المدينة القديمة والجنانات … بؤر الجريمة بفاس

سجلتا 8 جرائم قتل و24 حالة للضرب والجرح المؤديين لعاهة مستديمة و105 اعتداءات جنسية في عام واحد تنتشر مختلف أنواع الجريمة بفاس خاصة العنيفة، في نقط سوداء تسجل فيها أعلى معدلاتها خاصة بالحزام العشوائي المحيط بالمدينة وبنسب متفاوتة بين المناطق الأمنية الأربع، خاصة بالأحياء الواقعة على هامش المقاطعات الست في اتجاه سيدي حرازم وأولاد جامع والقرية وزواغة وبنسودة وعوينات الحجاج، المسجلة معدلات متفاوتة، لكنها مخيفة لسامعها. الأحياء التابعة لنفوذ المنطقة الأمنية الأولى بمقاطعتي المدينة العتيقة وجنان الورد، أكثر بؤر الجريمة بالعاصمة العلمية، لاحتضانها أكبر معدلات الجريمة العنيفة والاعتداءات الجنسية، رغم الانخفاض الملحوظ في خمس سنوات الأخيرة، لإحكام المصالح الأمنية السيطرة على نقطها السوداء والقطع مع أسبابها الرئيسية، خاصة ترويج المؤثرات العقلية وحمل السلاح الأبيض. الأرقام الرسمية تزكي ريادة أحياء المقاطعتين في عالم الجريمة بأنواعها، لكنها لا ترقى لمستوى الجريمة المنظمة أو الظاهرة المستفحلة المهددة للسكينة والأمن العمومي، إنما مجرد حوادث معزولة ناتجة عن أسباب اجتماعية واقتصادية يجب مراعاتها في أي محاولة لمحاربة الجريمة وموازاتها بحلول اجتماعية عوض الاقتصار على الزجر الذي قد لا ينجح في استئصالها كليا. أحياء رائدة تسجل أكبر معدلات مختلف أنواع الجريمة بفاس، بأغلب الأحياء التابعة لنفوذ المنطقة الأمنية الأولى، سيما العنيفة منها والاعتداءات الجنسية، إن على الراشدات أو الأطفال من الجنسين، ما تؤكده أرقام رسمية كشفت ريادة أحياء مقاطعتي المدينة العتيقة وجنان الورد، في أرقام القتل والضرب والجرح بالسلاح والمؤدي إلى الموت بنية أو بدونها والاغتصاب وهتك العرض. الارتفاع ملحوظ من باب الكيسة وبوجلود والرصيف والبطحاء وفاس الجديد والملاح، إلى عمق المدينة القديمة، وفي اتجاه باب الفتوح وباب الخوخة وسيدي بوجيدة وعين النقبي والجنانات وصهريج كناوة وغيرها من الأحياء المسجلة 137 جريمة في سنة واحدة، 105 منها متعلقة بالاغتصاب وهتك العرض، و24 تتعلق بالضرب والجرح المؤديين إلى عاهة مستديمة و8 جرائم قتل بنية وبدونها. ريادة المنطقة الأولى في عدد هذه الجرائم العنيفة، تتبعها المنطقة الثالثة بعين قادوس، بن دباب، الضامة، حزام البؤس والتهميش من واد فاس إلى كهف العزبة، وما بينهما وما يحيط بهما من أحياء موغلة في العشوائية، ب102 جريمة عنيفة في عام، متبوعة بالمنطقة الرابعة ببنسودة التي تضم أحياء زواغة والمسيرة والوفاق وعرصة الزيتون والمرجة وطريق عين السمن، ب90 جريمة. وتبقى المنطقة الثانية، الضامة، أحياء السعادة والأدارسة والمدينة الجديدة والنرجس والزهور والأطلس والدكارات وطريق صفرو، أقل احتضانا للجريمة مقارنة مع باقي المناطق الثلاث الأخرى. ولم تسجل فيها إلا 58 جريمة في سنة أي جريمة في أسبوع، منها 4 جرائم قتل إحداها متعمد، مقابل 41 اعتداء جنسيا و14 جريمة متعلقة بالضرب والجرح المؤديين إلى عاهة مستديمة. أرقام مخيفة اللافت للانتباه في الجرائم الأكثر، انتشار ظاهرة حمل السلاح الأبيض واستعماله في الاعتداء الجسدي لأتفه الأسباب في جل الجرائم العنيفة، موازاة مع الانتشار الواسع للتعاطي لاستهلاك المخدرات والأقراص المهلوسة التي تشن المصالح الأمنية حملات شرسة على مروجيها، ما يؤكده عدد المدرجة بشأنها، التي تصل أحيانا ل80 بالمائة من ملفات الجنحي تلبس بالمحكمة الابتدائية. وقس على ذلك المسجل من حوادث الضرب والجرح بالسلاح وحيازة المخدرات وترويجها وتسهيل استعمالها على الغير، أمام هذه المحكمة، ومختلف القضايا الجنائية المعروضة على الغرفتين الجنائيتين الابتدائية والاستئنافية، خاصة المتعلقة بالضرب والجرح المؤديين إلى عاهة مستديمة، التي سجلت 24 حالة منها بأحياء تابعة لنفوذ المنطقة الأمنية الأولى الموجود مقرها بالبطحاء. والأخطر أن يصل الأمر إلى حد إزهاق الروح لسبب تافه وفي حوادث عرضية، إذ سجلت هذه المنطقة 8 حالات قتل في سنة واحدة، 6 منها ناتجة عن ضرب وجرح بالسلاح الأبيض المفضيين إلى الموت، في حوادث غالبا ما تعقب نزاعات في جلسات خمرية أو بعد تلاسن وتبادل للسب والشتم، دون وجود أي نية مسبقة للقتل أو ترصد أو إصرار على ارتكاب الفعل. والمثير في توزيع هذه الجرائم، وقوعها في الحزام الدائر بالعاصمة العلمية، المشكل من أحياء هامشية تعاني الكثافة السكانية العالية والهشاشة الاجتماعية والاقتصادية، بعدما نبتت في ظروف خاصة في ثمانينات القرن الماضي وبعدها، بفعل الزحف المتواصل على المدينة من القرى المجاورة هربا من تبعات وظروف الجفاف الذي ضرب عدة مناطق في محيط فاس. محاصرة الجريمة هذه المعطيات الإحصائية لرصد الجريمة إن بهذه المنطقة الأمنية أو غيرها، في انخفاض، خاصة خلال خمس سنوات الأخيرة، رغم الارتفاع الطفيف الذي قد يلاحظ في جرائم القتل العمد والضرب والجرح المفضيين إلى الموت، كما كشفت ذلك أرقام النيابة العامة باستئنافية فاس، المؤكدة لانخفاض ملحوظ في جرائم السرقة الموصوفة المقترنة بظروف التشديد وتكوين عصابة إجرامية. وطمأن فهمي بوزيان، الوكيل العام بمحكمة الاستئناف، في كلمته في افتتاح السنة القضائية، الفاسيين بأن المعطيات الإحصائية للجريمة "لا تعكس حقيقة الظاهرة الإجرامية وطبيعتها" و"لا تنم عما يمكن اعتباره ظاهرة مستفحلة تهدد الأمن العمومي والسكينة العامة"، بل "تظل حالات انفرادية ومعزولة تعكس الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية لمرتكبيها". ارتفاع معدل الجريمة بالمنطقة الأولى، لا يخرج عن سياق وظروف مسببه في ذلك بمختلف الأحياء بالمقاطعات الأربع الأخرى، لأنها ناتجة عن "سياقات اجتماعية ونزاعات بسيطة مرتبطة بظواهر حمل السلاح والتعاطي للأقراص المهلوسة والمؤثرات العقلية" يقول المسؤول القضائي، مؤكدا أن أغلبية هذه الجرائم ترتكب في المجال الحضري بنسبة تقارب 90 بالمائة. وما يزكي هذا الطرح أن نسبة كبيرة من مرتكبي تلك الجرائم، لم يلجوا المدرسة أو ذوو مستويات تعليمية متدنية ويتحدرون من أسر فقيرة كثيرة العدد أو يعيشون في تجمعات متلاحمة في عمارات، عادة ما تكون منطلق نزاعات عائلية أو شخصية، تتطور إلى جرائم للإيذاء الجسدي الذي يصل في أقصاه إلى القتل لأتفه الأمور ودون سبب معقول أحيانا. حميد الأبيض (فاس)

المدينة القديمة والجنانات … بؤر الجريمة بفاس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لرافضي حالة الطوارئ الصحية

تخفيف حكم شبكة مركز نداء وهمي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات