه الظاهرة؟ > بخصوص الفيديوهات التي توثق لأفعال جرمية، يمكن تصنيفها إلى صنفين، الأول يوثق لجرائم حديثة الوقوع، وهاته الفيديوهات يمكن أن تشكل مساعدة لضباط الشرطة القضائية في الأبحاث التي يجرونها ويمكن أن تعتبر تلك الفيديوهات دليلا أمام القضاء، إلا أن نشرها في بعض الأحيان يعقد من مأمورية ضباط الشرطة القضائية في تعقب أثر الجناة، فالجاني الذي سينتشر له مقطع فيديو وهو يرتكب جريمة لاشك سيعمل على التواري عن الأنظار لئلا يقع في قبضة الجهات المكلفة بالبحث. وصنف ثان من هذه الفيديوهات يتعلق بقضايا سبق معالجتها وقدم من أجلها أشخاص إلى العدالة، وفي هذا الصنف شبهة سوء النية حاضرة وبقوة، فما معنى مشاركة وتقاسم مقطع فيديو يوثق لجريمة والشخص المشارك لهذا الفيديو يعلم علم اليقين أن تلك الواقعة سبقت معالجتها وعرض أصحابها على القضاء أو على الأقل بتحليل بسيط لمشاهد ذلك الفيديو يبدو أنه قديم والقضية المتعلقة عرضت على القضاء، فهنا ربما يرمي هذا الشخص إلى الإيحاء وإذكاء إحساس بانعدام الأمن، وهو ما يجعل الجهات المكلفة بالبحث والتحري تسارع الزمن من أجل تحديد زمان ومكان ارتكاب تلك الجريمة الموثقة والإجراءات التي تم القيام بها وإذاعة ذلك عن طريق بلاغات. > هل يمكن اعتبار تلك الفيديوهات بمثابة شكاية إلكترونية؟ > هذه الفيديوهات عرفت انتشارا، إذ تطالعنا وسائل التواصل بمقطع صوت وصورة لشخص ما وهو يحكي ما تعرض له من اعتداء أو ... وهذا الفيديو يكون نوعا من التشكي أو التبليغ الإلكتروني، وإذا كان مضمون هذا التشكي جريمة فإن الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون أو الأجهزة المكلفة بالبحث من شرطة قضائية ونيابة عامة، تتحرك طبقا للقانون للتثبت من وقوع تلك الجريمة وجمع الأدلة عنها وضبط مرتكبيها. وإذا كان الفعل موضوع الشكاية لا يشكل جريمة بمفهوم القانون الجنائي، كأن يكون ما جاء في ذاك الفيديو نزاعا مدنيا صرفا فهنا أجهزة البحث الجنائي لا يمكن لها التحرك، فضلا على أن المحاكم المدنية لا يمكن لها التحرك من تلقاء نفسها، إذ القاضي المدني لا يحكم إلا إذا طلب منه وبالشكل المتطلب قانونا من مقال مستوف للشروط القانونية ... > بماذا تفسرون لجوء المواطنين إلى هذا النوع من الشكايات والتبليغات؟ > لعل ما يفسر تنامي ظاهرة الفيديوهات هاته هو أن الكل يسعى لجعل قضيته قضية رأي عام، ويحاول كسب تعاطف شعبوي مع قضيته، وهو ما قد يتأتى له بذلك الفيديو ويتمكن من التأثير، خصوصا أن الطرف الثاني في تلك القضية التزم الصمت، وهو ما ينبغي ألا يغيب عن أذهان الباحثين والمحققين فلربما ذاك الفيديو أريد به لعب دور الضحية عن طريق كسب التعاطف، وذلك لإبعاد الصورة الحقيقية لصاحبه والدور الحقيقي الذي لعبه باعتباره جانيا في الأصل. تجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت الجريمة الاستعراضية crime spectaculaire تعتبر من أشد أنواع الجرائم وأكثرها خطورة على الإحساس بالأمن لدى المواطنين، فإن هذه الفيديوهات التي توثق لقضايا سبق حلها وشكلت موضوع بلاغات وبعد مدة زمنية أعيد طرحها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري، من شأنها كذلك إذكاء الإحساس بانعدام الأمن، وهو ما يجب التصدي له بالصرامة اللازمة متى ثبت زيف ذلك المحتوى. أجرت الحوار: كريمة مصلي * محام بهيأة البيضاء

جدوي: التشكي الإلكتروني

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"غوغل" تطلق أول متجر غير افتراضي

التحضير للموسم الثاني لـ"عشرين عشرين"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات