العودة إلى الحجر مجازفة

المحلل اليعقوبي أكد أن البطالة والفقر والهشاشة أكثر تهديدا للسلم الاجتماعي من الفيروس اعتبر محمادي راشدي اليعقوبي، الأستاذ الجامعي و المحلل الاقتصادي، أن الظرفية الحالية لا تسمح بفرض الحجر الصحي من جديد، لما سيكون له من تداعيات وخيمة على نسيج المقاولات، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، مشيرا إلى أن عدد الشركات التي أفلست بسبب الإجراءات الوقائية يتجاوز عدد الوفيات البشرية. وأوضح أن المغرب يواجه تحديين يتمثلان في الحد من انتشار الفيروس، والتصدي للفقر، الذي تعرف رقعته انتشارا متواصلا، ما يشكل تهديدا للأمن الاجتماعي، ويفرض على الحكومة تركيز اهتمامها على التصدي للهشاشة الاجتماعية. وتساءل حول المصادر التي ستلجأ لها الحكومة لتعبئة 120 مليار درهم المقررة لتمويل الإقلاع الاقتصادي، مشيرا إلى أن الأمر سيتطلب ما لا يقل عن 200 مليار درهم. في ما يلي نص الحوار: < هل الوضعية الاقتصادية والمالية تسمح بالعودة إلى فرض الحجر الصحي؟ < ‏ لا تسمح الظرفية الاقتصادية والوضعية المالية للمقاولات بالعودة إلى فرض حجر صحي آخر، بالنظر إلى تكلفته الاقتصادية الكبيرة، إضافة إلى أن المواطنين لم يعد بإمكانهم تحمل مزيد من الحجر، إذ من شأن فرضه أن تكون له عواقب أمنية وخيمة. ويواجه المغرب، حاليا، تحديين أساسيين، في مواجهة انتشار فيروس كورونا، علما أن عدد الحالات الخطيرة المصابة بالفيروس و الوفيات لا يزال تحت السيطرة نسبيا، والتصدي للفقر، الذي يعرف ارتفاعا بسبب الإجراءات الوقائية وما نتج عنها من فقدان فئات اجتماعية واسعة لمصادر رزقها، وسيكون من المجازفة العودة إلى الحجر الصحي، لأننا لن نتمكن، حينها من التحكم في انتشار البطالة والفقر والهشاشة الاجتماعية، التي تعتبر أكثر تهديدا للسلم الاجتماعي من فيروس "كورونا". < كيف تقيمون المقاربة المعتمدة من قبل الحكومة في تدبيرها للجائحة؟ < إن تحليلا هادئا لسياسة الدعم الاقتصادي في زمن كورونا، سيكشف أن الدولة فضلت الحفاظ على التوازنات الاقتصادية، عوض دعم و حماية المقاولات، إذ أن الدولة لا تمنح المساعدة و الدعم الحقيقي من ميزانيتها بما تتطلبه الظرفية الحالية غير المسبوقة، بل يقتصر تدخلها على ضمان قروض، ستتحمل المقاولات كلفتها في النهاية. ومما لا شك فيه أن هده السياسة ستؤدي إلى إفلاس عدد كبير من المقاولات الصغيرة والمتوسطة، فالأزمة التي نمر منها اقتصادية أكثر منها صحية، إذ ستجبر الشركات على خفض الاستثمار، وستدفع العديد من الشركات إلى الإفلاس، علما أن الفيروس كان، بالفعل، أكثر فتكا بالشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر من البشر. < ماهي الانعكاسات المنتظرة لضخ أزيد من 120 مليارا في الاقتصاد؟ < سيتم ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني ، أي ما يعادل 11٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وأعتقد من وجهة نظري أن إنعاش الاقتصاد الوطني يتطلب أكثر من 200 مليار درهم، في ما يتعلق بما بعد جائحة كورونا، و هذا لا يمنع من القول إن "حقنة" 120 مليار درهم تعتبر جريئة بالتأكيد! لكن تطرح تساؤلات حول مصادر هذه الموارد، هل سيتم تدبرها عبر قروض؟ أم من خلال طبع النقود؟ أم من مصادر أخرى؟ وأعتقد أن طباعة الأوراق النقدية، يمكن أن تكون مجدية إذا ما استخدمت في إطار سياسة مالية مدروسة و محكمة، وبجرعة معقولة، وتظل هذه الآلية حلا ناجعا في الظرفية الحالية، خاصة أن خطر التضخم في المغرب لا يزال منخفضا. هناك، بالتأكيد، حلول وسبل للسياسة النقدية، يجب أن تكون حلول جريئة ومبتكرة و إرادية ومستوحاة بذكاء من أفضل السياسات و الممارسات في العالم. ضعف أداء الإدارة < ما هي التداعيات الجانبية للتدابير الوقائية؟ < من بين الآثار الجانبية الضارة لفيروس كورونا، انخفاض كبير في الخدمات التي تقدمها الإدارة العمومية، ومن الأعراض الحادة التي نلاحظها ضعف الأداء بين موظفي المرفق العمومي، وسيكون من الصعب التخلص من هذه العادات السيئة التي ترسخت، خلال فترة الحجر الصحي، ما ستكون له انعكاسات، أيضا، على استئناف الأنشطة الاقتصادية، بالنظر إلى الترابط القوي بين أداء الإدارة وتأقلمها مع الظرفية وعودة النشاط الإنتاجي والتمكن من تجاوز الأزمة في أقرب الآجال. وأشدد ، بطبيعة الحال، على عدم التعميم، إذ هناك عدد من الأطر و المهن التي ظلت في طليعة مواجهة هذا الوباء... أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي

العودة إلى الحجر مجازفة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طرائف

غشت ساخن وبائيا

مقالات ذات صلة