متصوفة استهوتهم “السلطة الرابعة” : 20 مقالا عن الطريقة الكتانية

في إطار مواكبتها ورصدها لأوضاع المغرب خلال العقد الأول من القرن العشرين، خصصت جريدة «السعادة» حيزا كبيرا للحديث عن الطريقة الكتانية وشيخها محمد بن عبد الكبير الكتاني، إذ فاق عدد المواد الصحافية المنشورة بالسعادة عن الشيخ الكتاني وعائلته وأتباعه عشرين مقالا، اختلفت أهميتها باختلاف طبيعتها (قصاصات إخبارية، تغطيات، تقاريـر تحليليـة...) وباختلاف مصادرها (مصادر مخزنية، تقارير استخباراتية). وتكمن قيمة المواد المنشورة في السعادة بشأن اهتمامها بشيخ الطريقة الكتانية، ليس في التغطية الإخبارية فحسب، وإنما في التعاليق والمواقف التي أفصحت عنها إزاء الكتاني والتي كانت في مجملها مغرضة ومناوئة. فكيف قدمت جريدة السعادة لقرائها محمد بن عبد الكبير الكتاني شيخ الطريقة الكتانية؟ ماهي المواقف التي عبرت عنها تجاه دعوته الإصلاحية بخصوص الوضع المتردي في مغرب أوائل القرن العشرين؟ كيف رصدت السعادة علاقة الكتاني بالمخزنين العزيزي والحفيظي؟ وكيف واكبت السعادة محنة الكتانية على عهد السلطان المولى عبد الحفيظ؟استهلت جريدة السعادة تقديمها لشخصية الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتانــي بما يلــي: «فالسيد الكتاني رجل لا يحتاج إلى تعريف، وقد طبق اسمه الآفاق وسرى ذكره مع الركبان وتحدثت به الألسن في كل صقع ومكان . وهو على جانب عظيم من الفطنة والمعرفة والإطلاع على ظواهر الأمور وبواطنها، وله خبرة في أحوال البلاد والعباد .نشأ وترعرع في مدينة فاس وقرأ على أفاضل علمائها فامتاز عن أقرانه بالنجابة وحدة الفهم».وسجلت السعادة أنه لما بلغ محمد بن عبد الكبير «وأتم علمه سولت نفسه أن يؤلف طائفة ويؤسس زاوية تنتسب إليه كما فعل غيره من العظماء والصلحاء والأولياء. فانكب على العلوم الباطنية وأولع بها واستنبط منها ما وافق مراده وأعانه على غرضه. فجاهر الأخصاء والأحباب بذلك زعما بانفتاح مغاليق الأسرار الربانية عليه ووقوفه على عالم الغيبيات واطلاعه على اللــــــوح المحفوظ وأقنع الناس أن ذلك من الإمكان ومن نعم الرحمان مع أن ذلك مخالف للشريعة المحمدية، ومنذ ذلك الحين أخذ يؤلف طائفته ويؤيد مذهبه، فأنشأ الزوايا في المدن المغربية والقبائل البربرية وتسمت طائفته بالطائفة الكتانية. ولهذه الطائفة ورد مخصوص وحفلات معلومة وعوائد خاصة مما يضيق عن ذكره المقام». واسترسلت السعادة في التعريف بشيخ الطريقة الكتانية بنبرة تهكمية «ولا نبخس شيخنا الصبي حقه من الفهم والإدراك، بل نقف أمامه موقف الخصم العارف بمقدرة خصمه، فالشيخ الكتاني ذو نيرة وذكاء كما تدلنا على ذلك حيله وألاعيبه واستيلاؤه على طريقة كثيرة الأتباع».وتعجبت السعادة من تدخل الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني «في سائر القضايا والشؤون، سواء كانت علمية أو سياسية داخلية أو خارجية، فتراه يدعي الإحاطة في كل شيء».وفي السياق ذاته كتبت السعادة أن الشيخ الكتاني «من الذين لا يعذرون على هفوة سياسية ، بعد أن جمع في صدره شتات المعارف، وجال الآفاق، ودرس أحوال الأمم، وتبينت له قوتها، ووقف على شروط المعاهدات الدولية».شكلت قضية طموح الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني في إحداث انقلاب على الحكم ، ورغبته في إقامة نظام حكم دستوري شوري ، أحد ثوابت تحاليل وتعاليق جريدة السعادة بشأن علاقة شيخ الطريقة الكتانية بالمخزنين العزيزي والحفيظي، إذ تفيد عدد من الإشارات التي أوردتها السعادة أن « المخزن كان نافرا من الكتاني تيقنا منه أن الرجل لا يقصد من وراء ورده الأمور الدينية وإنما له غاية أخرى يجللها بثوب الدين ، ولذلك لم يحتفل به المخزن كما ينبغي ولا راعى شأنه كما يستحق».وأشارت السعادة إلى أن «المخزن نفسه عارف ما يبطنه الكتاني وما تنطوي عليه نيته من الوثوب على الملك، وما له من المكانة في قلوب البربر».وعنونت السعادة إحدى مقالاتها بـ»المخزن والكتاني» سجلت فيه العديد من الإشارات الدالة على توجس المخزن العزيزي من قوة نفوذ محمد عبد الكبير الكتاني والصدى الذي أحدثته طريقته الصوفية لدى المغاربة ، و ردود فعل الحاجب أحمد بن موسى الذي «بعث إلى خليفة فاس يأمره بإلقاء القبض على الكتاني وأن يوجهه إلى مراكش وأن يضرب عنه ويصادر أصحابه . ولما بلغ المذكور مراكش وبخه أحمد على أفعاله وهدده، ثم جمع أفاضل العلماء فجمع يبنهم وبين الكتاني ، فبحثوا في معتقده وفتشوا في مذهبه ، فلم يوافقوه على زعمه فكفره قوم وزندقه قوم وفسقه قوم . أما أحمد فأبقاه تحت يديه حذرا من شره وتلافيا لأمره ، وبقى في مراكش مدة حتى جاء الشيخ ماء العينين فتوسط أمر الكتاني وتشفع به عند أحمد فسمح له وأطلقه على ضمانة الشيخ ماء العينين . وكتب أحمد إلى القضاة في فاس لأن يكونوا أعينا ناظرة وآذانا سامعة في أحوال الكتاني كلها وأن يرفعوا بذلك تقريرا من وقت لآخر للحضرة الشريفة».

متصوفة استهوتهم “السلطة الرابعة” : 20 مقالا عن الطريقة الكتانية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الإسلام والمرأة والعنف...بين الغلو والحقيقة : النساء ضد عمر بن الخطاب

ذاكرة الأولمبياد : بوطيب: لا أحد كان يراهن علي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات