التنظيم القانوني لنشاط توطين المقاولات

القانون عمل على سن التزامات في علاقة الموطّن بالإدارات العمومية (2/2) بقلم: شعيب حريث * رغم أن القانون في صيغته التي أحيلت من قبل الأمانة العامة للمناقشة قبل أزيد من سنة، سبق أن نص على أنه استثناء في ما يتعلق ببعض الأنشطة التي ستحدد لاحقا، لا يكون لأطراف عقد التوطين فيها حرية تحديد المدة المتعلقة بها، وإنما تقيد بالمدة التي سيحددها لها نص تنظيمي، إلا أنه تم التراجع عن هذا المقتضى في القانون بصيغته النهائية. وبالرجوع إلى التزامات أطراف عقد التوطين كما هو الأمر في جميع العقود التبادلية، فإن القانون الجديد وضع العديد من الالتزامات على عاتق كل من الموطن والموطن لديه، كما وضع شروطا خاصا لممارسة نشاط التوطين عموما . التزامات الموطن لديه : نص القانون على ضرورة وضع رهن إشارة الشخص الموطن محلات مجهزة بوسائل الاتصال نظرا لأهميتها في الوقت الراهن، تتوفر على قاعة لعقد الاجتماعات، ومحلات معدة لمسك السجلات والوثائق المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وتمكن من الحفاظ والاطلاع عليها ويخص بالذكر القانون هنا الدفاتر التجارية التي يتوجب على التاجر مسكها، واضعا على عاتق هذا الموطن لديه الالتزام بمسك ملف عن كل شخص موطن، يحتوي على وثائق الإثبات تتعلق في ما يخص الأشخاص الذاتيين، بعناوينهم الشخصية وأرقام هواتفهم وأرقام بطاقات هويتهم وعناوين بريدهم الالكتروني، وهوية المسيرين إذا ما تعلق الأمر بأشخاص اعتباريين. إضافة لكل الوثائق المتعلقة بجميع محلات نشاط المقاولة الموطّنة ومكان حفظ الوثائق المحاسبية في حال عدم حفظها لدى الموطن لديه، مع التأكد من شخص الموطن بواسطة نسخة من شهادة التقييد في السجل التجاري داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد التوطين، إذا كان هذا التسجيل اجباريا وفق القوانين الجاري بها العمل، أو وثيقة هوية الشخص الذاتي الموطن، أو كل وثيقة إدارية من شأنها إثبات هويته. هذا وقد عمل القانون على سن بعض الالتزامات في علاقة الموطّن بالإدارات العمومية، ونخص بالذكر هنا الإدارة الضريبية والخزينة العامة للمملكة. حيث يجب على الموطن لديه أن يخبر المصالح الضريبية قبل 31 يناير من كل سنة بلائحة الموطنين لديه، إضافة إلى التزامه بإشعار مصالح الضرائب والخزينة العامة للمملكة وعند الاقتضاء إدارة الجمارك- داخل أجل لا يتعدى 15 يوما من تاريخ توصله بالرسائل المضمونة المرسلة الى الأشخاص الموطنين - بتعذر تسليمها إليهم. وإذا ما تم فسخ عقد التوطين قبل الاجل المحدد له أو بعد انتهاء مدته، وجب إخبار هذه المصالح وكذا إخبار كتابة الضبط بالمحكمة المختصة داخل أجل شهر من تاريخ التوقف عن العقد، وكل ذلك تحت طائلة تحمله للمسؤولية التضامنية مع الموطن في الالتزامات الضريبية والجبائية الواجبة على الموطن بمناسبة ممارسة نشاطه، وكذا الغرامة المقدرة بين 10 آلاف درهم و20 ألفا في حال عدم التقيد بالالتزامات سالفة الذكر . ولم يكتف القانون الجديد بتنظيم علاقة الموطن لديه بهذه المصالح، بل حتى في علاقته بالمفوضين القضائيين ومصالح تحصيل الديون العمومية الحاملين لسند تنفيذي من خلال التنصيص على ضرورة تمكينهم من كل المعلومات الكفيلة بمساعدتهم في الوصول للشخص الموطن، وفي هذا حماية لمصالح الجهات التي تعمل لصالحها هذه الأجهزة، رغم تضارب هذا المقتضى مع ما نص عليه القانون بخصوص ضرورة سهر الموطن لديه على احترام سرية المعلومات و البيانات المتعلقة بالموطن. التزامات الموطن : التصريح لدى الموطن لديه، إذا تعلق الأمر بموطن شخص ذاتي بكل تغيير في عنوانه الشخصي ونشاطه حتى يكون على علم بذلك، وشكله القانوني وتسميته وغرضه وأسماء المسيرين وكل من له أهلية التعاقد باسمه من قبل الموطن مع الموطن لديه اذا ما تعلق الأمر بشخص اعتباري، مع تسليمه كل الوثائق المتعلقة به والواجبة عليه لتنفيذ التزاماته. ولأن الحياة التجارية مليئة بالنزاعات التجارية التي يمكن أن يكون الموطن طرفا فيها، فإن المشرع وضع على عاتقه إخبار الموطن لديه بهذه النزاعات ولو كانت محتملة. كما عليه اخبار المصالح الضريبية والخزينة العامة للمملكة وكتابة الضبط بالمحكمة المختص، بانتهاء مدة عقد التوطين أو فسخه المبكر داخل أجل شهر من هاته الواقعة. وحماية لمصالح الأغيار المتعاملين مع الموطن، فإنه يجب على الموطن أن يضمن بكل فاتوراته ومراسلاته وسندات الطلب الخاصة به وكل الوثائق التجارية صفته موطنا لدى الموطن لديه، مع منح وكالة لشخص الموطن لديه لتسلم التبليغات باسمه . وكل هذا تحت طائلة صدور الغرامة من 5000 درهم الى 10 آلاف درهم في حق الموطن، والمنصوص عليها في القانون في حال إخلاله بهاته المقتضيات . شروط ممارسة التوطين : لما للتوطين من أهمية في الوقت الحالي، ونظرا لتزايد الإقبال على تعاطي الأنشطة الخدماتية المتعلقة به، فقد نص القانون على مجموعة من الشروط والإجراءات التي ينبغي توفرها، حيث ألزم مشروع القانون كل شخص ذاتي أو اعتباري يرغب في ممارسة نشاط التوطين، وقبل تسجيله بالسجل التجاري بصفته هذه، أن يتقدم بتصريح لدى الجهة المختصة لممارسة هذا النشاط مقابل وصل، تحت طائلة الغرامة من 10 آلاف درهم إلى 20 ألفا، هذا الطلب الذي يجب أن يرفق بمجموعة من الوثائق التي ارتأى واضعو المشروع الجديد تعليق لائحتها على صدور نص تنظيمي يحددها سيصدر لاحقا كذلك. كما أنه وبالإضافة لهذه المقتضيات يجب على من يرغب في ممارسة هذا النشاط أن يثبت ملكيته للمحلات، التي ستوضع رهن إشارة الأشخاص الموطنين، أو التوفر على عقد كراء لهاته المحلات التجارية، والتي إذا كانت موضوع حجز، وإذا كانت موضوع رهن، يتعين التنصيص على ذلك في عقد التوطين، كما يجب أن يكون في وضعية سليمة تجاه المصالح الضريبية، وأن لا يكون قد صدر في حقه حكم يقضي بسقوط أهليته التجارية أو الإدانة خلال سنوات سابقة لتاريخ تقديم التصريح بممارسة نشاط التوطين، من أجل ارتكاب بعض الأفعال التي حددتها المادة 544/8 الفقرة (ج) من القانون و منها جرائم غسل الأموال والجرائم المتعلقة بنظام الصرف، وبعض المخالفات الضريبية المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب و غيرها . كل هذه الشروط الواجب توفرها والإجراءات التي يلزم التقيد بها، أوجب القانون على الأشخاص الذاتيين والاعتباريين، الذين يمارسون نشاط التوطين ضرورة تسوية وضعيتهم بالشكل الذي يتلاءم مع مقتضيات هذا القانون داخل أجل سنة من صدور النصوص التنظيمية المنصوص عليها في هذا القانون بالجريدة الرسمية، مما يستفاد معه بمفهوم المخالفة أنه لا مجال لتطبيق و سريان بنود مضامين هذا القانون إلا بعد صدور هاته النصوص التنظيمية، والتي في نظرنا يمكن أن يطول انتظارها كذلك كما طال انتظار صدور قانون ينظم نشاط التوطين و يسد الفراغ التشريعي الحاصل في ترسانته القانونية. * باحث في قوانين الأعمال والمقاولات

التنظيم القانوني لنشاط توطين المقاولات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سقوط زعيم عصابة السطو على 40 عقارا

الحمى القلاعية تغلق أسواقا بدكالة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات