متى تعلنون فشلكم؟

ضجر المواطنون من فشل وعجز المنتخبين عن تدبير شؤونهم، وملوا من خطابات التبرير، ويئسوا من تحقيق مشاريع تتجاوز التصاميم الورقية البراقة. في كل سنة، يضع المغاربة أياديهم على قلوبهم تحسبا للأسوأ، فقد اعتادوا على الكوارث الطبيعية التي تعري "بؤس" مشاريع المنتخبين وقطاعات حكومية، ووعودهم بتفادي تكرارها، فالفيضانات، مثلا، مشهد يؤكد أن طريق التنمية مازال طويلا، ويحتاج إلى كفاءات جديدة، بدل تماثيل لا تشعر بمعاناتهم. اعتاد المواطنون على مشاهد الفيضانات مع الزخات الأولى لأمطار الخير، فتجدهم يستعدون لها بإمكانياتهم المحدودة، أو يتهكمون على قطرات من الماء تغرق، في ساعات قليلة، أحياء بأكملها وتؤدي إلى توقف النشاط الاقتصادي. يتقاذف المنتخبون المسؤولية، ففي المدن تُحمل شركات التدبير المفوض المواطنين مسؤولية اختناق قنوات الصرف الصحي، وسلوكهم في "منع مياه الأمطار" من الانسياب بسلاسة، أما المجالس المنتخبة، فتعلن براءتها لأنها منحت هذه الشركات تدبير القطاع، ولا أحد يعترف أن هناك خللا في تدبير "أزمة" الفيضانات... فكم حاجة قضيناها بتركها. بُعيد فيضان سابق قال أحد الوزراء، تعقيبا على مسؤولية وزارته في انهيار القناطر، إن "الخسائر الفادحة للفيضانات لا يد للحكومة فيها"، ثم أعلن استعداده "لاتخاذ الإجراءات القانونية في حق كل من ثبت أنه أخل بمسؤوليته"، وتحدى الجميع بفتح تحقيق حول مسؤولية الحكومة في ما حدث، قبل أن يطوي صفحة الانتقادات، في انتظار فيضان جديد، وضحايا جدد تعصف بهم مياه فيضانات الأنهار. لا تتوفر المجالس المنتخبة، أو شركات التدبير المفوض على خطة استباقية للتعامل مع هذه الحوادث، ربما، لأن الكوارث الطبيعية، ومنها الفيضانات فجائية، وفي كل كارثة يتسابق المسؤولون لإبراء ذمتهم، أكثر من سرعتهم في فك الحصار عن المتضررين، أو إنقاذ دواوير وأحياء من "شبح" الأمطار. أصبحنا، في كل سنة، نتناقل صور ومشاهد رعب خلفتها زخات مطرية، أو فيضان عدد من الأنهار، أو انهيار قناطر، وإغراق عشرات المنازل والحقول، وانقطاع التيار الكهربائي بأحياء المدن، وتعطيل الأشغال في الأوراش، ومحاصرة الثلوج للدواوير... مشاهد تثبت حقيقة واحدة، أن تسيير المدن والقرى أصبح عنوانا للفشل والعجز. ترى، ماهي الإجراءات التي باشرتها جماعة البيضاء، مثلا، منذ آخر فيضان إلى الآن؟ لا شيء تقريبا، فالأمطار كشفت هشاشة البنيات التحتية بالعاصمة الاقتصادية، وخلفت مجموعة من الأضرار المادية الجسيمة، وأوقفت أنشطة اقتصادية، وأعضاء مجلس المدينة، ربما، يطالعون مشاهد أحياء تحت الماء باستغراب، مثلهم مثل باقي المواطنين. ماذا فعلت المجالس لمنع انقطاع التيار الكهربائي عن المحمدية؟ وماهي إجراءات الحكومة للحد من عزل الدواوير وانقطاع حركة السير بطرق المدينة؟ فالمسؤولون، وبعيدا عن لغة التبريرات، لم يستوعبوا بعد أن هذه الكوارث تؤثر على الاقتصاد وتحدث نتائج سلبية على الاستثمارات الداخلية والخارجية، فهناك مصانع تغلق أبوابها، وتتضرر مؤسسات استثمارية كبرى... إن مواجهة الفيضان لا تكون بتجاهل الحقائق أو تناول المسكنات، بل بتقوية المشاريع في البنيات التحتية والتجهيزات... فمتى تعلنون فشلكم؟

300 مؤسسة دولية لاستقبال طلبة الأخوين

هبات الداخلية للرجاء... الفضيحة

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات