قصة إنسانية … أم عازبة باعتها والدتها بـ400 درهم

أم عازبة باعتها والدتها بـ400 درهم وعاشت في الشارع وعانت من أجل تربية ابنتها بـ״الحلال״ حفيظة (اسم مستعار) أم عازبة. عانت في طفولتها من فقدان الأم والأب، بعد أن باعتها والدتها إلى امرأة مسنة مقابل 400 درهم، عاشت معها سنوات طويلة، دون أن تعرف أنها ليست والدتها الحقيقية، إلى أن أخبرتها إحدى الجارات بالحقيقة المرة، واقترحت عليها أن تساعدها على إيجاد عائلتها. حين أخبرت المرأة التي ربتها بالأمر، وبرغبتها في لقاء والديها، خيرتها بين البقاء في البيت ونسيان الأمر تماما، أو الرحيل للبحث عنهما، لكن دون رجعة. ولأن حفيظة كانت تحدوها رغبة عارمة في اللقاء بأفراد عائلتها الذين لم تعرفهم يوما، ولأنها كانت صغيرة السن لا تفقه شيئا في الدنيا و"الزمان"، غامرت بالبيت الدافئ (رغم فقر صاحبته) والصدر الحنون، وشدت الرحال نحو إحدى المدن المغربية، حيث تقطن والدتها، حسب المعلومات التي حصلت عليها. لكنها فوجئت باستقبال جاف منها، وكأنها ليست قطعة من كبدها. تحكي حفيظة، في لقائها مع "الصباح"، وتقول بمرارة عن هذا الحادث الذي أثر كثيرا في حياتها: "شرحت لي والدتي التي لم أرها يوما، أنه ليس بإمكاني أن أعيش معها. وأظن أنها كانت متزوجة من رجل آخر ولديها منه أبناء لم تخبرهم بقصتها وماضيها. قالت لي إن كل ما يمكنها أن تفعله من أجلي هو منحي عنوان والدي، لأتعرف عليه، والذي قد يقدم لي العون والمساعدة". ستقصد حفيظة، بيت والدها بمدينة مغربية أخرى وستلتقيه. ورغم أن تعامله معها كان ألطف من تعامل الوالدة، إلا أن بيته وقلبه وحياته لم يكن من الممكن أن يتسعوا لها. وهو ما فهمته فعادت أدراجها، تجر ذيول الصدمة وخيبة الأمل، لتبدأ معاناتها الحقيقية في الشارع، وتتكرر المأساة من جديد. تحكي حفيظة في اللقاء نفسه "لم يكن بإمكاني العودة إلى بيت المرأة التي ربتني ولم أجد ملاذا سوى في الشارع. كان عمري حينها 12 سنة. تبهدلت وتمرمطت وذقت جميع صنوف العذاب والاستغلال والمهانة. ولك أن تتخيلي حياة الزنقة بالنسبة لطفلة في ذلك السن". سيدق الحب باب حفيظة، وستفتح له أبوابها على مصراعيها، معتقدة أن الحياة ابتسمت لها أخيرا، قبل أن تفاجأ بفرار فارس الأحلام، بمجرد أن علم بحملها. تحكي "رغم الظروف القاسية، عاهدت نفسي على أن لا أتخلى عن ابنتي مهما كان الأمر. لم أكن أريدها أن تمر من تجربتي نفسها. حين أنجبت طفلتي، كنت أسكن في بيت صغير مشترك، ولم يكن أمامي من ملجأ سوى بيع جسدي مقابل المال من أجل تغطية نفقات تربية الطفلة وأكلها وملبسها. كنت في الوقت نفسه أحاول أن أسجلها باسمي وأحظى لها بوثائق قانونية حتى تتمكن من الدراسة. ولك أن تتخيلي المعاناة التي وجدتها. فلا أحد يريد أن يمد يد المساعدة لأم عازبة. نظرات المجتمع لا ترحم وحكم الناس ظالم". حين بلغت ابنة حفيظة سنا تسمح لها بفهم ما يجري ويدور من حولها. قررت والدتها مغادرة عالم الدعارة بلا رجعة، وفضلت أن تشتغل في البيوت والمقاهي بمقابل مادي بئيس، حتى تربي ابنتها على اللقمة الحلال. تقول "ما بغيتهاش تشوفني كا ندير ماكياج ونتفركس فالليل ونخرج ونجيب معايا فلوس فالصباح. ما بغيتهاش تكبر فهادشي وتجيب الفلوس بالساهل. بغيتها تقرا وتخدم وتكون مرا صالحة". لم تخف حفيظة عن ابنتها قصتها. وحكت لها كل شيء بالتفصيل، حتى لا يأتي اليوم الذي تحاكمها فيه على عدم قول الحقيقة. تقول في اللقاء معها "الحمد لله أن ابنتي متفهمة. لم تلمني على شيء ولم تحاسبني لأنها كانت تعرف كم تعبت من أجل أن تعيش هي مرفوعة الرأس. جيراني يحترمونني وكل من يعرفني يقدر ما فعلته من أجلها. الحمد لله ربي ما خيبنيش وبنتي كا تقرا مزيان وإن شاء الله يكون مستقبلها أفضل". حفيظة اليوم في حاجة إلى عملية تجميل لوجهها، الذي يحمل ندوبا واضحة، تعمل على إخفائها بمنديل الرأس الذي ترتديه. وهي آثار معركة حامية الوطيس، خاضتها في الماضي، ونتج عنها أكثر من عشرين "غرزة" كانت ضرورية لخياطة جرحها النازف، إثر ضربات "زيزوار". توضح حفيظة "بغيت نتهنى من هاد السيكاتريس حيت كا تهرب عليا الخدمة. اللي كا يشوفها كا يرفض يخدمني وكا يقول فخاطرو هادي غير هاربة ما يمكنش نخدمها معايا". للإشارة، رفضت الأم الإدلاء باسمها الحقيقي أو نشر صورتها، حفاظا على كرامة ابنتها، التي بلغت اليوم 18 سنة. نورا الفواري

قصة إنسانية … أم عازبة باعتها والدتها بـ400 درهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

740 مستفيدا من قافلة طبية بسيدي بنور

10 أشهـر لأستـاذ تارودانـت

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات