أبرياء وراء القضبان

هفوات قانونية ترهن حرية أشخاص لم تظهر أدلة براءتهم إلا بعد تجريبهم برودة الزنازين عدة أبرياء زج بهم في السجن بسبب هفوات قانونية أو تقصير وغموض في الأبحاث، قبل ظهور قرائن مادية وأدلة براءتهم بعد فوات الأوان وتجريبهم عذاب الزنازين وألم فراق أقاربهم، بعد مدد متفاوتة ومختلفة حرموا فيها من حريتهم. "يا ما في السجن من مظاليم" حكمة تنطبق على حالات كثيرة لأشخاص وجدوا أنفسهم في قفص الاتهام في قضايا جنحية أو جنائية، مطوقين بتهم ثقيلة أو أخف، دون أن يهتدوا لمنفذ يكشف براءتهم المعلقة، مؤدين ثمن مساطر وإجراءات تكون أحيانا قاصرة غير مجدية في كشف الحقيقة وتجنيب أمثالهم مصيرا لا يرضاه لهم أحد. طبيعة البحث التمهيدي وما قد يشوبه من تقصير وقصر مدته، ترهن حرية بعضهم التي يكون تقييدها، عاملا حائلا وإدلائهم بأدلة براءتهم من وثائق وغيرها، وما يلي ذلك من تلافي هدر الزمن القضائي، خاصة في ملفات جرائم الأموال المحدثة أقسامها ببعض محاكم الاستئناف وبينها فاس، إذ غالبا ما تكون المستندات دليل البراءة. وفي ذلك أمثلة متعددة لرؤساء جماعات وموظفي بنوك وإدارات ومؤسسات، اعتقلوا وحوكموا قبل تبرئتهم بعد جلسات ماراثونية متعددة، بعضهم متع بالسراح أثناء مرحلة التحقيق بعد قضائه مددا في السجن. ومنهم مسؤول في الدرك بوجدة، سقط ضحية شكاية مجهولة المصدر اتهمته بالانتماء لعصابة للاتجار في المخدرات. 6 أشهر عاشها محروما من الحرية بزنزانة باردة، قبل التحقيق معه ومحاكمته بتهم ثقيلة بينها الارتشاء، إلا أن دليل براءته لم يظهر وتقتنع به هيأة الحكم، إلا بعد معاناة وانتظار طويلين تعقدت بعدهما حالته المهنية، في انتظار استكمال باقي الإجراءات المخولة له "محو صفحة سوداء في مساره المهني وحياته الشخصية". الأمر نفسه ينطبق على 11 مسؤولا أمنيا أغلبهم بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية، قضوا مددا متفاوتة في السجن، بعد إيقافهم بناء على اعترافات بارونات اتهموهم بتلقي رشاو، نظير غض الطرف عن نشاطهم المشبوه في ملف سلطت عليه أضواء إعلامية، قبل أن يتضح أنه مجرد زوبعة في فنجان الانتقام والثأر والكيد. مثل هذه القضايا تحتاج أبحاثا سرية مكثفة ومتواترة بحثا عن قرائن إدانة أو براءة، قبل اتخاذ أي إجراء خاصة خلال مرحلتي البحث التمهيدي والتحقيق بمرحلتيه، كما في المساطر المرجعية التي عادة ما تكون سلاحا للانتقام، بإلباس خصوم ومسؤولين، تهما بحجم مسؤولياتهم، وتجرهم لمحاكمات يهدر فيها زمن الأمن والقضاء. وإذا كان من حق المتضرر طلب التعويض كما وقع في ملفات اعتقل فيها البعض تعسفا أو لخطأ، فسمعة الفرد وكرامته وحريته لا تعوض أبدا خاصة للمتهمين بالاتجار في المخدرات، التهمة الجاهزة للانتقام من أي مسؤول قد يرفض الانصياع للابتزاز والاستفزاز، أو شخص عاد يزعج بارونات أو يهابون علاقاته ويخافون تبليغه. ولم يكن أمثال هؤلاء وحدهم "أبرياء وراء القضبان"، بل جرب آخرون الاعتقال والإيداع للاشتباه في علاقتهم بجرائم قتل بعضها في حق الفروع، كما حالة أستاذة متعاقدة وابنها وجدا نفسيهما في ورطة لا يحسدان عليها، بعد قتل ابنتها الطالبة والعثور على بعض أشلائها بفيلا مهجورة قريبة من قنطرة الليدو بمقاطعة أكدال. وأبلغت الأم عن اختفاء ابنتها وتعرفت على جثتها، لكنها وجدت نفسها وابنها وراء القضبان وفي قفص الاتهام، قبل أن يظهر دليل براءتهما، بعد عام من الاعتقال. كانت شهادة جارات الضحية وحارس العمارة، حاسمة أمام المحكمة، بعدما أكدت الجارات علاقة الهالكة بشخص مجهول، وتحديد الثاني توقيت خروجها والمتهمين. الحكم بالبراءة جاء بعد ضجة إعلامية وجلسات ماراثونية للتحقيق والمحاكمة، كما شاب آخر توبع في ملف جريمة قتل حارس ضيعة فلاحية ضاحية المدينة، وجد جثة هامدة ب"براكة" الحراسة، رغم إنكاره في سائر المراحل، إلا أن عداوته السابقة معه، جرت عليه الويلات. حميد الأبيض (فاس)

أبرياء وراء القضبان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخطاء سالبة للحرية

الكوميدي هنيدي يجوب 20 دولة لنشر الابتسامة

مقالات ذات صلة