لماذا يتدخل “فيفا” في الكرة الإفريقية؟

الفساد المالي وحالة البنيات التحتية والكرة النسوية والتحكيم ملفات سوداء استنفرت إينفانتينو وجد الاتحاد الدولي لكرة القدم نفسه مضطرا إلى فرض وصاية مشدددة على الكنفدرالية الإفريقية «كاف»، بعد أن اصطدم بملفات سوداء عديدة في مرحلة أحمد أحمد، التي انتهت بقرار توقيفه، بناء على تقرير مكتب الافتحاص الدولي، والمبعوثة فاطمة سامورا. وقرر «فيفا» الإشراف على الانتخابات، وإطلاق مشاريع كبرى، بعد محطة 12 مارس الجاري، المقرر أن تنتخب جهازا تدبيريا جديدا، يعكس نظرة جياني إنفانتينو، رئيس «فيفا»، لتطور كرة القدم في القارة الإفريقية. ومن أبرز النقط الأساسية التي يراهن عليها الاتحاد الدولي في تطور كرة القدم الإفريقية، تأهيل البنيات التحتية الرياضية وتعزيزها بمشاريع جديدة، وتطوير كرة القدم النسوية، ومحاربة الفساد المالي، والتركيز على المشاريع عوض الأشخاص، وإصلاح التحكيم، بالنظر إلى تشكيله نقطة فساد كبيرة في المنافسات، سواء المتعلقة بالأندية أو المنتخبات الوطنية. الفساد المالي... الوباء المزمن التصقت تهمة الفساد المالي بالمكتب التنفيذي للكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم، منذ سنوات كثيرة، غير أن فترة الملغاشي أحمد أحمد، ساهمت في تكريس هذه التهمة، بعد تقرير مكتب الخبرة الذي عينه الاتحاد الدولي لافتحاص مالية «كاف». وشكل تقرير الخبرة ضربة موجعة لأحمد ومكتبه التنفيذي، بعد أن أدانه، وساهم في إيقافه خمس سنوات، قبل أن تتدخل محكمة التحكيم الرياضية الدولية، وترجئ البت في التهم الموجهة إليه إلى الثلاثاء المقبل. ومشكل الفساد المالي في القارة السمراء، ليس وليد فترة أحمد، إذ شكل على الدوام نقاطا السوداء في تاريخ «كاف»، خاصة في ما يتعلق بالصفقات أو منح شرف تنظيم تظاهرة قارية أو انتخاب مسؤولين أفارقة في الاتحاد الدولي أو المكتب التنفيذي للـ «كاف»، وهو ما دفع جياني إينفانتينو، إلى المراهنة على مواجهة الفساد المالي في المرحلة المقبلة ما بعد أحمد. ومن أجل تحقيق ذلك، أكد جياني إينفانتينو في حوار أجراه أخيرا مع إحدى القنوات الرياضية العالمية، أن إفريقيا ملزمة بالتركيز على المشاريع الرياضية، وليس على الأشخاص، للنجاح في مهمتها في تنزيل مشاريعها الكبرى. وجاء رد رئيس الاتحاد الدولي بهذا الشكل، بعد أن سوئل عن القرار الذي أدان من خلاله أحمد أحمد، إذ طلب من جميع الاتحادات الوطنية المنضوية تحت لواء «كاف»، أن تراهـــــــن على البرامج التي يقدمها المرشحون لرئاسة المكتب التنفيذي، وليس على الأشخاص، سيما أن بعض المشرحين يلجؤون إلى المال، من أجل استمالة أصوات الناخبين. البنيات التحتية... المعضلة يشكل مشكل تأهيل البنيات التحتية الرياضية وتعزيزها بدول القارة السمراء، أحد التحديات الكبرى التي يراهن عليها الاتحاد الدولي، خلال مرحلة ما بعد أحمد. وأكد جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي «فيفا»، في الكثير من حواراته أن القارة الإفريقية مطالبة بتعزيز بنياتها التحتية الرياضية، حتى تكون قادرة على احتضان التظاهرات الكروية الكبرى، سيما أنها لم تحتضن نهائيات كأس العالم إلا مرة واحدة، وكان ذلك في 2010، عندما استضافتها جنوب إفريقيا. وتعد البنيات التحتية الرياضية أحد أبرز النقط السوداء في القارة الإفريقية، إذ أن أغلب الدول لا تتوفر على ملاعب قادرة على احتضان مباريات دولية، فبالأحرى أن تحتضن نهائيات كأس إفريقيا للأمم. ولعل مشاكل الكامرون في إعداد ملاعب لاحتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2021، أكبر دليل على ذلك، علما أنها من أكبر الدول في إفريقيا في المجال الرياضي. وكشف تقرير لجنة البنيات التحتية ب»كاف» حجم المشاكل التي تعانيها العديد من الدول الإفريقية في البنيات التحتية، بعد أن منعت مجموعة من الملاعب من احتضان التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم، ضمنها مباراة المنتخب الوطني أمام إفريقيا الوسطى في نونبر الماضي، لحساب الجولة الرابعة من تصفيات المجموعة الخامسة. ويتعين على الرئيس الجديد للـ «كاف» أن يولي اهتماما لمشاريع البنيات التحتية، من أجل تعزيز قدرة الدول الإفريقية على احتضان المنافسات القارية الكبرى. الكرة النسوية... الورش المتخلف تشكل كرة القدم النسوية أحد أبرز المشاريع التي يعول عليها الاتحاد الدولي، من أجل تطوير كرة القدم بإفريقيا، وطالب إينفانتينو في هذا الصدد جميع الدول الإفريقية بالاهتمام بالعنصر النسوي، في جميع مجالات كرة القدم، بتكوين اللاعبات والمدربين والحكام والإداريات. ويخصص الاتحاد الدولي ميزانية للدول الإفريقية للنهوض بكرة القدم النسوية، تصل إلى 10 ملايير سنتيم سنويا، يتعين من خلالها إحداث بطولات خاصة بفئتي أقل من 17 سنة وأقل من 20، إضافة إلى البطولة النسوية، مع إدماج العنصر النسوي في التحكيم، علما أن إينفانتينو نوه في زيارته الأخيرة للمغرب، بإستراتيجية المغرب في تطوير كرة القدم النسوية. ويشكل ورش كرة القدم النسوية أحد أبرز المشاريع التي يتعين على المكتب التنفيذي الجديد للـ «كاف»، أن يشرع في إصلاحه، سيما أن نتائج المنتخبات الإفريقية على الصعيد الدولي، لا ترقى إلى سمعة كرة القدم الذكورية. ويهدف الاتحاد الدولي من خلال ذلك، إلى مواجهة النظرة التي ترى بها المجتمعات الإفريقية الممارسة الكروية النسوية، إضافة إلى رغبته في أن تشكل رافعة لكرة القدم القارية، بعد أن ساهمت نظيرتها الذكورية في إشعاع كرة القدم العالمية، من خلال تكوين لاعبين انضموا إلى أكبر الأندية الأوربية. التحكيم... السمعة السيئة مازالت سمعة التحكيم الإفريقي تترنح بين مؤيد ومعارض، بالنظر إلى المستوى الذي ظهر به في السنوات الأخيرة، وما رافقه من تداعيات، بعد المباراة الشهيرة المعروفة بفضيحة رادس، بين الوداد الرياضي والترجي التونسي. كما أن التحكيم الإفريقي لم يصل بعد مرحلة النضج، التي تؤهله لإدارة اكبر المباريات على الصعيد العالمي، الشيء الذي يتعين على المكتب التنفيذي الجديد، إعادة النظر فيه، لمحو الصورة النمطية التي ارتسمت في أذهان الأفارقة بشكل خاص والعالم بشكل عام. ويراهن الاتحاد الدولي، على أن يعمل المكتب التنفيذي المقبل على توفير التجهيزات للحكام الأفارقة، للاستفادة من التكنولوجيات المتطورة في هذا المجال، في مقدمتها تقنية «فار»، سيما أن التظاهرات الكبرى، لا تستفيد منها، إلا بعد مرحلة ربع النهاية، أما بالنسبة إلى مسابقات الأندية، فلا تطبيق إلا بعد بلوغ نصف النهاية. ويرغب الاتحاد الدولي في أن تحسن «كاف» أداء الحكام، لتفادي الفساد في هذا المجال، وتجاوز التطاحنات بين القوى الرياضية الكبرى في إفريقيا، سيما أن العديد من الأندية تضررت بسبب فساد التحكيم الإفريقي. وينتظر الاتحاد الدولي من المكتب التنفيذي ل»كاف» الجديد أن يعمل على تطوير قدرات الحكام الأفارقة، بتنظيم دورات تكوينية، تساهم في رفع مستواهم، حتى يكونوا قادرين على قيادة أكبر المباريات على الصعيد الدولي، وبلوغ مستوى نظرائهم بأوربا وأمريكا الجنوبية وآسيا، علما أن إفريقيا كان لها شرف إدارة نهائي المونديال مرة واحدة، بفضل المرحوم سعيد بلقولة، عندما أدار نهائي 1998 بين فرنسا والبرازيل. المغرب يخرج سالما من المستنقع عرف فوزي لقجع، رئيس جامعة كرة القدم، وعضو المكتب التنفيذي للكنفدرالية الإفريقية، كيف يخرج سالما من ورطة الكنفدرالية الإفريقية. وانخرط لقجع مبكرا في خطة الاتحاد الدولي “فيفا”، لتصحيح أوضاع "كاف"، وتهييء الظروف لمبعوثته فاطمة سامورا، ومكتب الافتحاص الدولي، للقيام بمهمتهما. ومباشرة بعد تفجر الملف، سحبت جامعة كرة القدم موظفين بارزين من الكنفدرالية الإفريقية، يتعلق الأمر بمعاذ حجي، الكاتب العام السابق، والصديق العلوي، الذي عين بدوره كاتبا عاما، لكن سرعان ما قدم استقالته. وأكد معاذ حجي أن ضبطه العديد من الاختلالات المالية والإدارية بالكنفدرالية الإفريقية، خلال إشرافه على الكتابة العامة، جعله يقدم استقالته، موضحا في تصريح لإذاعة فرنسا الدولية، أنه اكتشف صرف عشرات الملايين من الدولارات نقدا، دون أن يكون هناك سند قانوني لها لدى البنوك، أي أنها كانت تصرف دون وجود وثائق مالية وبنكية تؤكد أوجه صرفها. وحسب المعطيات نفسها، فإن موقف فوزي لقجع، رئيس جامعة كرة القدم، من محاربة الفساد بالكنفدرالية الإفريقية، أتى منسجما مع توجه الاتحاد الدولي “فيفا”، منذ وصول السويسري جياني إنفانتينو، إلى رئاسته، وهو التوجه الذي استند عليه في حملته للإطاحة بالرئيس السابق عيسى حياتو، وفسح المجال لانتخاب الملغاشي أحمد أحمد. إنجاز: عبد الإله المتقي وعيسى الكامحي وصلاح الدين محسن

لماذا يتدخل “فيفا” في الكرة الإفريقية؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خيانـة وهتـك عـرض قاصـر

عصابة العسكر ... شهد شاهد من أهلها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات