“فوتصال”… عودة الروح

المنتخب أعاد للكرة داخل القاعة إشعاعها ويطمح إلى لقب جديد ومشاكل الأندية مستمرة قطعت الجامعة أشواطا مهمة للرقي بكرة القدم داخل القاعة، بعدما عانت تهميشا ولامبالاة، من قبل الجامعات السابقة، عدا بعض المبادرات، التي أقبرت في مهدها. وعانت هذه اللعبة تسيبا وارتجالية مع انطلاقتها الفعلية، لتواصل الصمود لأجل البقاء منذ التسعينات من القرن الماضي، من خلال تنظيم دوريات دولية بين حين وآخر، من قبل أجاكس القنيطرة، الذي كان يرأسه محمد الجامعي. وظلت كرة القدم داخل القاعة تعاني الحيف واللامبالاة إلى 2008، حينها أسندت إلى حسن غويلة مهمة تدريب المنتخب الوطني، لتنطلق الشرارة الأولى لتكوين منتخب قوي سيفوز بلقبي كأس إفريقيا لمرتين متتاليتين ويتأهل للمونديال لثلاث مرات متتالية. عودة الروح انتظرت كرة القدم داخل القاعة سنوات عديدة، قبل أن تحقق قفزة نوعية على عهد جامعة علي الفاسي الفهري، التي اهتمت باللعبة من خلال تفعيل ممارستها بالعصب الجهوية، قبل إعطاء انطلاق منافسات البطولة بقسميها الأول والثاني، وتأهيل المنتخبات الوطنية، من قبل الرئيس الحالي فوزي لقجع. ورغم أن هذه اللعبة رأت النور في المغرب منذ بداية السبعينات، من قبل أحد مؤسسيها محمد الجامعي، الذي ترك بصمة واضحة، بعدما قاد أجاكس القنيطري إلى العالمية، إلا أنها تأخرت كثيرا في أن تجد لها موطئ قدم بالقارة الإفريقية والعربية والعالمية، من خلال مشاركة نهائيات كأس العالم للمرة الثالثة على التوالي. وساهم تألق المنتخب الوطني في عودة الروح للبطولة الوطنية في السنوات الأخيرة، بعد انتشار "فوتصال" في مختلف المدن المغربية، بشكل غير مسبوق، وباتت مباريات هذه اللعبة أكثر متابعة، خصوصا في مدن القنيطرة وطنجة وسطات وأكادير والمحمدية، الأمر الذي دفع الجامعة إلى مواكبة هذه الطفرة النوعية من خلال توسيع قاعدة المنافسات لتشمل الفئات الصغرى والكرة النسوية، إضافة إلى إحداث منتخبي أقل من 23 سنة، والنسوي، لأول مرة في تاريخ الكرة الوطنية. المنتخب يواصل النجاحات يواصل المنتخب الوطني نجاحاته وتألقه قاريا وعربيا، بعد تتويجه بلقب كأس أمم إفريقيا في دورتي 2016 بجنوب إفريقيا و2020 بالمغرب، كما سيشارك في نهائيات كأس العالم بليتوانيا في شتنبر المقبل، وهي المرة الثالثة على توالي، التي يضمن فيها أسود القاعة حضورهم في هذه البطولة العالمية الكبرى. وتسيد منتخب القاعة القارة الإفريقية خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب منتخبات مصر وليبيا وأنغولا، في انتظار تأكيد قوته خلال مشاركته في البطولة العربية، المقامة حاليا في مصر. ويشكل المنتخب الوطني، تحت قيادة مدربه هشام الدكيك الاستثناء، بعدما نجح في الفوز بكأس إفريقيا للأمم في مناسبتين وتأهل للمونديال للمرة الثالثة على التوالي، بعد 2012 بتايلاند و2016 بكولومبيا و2021 بليتوانيا. وبات المنتخب الوطني أكثر ندية وقوة، جراء تألقه الملفت، سواء في المباريات الرسمية أو الإعدادية، التي خاضها أخيرا أمام منتخبات عالمية، ما مكنه من الارتقاء في تصنيف الاتحاد الدولي "فيفا"، إذ أصبح حاليا في المركز 20 عالميا، كما نجح في تأهيل لاعبين للاحتراف بأوربا. ويراهن المنتخب الوطني على التتويج باللقب العربي، رغم صعوبة المهمة التي تنتظره بسبب وجود منتخبات عربية قوية، نظير مصر وليبيا. وقال الدكيك في تصريحات صحافية، إن المنتخب الوطني يخوض منافسات البطولة العربية، بغرض التتويج باللقب، مشيرا إلى أن اللاعبين جاهزون لكسب الرهان. المنتخبات الوطنية... أي إستراتيجية؟ يمكن اعتبار بادرة الجامعة والإدارة التقنية الوطنية في إحداث منتخب أقل من 23 سنة ومنتخب الإناث داخل القاعة، وتعيين مسؤولين جهويين في الجهات، بعد أن عينت كل عصبة مديرا تقنيا جهويا خاصا بكرة القدم داخل القاعة، خطوة مستحبة، غير أنه لا يمكن إحداث مناصب، من أجل إحداثها فقط، ولكن تعيين الشخص المناسب، هو أصل المشكل. وصرح مراد لحجوجي، رئيس الجمعية المغربية لمدربي كرة القدم داخل القاعة، لـ «الصباح»، «عندما نتحدث عن فئة الشباب، فإن المدرب يكون مربيا، ويختلف عن المدرب والمكون والمنقب، وكل منصب من هذه المناصب يتطلب مواصفات وتكوين معينين، فمثلا تعيين حسن غويلة، مدربا لمنتخب الإناث، يعد أمرا غير صائب، لأنه كان بإمكان استغلاله في أمور أحسن بكثير، سيما أن لديه تجربة كبيرة على مستوى الفئات الكبرى، وحقق ألقابا كثيرة، أو كان بالإمكان على الأقل إخضاعه لتكوين يستجيب فيه لخصوصيات تدريب الإناث، وأن يتوفر على تجربة خاصة ليتحمل مسؤولية هذا المنصب». وأضاف لحجوجي أن الشيء نفسه ينطبق على الشخص الذي سيعين في منصب مسؤول تقني لكرة القدم داخل القاعة، وأن الجامعة قبل تعيينها للأطر في هذه المناصب، يجب أن تراعي خصوصية كل منصب، وأن تعيين مدربين ناجحين في فرق الكبار، في مناصب لا تتناسب مع تكوينهم، قد يكون له انعكاس سلبي. واستفسر لحجوجي حول الجدوى من إحداث منتخب، قبل إطلاق بطولة وطنية، وعن كيفية تشكيل منتخب في فئة أقل من 23 سنة، أو في كرة القدم النسوية داخل القاعة، قبل أن تكون هناك بطولة، بالإمكان أن تشكل قاعدة للتنقيب عن اللاعبين واللاعبات. متى بطولة الشباب؟ إن الحديث عن نتائج المنتخب المغربي التي تسير في خط تصاعدي، وعن المستوى الجيد لهذا الجيل، يدفع للتساؤل عما إذا كانت هناك استمرارية، الشيء الذي يفرض، حسب لحجوجي، أن تكون لدينا بطولة وطنية وبطولة الشباب، وهذا ما يدفع للحديث عن تجارب، رغم أنها ناجحة في الوقت الراهن، لكن لا يجب أن تتخذ نموذجا، مثل تجربة شباب المحمدية في كرة القدم داخل القاعة، الذي كونت فريقا على أنقاض فرق أخرى، أو تجربة الجيش الملكي في كرة القدم النسوية، عندما تعاقد مع 14 لاعبة دفعة واحدة. ويقول لحجوجي «لا توجد بطولة للفتيان أو الشباب حتى نضمن الاستمرارية، بما أن معظم الفرق لا تتوفر على لاعبين في فئة الكبار، وبالتالي فإن الأندية ستسقط في مشكل الخلف، وما يفرض هيكلة الأندية على مستوى الفئات الصغرى، وعدم التفكير في المنتخبات فقط، ويلزم على الجامعة تكوين المدربين في الفئات الصغرى، وعدم الاقتصار على المدربين في الفئات الكبرى». ويتعين على الجامعة إطلاق بطولة للفئات الصغرى، حتى تضمن الاستمرار، وعدم الاعتماد على ما تجود به القاعات من لاعبين بين الفينة والأخرى، وحتى تتمكن من الارتقاء بمستوى الأندية، وأن يمر المدرب بجميع المراحل التكوينية من الفئات الصغرى إلى الكبرى، وعلى الجامعة نسج سياسة تكوين لا تقتصر على تكوين مدربي الفئات الكبرى. وأوضح لحجوجي أن أهم شيء قبل الإمكانيات والقاعات والتجهيزات، عقلية المدربين والممارسين، والاشتغال على الاحتراف، لأن هذا هو الخطأ الذي ارتكب في كرة القدم النسوية، عندما ركزت الجامعة على الجانب المالي، دون أن تشتغل على تكوين لاعبات محترفات، وهذا ما يواجه الرياضة الوطنية بصفة عامة، ويتطلب الاشتغال عليه منذ مرحلة الطفولة. الحاجة إلى تكوين المسيرين قال لحجوجي إن مشكل التسيير موضوع كبير جدا، وهناك الكثير من النقط المثارة، بداية بالمشروع الذي قدم للجامعة، ولم يتحقق فيه شيئ، بعد التحجج بجائحة كورونا، وبقيت كرة القدم داخل القاعة حبرا على ورق. وأضاف لحجوجي أن المسيرين الحاليين مع الأسف يسعون إلى النتائج والشهرة فقط، ويتجاهلون التكوين في التدبير، إذ أن 90 في المائة من المسؤولين يحتاجون إلى التكوين، سواء في التدبير الإداري أوالمالي، لأن التسيير ليس صرف المنحة التي تمنحها الجامعة لمسؤولي الأندية، الشيء الذي يلزم الجامعة بتكوينهم ومراقبتهم. وصرح رئيس الجمعية أنه لا يعقل أن تهتم الجامعة بالمنتخبات والفئات الصغرى، ولا تهتم بالمسيرين، وأن دافع الغيرة على كرة القدم داخل القاعة، هو سبب إثارته هذه المشاكل، لأنه يجب استغلال هذه الظرفية التي تتميز بوجود شخص مثل لقجع، وتفوق المغرب في هذه اللعبة، وبالتالي يجب ضمان الاستمرارية، وسيكون من غير المنطقي تضييع هذه الفرصة، ووجب استثمار جميع الإمكانيات، للحفاظ على هذا السبق القاري. دومو: ينبغي تسويق اللعبة قال حكيم دومو، عضو جامعي، إن شرارة كرة القدم الخماسية انطلقت منذ فترة السبعينات، بعدما تمكن محمد الجامعي إلى إدخالها من المغرب عبر الالتحاق ب"فيفوزا"، مشيرا إلى أن هذه الخطوة مكنت أجاكس القنيطري من المشاركة في كأس أوربا في مناسبات عديدة، ما ساهم في انتشار اللعبة بشكل تدريجي. وأضاف دومو في تصريح ل"الصباح"، أن علي الفاسي الفهري اهتم بكرة القدم داخل القاعة بعد انتخابه رئيسا للجامعة، رغم أن حضورها ظل مختصرا على أربع عصبة جهوية. وتابع دومو أن "فوتصال" أخذ في الانتشار بشكل تدريجي منذ 2009 من خلال إحداث شطري الشمال والجنوب، ثم إحداث بطولة القسم الأول في 2010، كما نجح المنتخب الوطني في التأهل إلى مونديال تايلاند، بقيادة المدرب هشام الدكيك. وبخصوص الصحوة التي تعيشها اللعبة حاليا، قال دومو إنه ينتظرها عمل مضن للارتقاء بها نحو الأفضل قاريا وعالميا، ولن يتأتى ذلك، حسب تعبيره، إلا بتنمية الفئات الصغرى وإحداث بطولات وطنية والاهتمام أكثر بالكرة النسوية، ودعمها ماليا ولوجستيكيا، كما دعا العصبة الوطنية للكرة المتنوعة، إلى تبني إستراتيجية واضحة المعالم، من أجل تسويق منتوج "الفوتصال" بشكل يدر مبالغ مهمة على اللعبة، سيما أن الأرضية مهيأة لتحقيق هذا المبتغى، في ظل الانتشار المتزايد للقنوات الخاصة. إنجاز: عيسى الكامحي وصلاح الدين محسن

“فوتصال”… عودة الروح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المخابرات تعري جنرالات جزائريين في ملف غالي

الحبس لرئيس جماعة بتازة اختلس أموالا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات