احتـلال الملـك العمومـي … حكـم القـوي

الحي الحسني بالبيضاء مستعمر بالقوة ولا كلمة تعلو فوق صياح الباعة وعين الشق تدخل نادي المستعمرات في خضم الحملة التي تشنها سلطات البيضاء على محتلي الملك العمومي، وشروعها في هدم مجموعة من الواجهات وإزالة الحواجز، التي وضعها الباعة وأرباب المقاهي، في وجه المارة، دفعتهم إلى النزول إلى ممرات السيارات، وتعريض حياتهم للخطر، والتسبب في الاكتظاظ وخنق الشوارع والأزقة، ما تزال عشرات المناطق خارج حساب السلطات، ويعاني سكانها في صمت، ولعل أبرزها مقاطعتا الحي الحسني، وعين الشق، التي رصدت "الصباح"، مظاهر فاضحة في استعمار الملك العام، من قبل الباعة غير المهيكلين وأرباب المقاهي، بالإضافة إلى بعض المدارس الخاصة، التي تستعمر الرصيف المخصص للمواطنين دون أي حرج. إنجاز: عصام الناصيري / تصوير: (عبد اللطيف مفيق) لا يعرف معنى احتلال الملك العمومي إلا السكان الذين يعانون تبعاته يوميا، إذ يحرمهم الباعة الجائلون، وبعض الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون، من حقهم الطبيعي في المشي على الرصيف، وعدم اضطرارهم إلى النزول للشارع، والدخول في دوامة من القلق، خوفا من أن تصدمهم سيارة أو غيرها. وبالإضافة إلى التأثير على حركة المواطنين في الشارع العام، فإن البعض الآخر يعاني مشاهد ومظاهر الفوضى، التي آلت إليها الشوارع والأزقة، التي يقطنون بها. الحي الحسني...استعمار مباشر لا مبالغة في القول إن مقاطعة الحي الحسني، أصبحت مستعمرة من قبيل كيان الباعة الجائلين، إذ بمجرد زيارة شارع أفغانستان سيلاحظ الزائر العادي أن المنطقة أصبحت مملوكة من قبل باعة الملابس والخضر والفواكه وتجار الخردة، إذ من المستحيل أن تجد مساحة فارغة بهذه المنطقة، فرغم أن عملية البيع والشراء لا تنطلق إلا بعد الزوال، لكن أصحاب العربات المجرورة لا يغادرون المنطقة، بل يحرصون على ركن عرباتهم في الأزقة، التي يسكنها المواطنون إلى حين قدوم اليوم الموالي. ومن المشاهد المثيرة للسخط والدهشة في آن واحد، بمقاطعة الحي الحسني، وجود مدرسة ابتدائية تسمى الأخطل، يحيط بها سوق من كل الجوانب، ويرتفع صياح الباعة وضجيج المتسوقين، إلى درجة أن التلاميذ يتعلمون أساليب البيع و"الشطارة"، أكثر من المضامين الدراسية، كما أن بعض الباعة يستندون إلى سور المؤسسة ويركنون عرباتهم هناك، ولا أحد في استطاعته النبس بكلمة، خوفا من أن يتعرض للأذى من قبل الباعة، الذين يلوثون محيط المؤسسة ويثيرون الضجيج، بذريعة أنهم مساكين "كيضبرو على راسهم. الغريب في الحي الحسني أن الباعة الجائلين، احتلوا جميع الأزقة المتاخمة لشارع أفغانستان، ووصلوا إلى سور الدائرة الأمنية رقم 15، التي لا تفصلها عن العربات المجرورة و"الكرويلات" سوى بضعة أمتار، وهنا يتساءل المواطنون، هل ما آل إليه واقع المنطقة لا يستنفر السلطات ولا يزعجها، أم أن ما يقع يحظى برعايتها، ولا ترى فيه مشكلا، جعل من حياة السكان جحيما حقيقيا. وحسب المعطيات التي حصلت عليها "الصباح"، فإن مظاهر الفساد أصبحت مستشرية في المنطقة، ووصل حد بيع الشارع العام لهؤلاء الباعة، من قبل أعوان السلطة، وربما قد يبالغ من أسر لنا بهذه المعلومات، غير أن الواقع لا يترك للملاحظ فرصة للتشكيك فيها، إذ هناك أماكن مخصصة لركن السيارات، لكنها مستغلة من قبل أصحاب العربات، وهناك حديث أيضا عن المتاجرة في هذه المساحات. وأما الشوارع الكبرى فمن الصعب أن تمر منها السيارات بشكل سلس، خاصة أن عشرات المارة والعربات يتجولون فيها، ويضطر السائقون لخفض السرعة إلى مستوى كبير، تجنبا لإصابة أحد المواطنين، الذين لم يدع لهم أصحاب المحلات التجارية والمقاهي مسربا يسلكونه. عين الشق في قبضة "الفراشة " ليست الحي الحسني المقاطعة الوحيدة التي تفشت فيها ظاهرة احتلال الملك العمومي، إذ دخلت مقاطعة عين الشق بدورها نادي المستعمرات، إذ أصبحت تعيش مظاهر الفوضى غير مسبوقة، إذ احتل الباعة الجائلون وأرباب المقاهي جزءا كبيرا من الفضاء العام، الذي يشترك فيه كل السكان، إذ أصبح شارع القدس، الذي كان إلى عهد قريب أحد أرقى شوارع المنطقة، يعيش واقعا لا يحسد عليه. على امتداد شارع القدس، عاينت "الصباح" عددا من مظاهر الاحتلال، الذي تسببت فيه المقاهي، إذ احتل البعض الرصيف وزرع فيه العشب، وحوله إلى مساحة خضراء تابعة للمقهى، فيما اختار البعض الآخر وضع متاريس حديدية أمام محلاته، وأما آخرون فأخرجوا سلعهم إلى أبواب محلاتهم وأعاقوا حركة المرور. ومن أفظع مشاهد الفوضى أيضا بشارع القدس، ما تسببت فيه المدارس الخاصة، التي احتلت عشرات الأمتار من الرصيف، من خلال ركن سياراتها من الحجم الكبير، التي تنقل التلاميذ، ولم تكتف هذه المدارس الخاصة، باحتلال الرصيف، بل امتدت إلى الشارع، إذ يجد المارة صعوبات كبيرة في المرور بين هذه السيارات. وبالقرب من شارع القدس، احتل باعة الخضر والفواكه أجزاء كبيرة من الطريق، بالإضافة إلى الرصيف، إذ وضعوا سلعهم في ممر السيارات، بشارع غزة، بينما لا أحد تحرك لمنع هذه المظاهر من الاحتلال، ما يطرح السؤال عن دور أعوان السلطة والمنتخبين والشرطة الإدارية، إذ عبروا عن فشل ذريع في تمكين المواطن البيضاوي من حقه في الرصيف.

احتـلال الملـك العمومـي … حكـم القـوي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اجتماع لإنقاذ الكرة النسوية بآسفي

عاجل ... وفاة رئيس أركان الجيش الجزائري قايد صالح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات