تعزيز قيم التسامح والحوار بين الثقافات

المجتمع يلعب دورا مهما في مواجهة خطاب التعصب بجميع أنواعه بقلم: الدكتور خالد الشرقاوي السموني (*) إن تعزيز قيم التسامح عنصر ضروري لاحترام ثقافة وعقيدة وقيم الآخرين و يسهم في إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الصدام، ويشكل عماد حقوق الإنسان والعيش المشترك والتعددية الثقافية، ويمنح للبشر الحق في العيش بسلام وله دور في تحقيق تماسك المجتمعات، والقضاء على الخلافات والصراعات بين الأفراد والجماعات، على خلاف التعصب ورفض الآخر اللذين يفضيان إلى اتساع دائرة الصراع والحروب. والحوار بين الثقافات هو وسيلة لغاية أسمى هي تحقيق التقارب بين الثقافات المختلفة وتفادي الخلافات المؤدية للصراعات والحروب والتطرف. فهو وسيلة لتقريب وجهات النظر المتباعدة، وتحقيق التواصل والتفاهم بين الأفراد والجماعات، سواء كانت تعيش في مجتمع واحد أو في مجتمعات مختلفة، لأن غياب حوار ثقافي يؤدي إلى تفكيك وحدة المجتمع والنسيج الاجتماعي، عندما يتعلق الأمر بالمجتمع الواحد، أو سيؤدي ذلك إلى صراع الثقافات والأديان عندما يتعلق الأمر بمجتمعات مختلفة، لأن لكل ثقافة نمط حياة وهوية وعادات وتقاليد خاصة، فإذا لم تتفاعل مع الثقافات الأخرى ستصير منغلقة على نفسها. التنوع الثقافي الحوار الثقافي يكرس الاعتراف بجميع الثقافات الموجودة داخل المجتمع، وبقيمها وتقاليدها وتحقيق المساواة والاحترام المتبادل في ما بينها. كما لا يمكن تصور حوار ثقافي حقيقي إذا لم يكن هناك إقرار بمبدأ التنوع الثقافي. فالتنوع الثقافي عامل أساسي للفهم المتبادل والتعايش بين البشر، وحماية التراث الثقافي والحضاري لجميع الشعوب من محاولات التشويه والطمس والتدمير . وعلى ذلك، يمثل التعايش والحوار بين الثقافات شرطين أساسيين لتحقيق التماسك الاجتماعي، والتقارب والتلاقح بين الثقافات، والمصالحة بين الشعوب، والسلام بين الأمم وتعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بينها من أجل تحدي الانغلاق وإحباط كل أشكال التطرف والتعصب. كما يعتبر التعايش والحوار عنصرين متلازمين، لأن العلاقة بينهما علاقة شرطية يقتضي وجود أحدهما وجود الآخر بالضرورة، ذلك أن الحوار هو عنوان التعايش والتعبير الأسمى عنه ومن القيم الداعمة له. ومن هذا المنطلق صدرت مجموعة من الإعلانات عن الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، كاليونسكو والأيسيسكو، تدعو الدول والمجتمعات إلى تعزيز قيم التسامح وتعزيز التنوع الثقافي بين الشعوب وإيجاد حوار بين الثقافات المختلفة. غرس قيم التعايش وهنا، يأتي دور المجتمع في غرس قيمة التعايش والحوار الثقافي عبر آليات ووسائل، نذكر على رأسها: وسائل الإعلام ومناهج التعليم والفنون المختلفة. فوسائل الإعلام تفسح المجال أمام مختلف الثقافات للتعبير عن نفسها وترسيخ أسس التفاهم بين الأفراد والشعوب والتعاطي والحوار بين الثقافات. وتمتلك وسائل الإعلام القدرة على تيسير هذا الحوار بين الثقافات من خلال التصدي للمواقف السائدة والتصورات النمطية التي تحاول إلغاء ثقافة الآخر، وأيضا تبدد الجهل الذي يغذي سوء الظن بالآخرين وينمي الحذر منهم، ومن ثم تعزيز روح التسامح والقبول والحث على نبذ الكراهية والتعصب الفكري أو الديني، وعدم استخدام الدين وتوظيفه محركا في قضايا العنف والإرهاب، وإبراز القيم السمحة التي يدعو إليها، كالدعوة بالتي هي أحسن واحترام عقيدة الآخر والجنوح إلى السلم والتعايش بين الديانات المختلفة. كما أن للمدرسة دورا رائدا في هذا المجال من خلال المناهج الدراسية التي يجب أن تكون متضمنة التربية الصحيحة وأن تغرس في التلاميذ منذ الصغر حب التسامح وروح التعاون والبعد عن التعصب والغلو وتجاهل الطرف الآخر والعنف والكراهية حتى يعيش الجميع في وئام ومحبة وسلام. ثم إن الفن يعد من أهم الرسائل في نشر ثقافة السلم، ونبذ كافة أشكال التعصب والإقصاء والتهميش والعنف، وتقبل الآخر، وتعزيز لغة الحوار، حيث يساعد الشباب على استثمار طاقاتهم بطرق إيجابية، ويلعب دورا كبيرا في تهذيب الذوق وصقله، ويذكي إحساس الإنسان بالجمال ويكسبه القدرة على تحسس مواطنه في العالم المحيط به. مواجهة خطاب التعصب المجتمعات، بالدرجة الأولى، في حاجة إلى تعايش حقيقي وحوار ثقافي لمواجهة خطاب التعصب العرقي والطائفي والديني الذي أصبح في تصاعد خلال العقود الأخيرة، ما أدى ذلك إلى الانقسامات والصراعات والحروب في كثير من مناطق العالم، خاصة في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا، وبالتالي يجب على هذه المجتمعات أن تعي خطورة هذا الفكر الذي يسعى إلى هدم كل ما بنته الحضارات الإنسانية السابقة، ومن ثم العمل، من خلال مجموعة من الآليات والوسائل، على إنتاج أفكار تعزز قيم التعايش والتسامح والقبول بالآخر ونشر وتعزيز قيم الحوار بين الثقافات والأديان. (*) أستاذ بكلية الحقوق بالرباط وبالمعهد العالي للإعلام والاتصال

تعزيز قيم التسامح والحوار بين الثقافات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

10 سنوات لمهرب مخدرات

مونديال الأندية ينطلق بمواجهة مغربية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات