بيد الله: روس أصبح طرفا في نزاع الصحراء

رئيس مجلس المستشارين أكد أن المجلس يشتغل بروح ونص الدستور الجديد وأن صلاحياته لم تتقلص عرض محمد الشيخ بيد الله مسارات النقاش الذي واكب تحضير مجلس المستشارين لاستضافة رئيس الحكومة في إطار الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة الحكومة حول السياسة العامة. وأكد رئيس المجلس أن المكتب اختار محورين رئيسيين هما: الأزمة العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني، وإستراتيجية الحكومة في مجال محاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة. ويتطرق بيد الله إلى العديد من الأمور والقضايا التي تهم المجلس، من قبيل الغيابات التي واكبت مناقشة ميزانية 2012، مبرزا أن مشكل الغياب البرلماني مطروح في برلمانات كل الدول، وليست ظاهرة منحصرة في البرلمان المغربي. واعتبر أن المسؤولية مشتركة بين البرلمان والأحزاب، إذ أن الهيآت السياسية مطالبة بحث برلمانييها على الالتزام بالحضور إلى البرلمان والإسهام في النقاشات ودراسة النصوص التشريعية. في موضوع الصحراء المغربية، أكد بيد الله أن كريستوفر روس تجاوز حدود اختصاصاته، وأصبح طرفا في النزاع. وأضاف أن المبعوث الأممي إلى الصحراء أشرف على تسع اجتماعات دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات. وراد قائلا إن روس كان حريصا على تغيير صلاحيات ومهام "المينورسو" ليصبح لها دورا سياسيا شبيها بـدور "المراقب العام". في ما يلي نص الحوار بعد نقاش طويل، وقع اختيار مكتب مجلس المستشارين على محورين رئيسيين هما: الأزمة العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني، واستراتيجية الحكومة في مجال محاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة، وذلك لمساءلة رئيس الحكومة، يوم 5 يونيو المقبل، في إطار الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، ما هي الخلفية التي تحكمت في هذا الاختيار؟الجلسة دستورية ومجلس المستشارين ملتزم بتنزيل مقتضى الفصل 100 من الدستور الذي ينص على تخصيص جلسة واحدة كل شهر للأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة. ولا تخفى أهمية هذه الجلسة، التي تكرس مكانة البرلمان في مراقبة العمل الحكومي وتكسر الرتابة المعتادة التي تميز الأسئلة الشفوية الأسبوعية. اخترنا مواضيع عامة، كما أشرتم في سؤالكم، إذ أن المحور الأول يهم تداعيات الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على اقتصادنا الوطني، والثاني يتصل بإستراتيجية الحكومة في مجال محاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة، وهما محوران يهمان في العمق عدد من القطاعات ويفتحان نوافذ على جميع السياسات القطاعية. كان هناك نقاش حول تخصيص قضايا ذات صلة بقطاعات اجتماعية، على غرار السكن والصحة، وتم اقتراح موضوع الانتخابات كمحور للنقاش. لكن تبين أنها قضايا قطاعية، في الوقت الذي ينبغي اختيار مواضيع عامة، إذ أن موضوع الأزمة المالية العالمية يمنح الفرص للسادة المستشارين والسيدات المستشارات لمساءلة الحكومة على انعكاسات هذه الأزمة على عدد من القطاعات الحساسة مثل النسيج الاقتصادي والسياحة، ووضعية المغاربة المقيمين بالخارج...، ورغم تأثيرات الأزمة على الاقتصاد الوطني، إلا أن بلادنا استطاعت أن تحقق معدلات نمو محترمة، وهذا مؤشر إيجابي. بالنسبة إلى المحور الثاني المتعلق بإستراتيجية الحكومة في مجال محاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة، فلا تخفى أهميته، خاصة أن الحكومة جعلت منه محورا مركزيا في برنامجها، ولا بد أن تعرض رؤيتها العملية في هذا المجال، وهو محور يرتبط كذلك بعدد من القطاعات، ويفتح مسارات مختلفة وهو مهم على اعتبار الحاجة الملحة في إشراك الرأي العام الوطني في موضوع التخليق، والإسهام في رفع وعيه للمساهمة في الجهود المبذولة في مجال محاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة.كان هناك حديث عن ارتباك في تحديد موعد الجلسة الشهرية في مجلس المستشارين، وحتى على مستوى تحديد المحاور، هل حصل فعلا ارتباك؟ لا أبدا ! لم يكن هناك أي ارتباك. لقد تم عقد اجتماعين بمكتب المجلس وواحد للسادة الرؤساء عرفت نقاشات حول مختلف المواضيع التي يمكن طرحها على رئيس الحكومة مثل الصحة والسكن، والانتخابات، ولكن توسع النقاش واتفق أعضاء المكتب في اجتماع ثالث على أن الأسئلة المرتبطة بالسكن والصحة هي أسئلة قطاعية لا تندرج في محاور عامة، كما أن موضوع الانتخابات محدد جدا، رغم أهميته. أما بالنسبة إلى التوقيت، فلم يحدث أي ارتباك في تحديد موعد الجلسة الشهرية، والدستور واضح في هذا المجال، إذ ينص على جلسة واحدة في الشهر للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة، والدستور هو الذي يحدد التاريخ ( الفقرة الثالثة من الفصل 100 من الدستور) وسيوضحه النظام الداخلي.اتفق مكتب المجلس على أن تنعقد هذه الجلسة الشهرية أول ثلاثاء من كل شهر حتى يكون موعدا قارا ومعروفا لدى الجميع، ولدى الرأي العام عموما. وقيل، كذلك إن مجلس المستشارين تجاوز الآجال القانونية لمناقشة قانون المالية، وهذا غير صحيح، فقد تمت مناقشته في الآجال المحددة، أي خلال شهر واحد، وبالتالي لم يحدث أي تأخر ولا "تثليج" لهذا المشروع في هذا المجلس.حصل نقاش بشأن المجلس المعني بالجلسة الشهرية، على اعتبار أن الدستور لا يحدد طبيعة هذا المجلس بل تحدث عن البرلمان، ما رأيكم؟الفصل 100 من الدستور واضح، إذ تتحدث الفقرة الثالثة منه على "المجلس الذي يعنيه الأمر"، فالحديث، إذن، عن البرلمان بمجلسيه، أي جلسة في مجلس النواب وأخرى في مجلس المستشارين، ووقع اختيارنا، كما سبقت الإشارة على الثلاثاء الأول من كل شهر.ألا يزعجكم أن مجلس المستشارين يعيش وضعا خاصا، إذ في الوقت الذي تم انتخاب مجلس نواب جديد ولاءم نظامه الداخلي مع مقتضيات الدستور الجديد، ظل مجلس المستشارين يشتغل بتركيبته السابقة التي تم انتخابها في ظل دستور 1996، وبنظام أساسي متجاوز؟نحن نشتغل في إطار الفصل 176 من الدستور الجديد، الذي يؤطر المرحلة الانتقالية، ولا نعاني من أي مشكل، على هذا المستوى. فنحن، في الواقع نشتغل بروح ونص الدستور الجديد. وتجدر الإشارة إلى أنه جرت في وقت سابق إحداث لجنة مشتركة بين المجلسين للإنكباب على تحيين مقتضيات نظاميهما الداخليين وملاءمتهما، ولكن عملها لم يذهب بعيدا، وربما سيحين الوقت لتدارك هذه المسألة، ولا يخفى عليكم أن تجديد مجلس المستشارين مرتبط باستحقاقات انتخابية لم يتم بعد الإعلان عن جدولتها الزمنية. هناك حديث عن تراجع دور ومكانة مجلس المستشارين في ظل الدستور الجديد، وهو انطباع تولد حتى لدى الكثير من المستشارين البرلمانيين أنفسهم، ما رأيكم؟ تعتمد بلادنا نظام الثنائية البرلمانية، أي برلمان بمجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين ـ أي يسير على قدمين ـ والدستور حدد اختصاصات كل منهما خصوصا في ما يتعلق بالمبادرة التشريعية إذ الكلمة الأخيرة تبقى لمجلس النواب. هناك مشاريع قوانين تحال على أحد المجلسين في قراءة أولية حسب النصوص، طبعا الأسبقية لمجلس النواب بالنسبة إلى عدد من النصوص التشريعية، إذ تكون القراءة الأولى في مجلس النواب ثم تحال النصوص على مجلس المستشارين قبل أن تعود إلى مجلس النواب في قراءة ثانية، لكن مسار القوانين المرتبطة بالشؤون الاجتماعية والجهوية يبدأ من مجلس المستشارين في قراءة أولية. بالنسبة إلى مقترحات القوانين، يمكن لأي فريق أو أي مستشار برلماني، أن يتقدم بمقترحات قوانين والدستور يفرض على الحكومة مناقشة هذه المقترحات مرة في الشهر. ما يسجل هو أن عددا من المواطنين لم يستوعبوا بعد طبيعة وغايات الثنائية البرلمانية، مما يطرح سؤال الحاجة إلى جهود لتقريب الصورة أكثر من المواطنين. مراقبة العمل الحكومي في حصة الأسئلة الشفهية لم تتغير، ومساءلة رئيس الحكومة تطبيقا للفصل 100 من الدستور يتساوى فيها المجلسين. العمل الدبلوماسي لم يتغير فيه أي شيئ. لست أدري من يغذي هذه الحملة ضد مجلس المستشارين وتقليص مهامه. قيمة أي مجلس يستمدها من النساء والرجال الذي يحركون دواليبه. ومن نجاعته وانجازاته. ربما أن تقليص عدد المستشارين من 270 إلى 120 هو الذي يغذي هذه الظنون والعبرة ليست بالكم بل بالكيف.سجل المتتبعون للشأن البرلماني، أن مجلس المستشارين قام بعدة مبادرات في الفترة الأخيرة، إذ نظم عدة أنشطة بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وأخرى بتعاون مع اللجنة الاستشارية للجهوية، ما هو تقييمكم لهذه الأنشطة؟المجلس باعتباره مؤسسة تشريعية منفتح على محيطه، وتنسيق عمله مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي يندرج في هذا الإطار، والأهم هو أنه يحاول الإسهام في تقوية الثقة في المؤسسات الدستورية ويساهم في بناء الذات بالنسبة إلى المستشارين، وتسليحهم بأدوات جديدة للتحليل والمتابعة والتقييم، وإشراك المجلس الاقتصادي الاجتماعي في دينامية النقاشات حول عدد من القضايا التي تهم المؤسستين، باعتبار أنهما معنيان بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، ويمكن أن يكونا متكاملين، ثم إن مجلس المستشارين يعتبر من الضروري إشراك المجلس الاقتصادي والاجتماعي في نقاش ودراسة عدد من القضايا الهامة، بدل ترك المجلس الاقتصادي والاجتماعي يشتغل لوحده، بمعزل عن المؤسسات الأخرى. والدستور قد جعل المجلس المذكور رهن إشارة الحكومة والبرلمان لاستشارته في بعض القضايا.فيما يتعلق بمشروع الجهوية الموسعة، كانت هناك دينامية لافتة للأنظار، منذ أن انطلقت المشاورات حول بلورة تصور للجهوية بالمغرب، وانعقدت عدة لقاءات جهوية وعشرات الجلسات للاستماع، وأسهمت الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية ومنظمات المجتمع المدني في بلورت تصوراتها في الموضوع. وتمكنت اللجنة الاستشارية للجهوية من إنجاز تقريرها ضمنته تصورها للجهوية الموسعة بالمغرب، ولكن مع مجئ ما يعرف بـ "الربيع العربي" وما تلاه من أحداث، خاصة خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله لتاسع مارس، اطلق دينامية جديدة، إذ أقر المغرب دستورا جديدا، وجرت انتخابات تشريعية سابقة لآوانها تمخضت عنها حكومة جديدة، فاختفت النقاشات حول الجهوية ولم يعد الموضوع يحتل صدارة الأولويات، فكان هاجسنا إعادة مسألة الجهوية إلى الواجهة، بتنسيق مع مستشار صاحب الجلالة الأستاذ عمر عزيمان، الرئيس السابق للجنة الاستشارية للجهوية الموسعة. هيمنت قضية الوحدة الترابية للمملكة على سطح الأحداث، في الأسابيع الأخيرة، على إثر سحب المغرب الثقة من كريستوفر روس، المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء المغربية، ما هي قراءتكم لهذا المستجد وما هو الدور الذي يلعبه العمل الدبلوماسي البرلماني في التأثير على مواقف الدول الأجنبيـة؟ يجب التذكير بأدوات العمل الدبلوماسي التي نتوفر عليها، وأقصد بالخصوص، "اللجنة البرلمانية المختلطة المغربية الأوربية"، والعمل الذي يقوم به المستشارون المنتسبون إلى مجلس أوربا، إضافة إلى المشاركة في التجمعات القارية والدولية وعلى رأسها الاتحاد البرلماني الدولي، الذي يترأسه، حاليا عن جدارة، أخونا الأستاذ عبد الواحد الراضي. يقوم السادة المستشارون في هذه المنتديات بدور فعال في التعريف والدفاع عن القضايا المصيرية لبلادنا، ومنها بالأساس، قضية وحدتنا الترابية، والتعريف بالدينامية السياسية الجديدة التي انخرط فيها المغرب، والتي دشنت بإقرار دستور جديد، وإجراءا انتخابات تشريعية سابقة لأوانها أسفرت عن تشكيل حكومة جديدة، إضافة إلى الأوراش التنموية والمشاريع الكبرى التي اعتمدها المغرب، من قبيل الجهوية الموسعة. ومن ضمن هذه القضايا القضية الفلسطينية والتعريف بأهمية عمل لجنة القدس وذراعها المالي: وكالة بيت مال القدس.أما بخصوص المستجدات الأخيرة لقضيتنا الأولى، أريد أن أعرض ملاحظات أولية، فالمغرب له علاقة جيدة مع الأمين العام للأمم المتحدة ومع هذه المنظمة الدولية، هذه مسألة مفروغ منها، والمغرب عضو في مجلس الأمن، ولدينا دور طلائعي، بقيادة جلالة الملك في منظومة الأمم المتحدة. والمغرب يحترم التزاماته الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالنزاع ويحترم الشرعية الدولية، ولكنه لن يرضخ لأي شكل من الأشكال الضغط والمساومة. لقد أدخل كريستوفر روس ملف الصحراء المغربية إلى الباب المسدود في دوامة جديدة على مستوى المفاوضات غير الرسمية التي أصبحت تدور في حلقة مفرغة. لابد من التذكير أن دور المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة يتجلى في تسهيل حوار الأطراف المعنية بالنزاع كوسيط، والإسهام في إيجاد حل متوافق حوله، لكن روس تجاوز حدود اختصاصاته، وأصبح طرفا في النزاع. الأدهى من ذلك أنه أشرف على تسع اجتماعات دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات. منذ سنوات والأمر يقتصر على مفاوضات غير رسمية. أكثر من ذلك كان حريصا على تغيير صلاحيات ومهام "مينورسو"، ليصبح لها دورا سياسيا شبيها بـدور "المراقب العام"، يريد أن يحولها إلى فاعل سياسي في المنطقة ومراقب للإدارة الترابية مع أن الجميع يعترف بشرعية تطبيق القوانين المغربية في أقاليمه الجنوبية، إضافة إلى أن تقرير المبعوث الأممي تضمن عبارات تمس بكرامة المغرب والشعب المغربي وبوحدة بلادنا. والتقرير، بالمناسبة، لم يشمل الوضع الكارثي لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف ولا مشكل مصطفى سلمة وحرمانه من زيارة عائلاته وأطفاله الصغار.وتحولت المفاوضات التمهيدية إلى هدف في حد ذاته، ولم يقدم أي مساهمة إيجابية.أهنئ الحكومة على سحب الثقة منه. وهذه ليست هي المرة الأولى التي تسحب فيها الثقة من مبعوث أممي فقد رفضت الجزائر مبعوثين قبله. تـحـفـيـز الـبـرلمـانـيـين عـلـى الـحـضـور لوحظ أن مناقشة قانون المالية بمجلس المستشارين لم يحظ سوى بمشاركة عدد قليل من المستشارين، ما هو تفسيركم لهذا الغياب الذي رافق مناقشة القانون، ومناقشة الميزانيات الفرعية، علما أنكم أعلنتم منذ توليكم مسؤولية رئاسة المجلس، أنكم لن تتساهلوا مع ظاهرة الغياب، لماذا استمرت هذه الظاهرة، في نظركم؟مشكل الغياب مطروح في برلمانات كل الدول، وليست ظاهرة منحصرة في البرلمان المغربي. ليس هناك برلمان في العالم لا يعرف هذه الإشكالية، ولكن المسؤولية مشتركة بين البرلمان والأحزاب السياسية، فالهيئات السياسية مطالبة بحث برلمانييها على الالتزام بالحضور إلى البرلمان والإسهام في النقاشات ودراسة النصوص التشريعية. ومن جهة أخرى، فإن الحضور البرلماني مرتبط بجاذبية القضايا المطروحة للنقاش والتداول، وبالاهتمام الذي يجب أن توليه الحكومة للبرلمان، وفي طرح القضايا التي تشغل بال الرأي العام، وممارسة سياسة القرب، فالمسؤولية مشتركة بين البرلمان والأحزاب السياسية التي تلعب دورا في تأطير المواطنين، والفاعلين السياسيين داخل البرلمان. وللحكومة جزء كذلك من هذه المسؤولية.هناك أصوات تطالب بتطبيق النظام الداخلي على البرلمانيين الذين يبالغون في الغياب، لكن الإشكال مطروح حينما يكون حجم الغياب كبيرا، يجب إذن البحث عن وسائل لتحفيز البرلمانيين على الحضور وليس تطبيق إجراءات "عقابية" أثبتت التجربة أنها لا تُجدي نفعا. أصبح ضروريا، لمعالجة هذه الظاهرة، طرق أخرى لاستحالة تطبيق المقتضيات الموجودة حاليا في النظام الداخلي الجاري به العمل. خطأ روس أنه بدأ المفاوضات من الصفر كريستوفر روس وسيط بين أطراف النزاع والوساطة تنبني على شروط وتوافق بين الفرقاء، وشكلها وحدودها ومواصفاتها يمكن أن تتغير إذا زاغ الوسيط عن الإطار الذي حددته الأطراف، وهذا ما وقع الآن. خطأ كريستوفر روس أنه بدأ المفاوضات من الصفر في الوقت الذي كان ينبغي أن ينطلق من تراكمات سابقيه. وتحديدا، كان ينبغي أن يبدأ من حيث انتهى سلفه بيتر فان فالسوم. كان عليه أن يُسهم في إعادة بناء جسور الثقة بين الأطراف المعنية، وبين المحتجزين في مخيمات تندوف مع أهاليهم، لكنه عمق الشرخ بين الأطراف. مقاربة روس أثبتت فشلها، وأدخلنا في مفاوضات غير رسمية تتمطط باستمرار دون تحقيق أية نتيجة تذكر. من المستحيل أن يستمر المغرب في تقديم التنازلات. أعتبر أننا وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها من غير المقبول أن نقدم أية تنازلات أخرى.المقترح المغربي جدي ويتمتع بالمصداقية والواقعية، وهو العرض الوحيد الذي يمكن الأطراف المعنية إلى الوصول إلى حل سياسي دائم وعادل على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب". لدينا أمل كبير في إمكانية حل معضلة المغاربة المحتجزين في المخيمات هذه قضية تكتسي أهمية بالغة بالنسبة للمغرب، الاستمرار في مسلسل المفاوضات غير الرسمية سيكون وخيما بالنسبة لمستقبل المنطقة. والنزاع المفتعل في الصحراء يمكن أن يجد طريقه إلى الحل إذا رغبت الجزائر في ذلك. الحل الدائم والنهائي تتحكم الجارة الجزائر في نصفه، فالضغط ينبغي أن يمارس على الجزائر التي تمتلك مفتاح حل هذا النزاع. يجب تكثيف الدبلوماسية البرلمانية. هل قامت الأحزاب والدبلوماسية البرلمانية عموما بدورها في دعم قضية الوحدة الترابية؟ لاشك أن الدبلوماسية الموازية ومنها البرلمانية يجب أن تتكثف على هذا المستوى ويجب أن نجدد التأكيد باستمرار أن "المينورسو" لا يمكن أن تلعب دور المراقب العام في المنطقة، فهذا يُحيلنا إلى مرحلة الاستعمار، كذلك ينبغي التركيز على مسألة عودة المحتجزين إلى بلادهم ليتمتعوا بالحقوق التي يتمتع بها إخوانهم المقيمين في الأقاليم الجنوبية الذين يشاركون في بناء المغرب الجديد، على جميع المستويات وفي جميع القطاعات بدون استثناء...المغاربة جميعهم ينتظرون من إخوانهم العودة ليُسهموا معهم في تدبير الشأن المحلي، وفق المقترح المغربي الذي أقر الجميع بأنه يحظى بالجدية والمصداقية، ويعتبر الحل الواقعي والمناسب لإنهاء النزاع المفتعل. ومن المؤكد أن يؤدي حل هذا النزاع إلى إعادة بناء المغرب الكبير، وتحقيق التكامل المغاربي، الذي يشكل عاملا أساسيا في تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة. لا تنسوا أننا نضيع نقطتين من الداخل الإجمالي الخام لبلادنا بسبب غياب بناء صرح المغرب الكبير، وبالتالي الرأي العام الدولي يعرف أن بناء هذا الإطار المغاربي سيكون من أكبر عوامل ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة. ويجب أن نستحضر، هنا، الوضع المقلق في مالي وغينيا بيساو، والوضع المتفجر في عموم منطقة الساحل والصحراء الكبرى التي تعاني ظروفا صعبة وخطيرة على مستوى الاستقرار والأمن. هناك ظواهر خطيرة مثل الاتجار في المخدرات وفي البشر، والجريمة المنظمة.. وبالتالي هناك إدراك لدى الجميع بالتحديات الواجب رفعها مستقبلا، أقصد بالخصوص التحديات الأمنية والبيئية وتحديات تحقيق تنمية مستدامة، وهي تحديات مشتركة بين دول شمال افريقيا لايمكن مجابهتها إلا ببناء مغرب كبير موحد بدوله الخمس. حل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، سيساعد على رفع تلك التحديات ومواجهة المخاطر مستقبلا. هناك ضرورة لتحقيق اندماج جهوي الذي تمليه الجغرافيا والتاريخ والمصالح المشتركة. إن ما يجمع شعوب المنطقة أكثر مما يفرقها .. والدبلوماسية الموازية تلعب دورا رائدا في هذا المجال. الــحــكــم الــذاتـي الــمــوســع ما هو السيناريو الذي تتصورونه لمرحلة ما بعد كريستوفر؟أريد أن أقول إن قرار الحكومة يعكس في جوهره قناعات الرأي العام الوطني بكامله نظرا للإجماع الحاصل حول هذه القضية.سيأتي مبعوث جديد، ويتحمل المسؤولية ذاتها، فقط نتمنى أن يبدأ عمله من حيث انتهى عمل بيتر فان فالسوم، المبعوث الأممي السابق إلى المنطقة، ولا يميل إلى منح مينورسو سلطة سياسية في المنطقة ولا دور "المراقب العام". وينبغي أن يمارس ضغوطا أكثر على النظام الجزائري الذي يمتلك مفتاح حل النزاع المفتعل بأقاليمنا الجنوبية. ولدي قناعة راسخة أن إخواننا بمخيمات تندوف يدركون أن مصالحهم الآنية والمستقبلية تكمن في قبول حكم ذاتي موسع في إطار الوحدة الترابية والوطنية المغربية والذي يفتح لهم وللأجيال المقبلة آفاقا رحبة ملؤها الحرية والكرامة والعيش الكريم، وبذلك سيساهمون في بناء صرح المغرب الكبير بدوله الخمس وفي استتباب الأمن والسلام في المنطقة، وفتح أبواب الأمل والمستقبل الزاهر أمام الأجيال المقبلة. أجرى الحوار: جمال بورفيسي

بيد الله: روس أصبح طرفا في نزاع الصحراء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رحلة نساء تائهات بمحكمة الأسرة بالبيضاء

المبادرة بآسفي.. مشاريع مرتجلة وأخرى في مهب الريح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات