ذاكرة الأولمبياد : بوطيب: لا أحد كان يراهن علي

لم يعرف تاريخ ألعاب القوى الوطنية عداء قويا مثل العداء العالمي والأولمبي مولاي إبراهيم بوطيب الفائز بذهبية 10 آلاف متر في أولمبياد سيول سنة 1988، بالنظر إلى الطاقة الهائلة التي كان يتوفر عليها أثناء خوضه السباقات الطويلة والمتوسطة، إذ كان معروفا بتقنية رفع الإيقاع منذ بداية السباق إلى نهايته، بحيث يستحيل على أي عداء مجاراته بالسرعة ذاتها إلى نهاية السباق، وسبب نهجه هذه التقنية ضعفه في السرعة النهائية. ويقول بوطيب لـ "الصباح" إنه كان المرشح العاشر للظفر باللقب، ولم يكن أحد يراهن على تألقه وتتويجه، سيما أنه في العشرين من عمره، ولا يملك تجربة كبيرة في الألعاب الأولمبية، لأنها كانت مشاركته الأولى، غير أن عبد اللطيف السملالي ، وزير الشباب والرياضة، في تلك الفترة، قال للملك محمد السادس، وكان وليا للعهد آنذاك، إنه سيربح الميدالية النحاسية، خلال حفل استقبال نظمه الملك الراحل الحسن الثاني قبل توجه الوفد المغربي إلى سيول، في الوقت الذي كان الجميع يعول على فوز سعيد عويطة بذهبية 800 متر. وأضاف بوطيب أن هدفه من المشاركة لم يكن في البداية الصعود إلى منصة التتويج، وإنما التأهل إلى السباق النهائي، لكن بعد فوزه بنصف النهاية الأولى في 28 دقيقة و16 ثانية، تأكد أن له القوة التي بالإمكان أن تقوده إلى منصة التتويج.ويروي بوطيب عن سباق النهاية أنه كان مثيرا وقويا، إذ أن السمة الأساسية التي تميز بها قبل الانطلاق التحالف الذي كان بين بعض العدائين، عن طريق تشكيل مجموعات مكونة من ثلاثة عدائين أو اثنين للتناوب على تقدم السباق، للتغلب على العياء وطول المسافة، فاتفق مع العداء الكيني الفائز بنحاسية السباق ذاته على التناوب على المقدمة ما بعد 5 آلاف متر الأولى، وقيادة أحدهما السباق لمسافة 400 متر التي تعادل دورة واحدة، وابتعدا بهذه الطريقة عن جميع المشاركين بمسافة كبيرة، إلى حدود ألفي متر الأخيرة التي تمكن فيها من الانسلال عن العداء الكيني، بعد أن لاحظ عدم تجاوبه مع سرعته، فقرر الانطلاق إلى النهاية، مشيرا إلى أنه يتذكر بكل حسرة عدم وجود من ينبهه إلى رفع الإيقاع، لأنه كان قريبا من تحطيم الرقم القياسي العالمي.ويضيف بوطيب "كان التنافس بين عدائي المنتخب الوطني على التتويج، وقبل الألعاب الأولمبية عانينا كثيرا، وكان كل عداء يعقد تجمعا إعداديا مع زميل له، وأنا كنت مع سعيد عويطة، وكانت الوزارة تمنحنا ميزانية في آخر السنة، إذ كنا نضطر إلى النفقة من مالنا الخاص وننتظر أن نتوصل بمستحقاتنا في نهاية الموسم. في سنة الأولمبياد شاركت في البطولة الإفريقية التي كانت بالجزائر وكنت على خلاف مع عويطة، لأنني كنت أتفوق عليه كثيرا في التمارين التي كنا نخوضها سويا، إلى درجة أن المرحوم عبد الرحمان المذكوري، رئيس الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى سابقا، وعبد اللطيف السملالي، كانا يفرقان بيننا، ويسعيان دائما إلى أن يضعا كل واحد منا في مكان بعيد عن الآخر، إلى درجة أن السملالي كان يضطر إلى وضع ابنه زكي معي في الإقامة التي كنت فيها إلى جانب كل من الملاكم عبد الحق عشيق والعداء عبد العزيز صهير، وذلك من أجل التدخل كلما كان لي احتكاك مع عويطة، إذ كان يشن حربا نفسية علي".ويتذكر بوطيب أنه لم يشارك في ملتقيات كثيرة في تلك السنة، إذ خاض أربعة فقط واثنين في الأولمبياد (نصف النهاية والنهاية)، وأنه تسلم 30 مليون سنتيم كانت القيمة التي خصصتها الوزارة للميدالية الذهبية في الأولمبياد، وبعد نهاية السباق تحدث معه الملك الراحل الحسن الثاني وهنأه، والشيء ذاته قام به الملك محمد السادس، وطلب منه رئيس الجامعة أن يذهب عند عويطة ويتسامح معه وأن يهنئه على فوزه بنحاسية 800 متر، إذ أن المدة التي فصلت بين سباقيهما ساعتان فقط، فامتثل لأمره.وبخصوص التداريب التي كان بوطييب يخوضها، يقول « كنت كلما سمعت عن عداء قوي في المغرب أذهب وأفوز عليه، وكنت لا أتوانى في مواجهة أي عداء مهما كانت قوته، وكنت أقوم بتدريبات شاقة، إذ أنني دخلت في تجمع مغلق لمدة ثلاثة أشهر بمعهد مولاي رشيد، عانيت فيها ارتفاع الحرارة وانتشار الحشرات الضارة من عقارب وأفاع، وكنت أتدبر يومي بصعوبة، لكن ذلك لم يضع هباء، ولما دخلت إلى المغرب استقبلني الملك الراحل الحسن الثاني بآزرو وأهديته الميدالية الذهبية، لكنه لم تمر دقيقة على ذلك، حتى أهداها بدوره إلي، وقال لي أنا بدوري أهديها لك، وعليك أن تحتفظ بها لأبنائك وأحفادك.وشارك بوطيب في أولمبياد برشلونة سنة 1992 في مسافة 5 آلاف متر وحل رابعا، بعد أن خانته السرعة النهائية، وخوضه السباق تحت ضغط جمهور كبير، بسبب خلطه بينه وبين حمو بوطيب الذي كان يعدو مسافة 10 آلاف متر، إلى جانب خالد السكاح الذي لم يقدم له المساعدة، فكان ضحية التشابه في الأسماء.

ذاكرة الأولمبياد : بوطيب: لا أحد كان يراهن علي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

متصوفة استهوتهم "السلطة الرابعة" : 20 مقالا عن الطريقة الكتانية

ستيفان كيلينجر: نحظى بدعم كبير من الحكومة المغربية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات