الإدارات المحلية … الداخل مفقود والخارج “منتوف”

مواطنون يحملون صورة تاريخية سيئة عن الإدارات المحلية ووزارة الداخلية تجرب وصفات لـ»جماعات مواطنة» لم تتغير نظرة المواطنين إلى الإدارات الجماعية المحلية، رغم بعض المجهودات المبذولة في السنوات الأخيرة، تحت ضغط الطلب على تجويد الخدمات وتحسين فضاءات الاستقبال ومعالجة الشكايات والتظلمات. ومازال أغلب المرتفقين يحملون صورة سلبية، تراكمت على مدى عقود، عن المقاطعات ومقرات الجماعات ومصالح الجبايات وأقسام وشبابيك تسلم الوثائق والرخص والتصديق عليها، التي تشبه، في نظرهم، مغارات مظلمة الداخل إليها مفقود والخارج منها "منتوف". من المهد إلى اللحد بين عشرة مواطنين، يتحدث ثمانية منهم بسوء وتذمر عن طريقة تدبير العمل الإداري بهذه الوحدات الإدارية التي أوكل لها المشرع اختصاص تمثيل الدولة على المستوى المحلي ومرافقة المواطن منذ ولادته إلى وفاته (شهادة الولادة ورسم الوفاة)، وما يتخلل هاتين الفترتين من خدمات قرب أخرى وإنجاز المهام الإدارية التي يحتاجها في حياته المهنية أو العائلية، أو المعاملات العقارية ومجال السكن والكراء والبيوعات والتصديق عليها. ويكاد المواطنون يجمعون على عدد المصائب التي تنخر جسم الإدارة المحلية، بجميع مرافقها وتخصصاتها، منها البطء والروتين المسطريان وتفشي مظاهر الرشوة الزبونية والمحسوبية وضعف تكوين الأطر المحلية، وخاصة في المجالات المتعلقة بتدبير الشأن العام، وغياب آليات التشوير داخل الجماعات الترابية، وغياب مفهوم الاستقبال داخل الوحدات الإدارية الترابية. ومؤكد أن كل هذه المعيقات تشكل عوامل سلبية تؤثر بصفة مباشرة على الإنتاجية الخدماتية المرجوة من وراء إحداث الجماعات الترابية، ما يمكن إرجاعه بالأساس إلى ضعف مفهوم الاستقبال داخل هذه الوحدات الإدارية. إصلاح محتشم تنبهت وزارة الداخلية، منذ سنوات، إلى هذه المعيقات التي تحد من أداء الإدارة المحلية الجماعية، ووضعت عددا من البرامج والمشاريع والتكوينات، أهممها كان قبل 2015، وأطلقت عليه اسم "الجماعة في أفق 2015، الذي راهن على تأهيل وتطوير أداء الجماعات المحلية، في ميادين متعلقة بتدبير الشأن المحلي، تهم تخطيط التّنمية المحلّية من خلال العمل على تعزيز ثقافة التخطيط لتقوية قدرات الجماعات حتى تخرج مخططاتها إلى الوجود وتبرمج مشاريعها على المدى المتوسط، وتمكنها من استعمال أفضل للموارد. وفي 2016، عادت وزارة الداخلية إلى تجريب ما أسمته "الجماعات المواطنة" الذي استهدف تأهيل الجماعات المحلية وتحسين الخدمات الجماعية من أجل الاستجابة بشكل أفضل لانتظارات السكان ضمن مقاربة تشاركية، أطلقتها مصالح الوزارة بشراكة مع هيآت دولية. ويتمحور مشروع "جماعات مواطنة" حول ثلاثة أهداف، تهم بالأساس دعم وتجويد فعالية المصالح الإدارية، وذلك من خلال الارتقاء بالخدمات المقدمة إلى المرتفقين وتيسير الولوج إليها وجعل الإدارة في خدمة المواطنين. أما الهدف الثاني فيهم دعم التواصل حول العمل الجماعي، بما يجعل سكان الجماعة في صلب العملية التواصلية الكفيلة بتحسيسهم بأهمية الجماعات المحلية، ودورها في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية وكذا المهام الموكولة إليها بموجب القوانين المنظمة للعمل الجماعي، فيما يستهدف المشروع أخيرا تشجيع المقاربة التشاركية في تدبير مشاريع القرب، عن طريق توزيع التمويلات بين مختلف المتدخلين لتوفير خدمات تهم تفعيل سياسة القرب، سواء تعلق الأمر بالخدمات أو بالمرافق. تجارب إعادة هيكلة تحظى أقسام ومصالح الحالة المدنية باهتمام خاص لدى المشرفين على برامج التأهيل، لارتباطها بشكل مباشر بالمواطنين في مختلف مراحل تطور حياتهم. وشرعت مجماعات في إعادة تهيئة المقرات الإدارية لمكاتب الحالة المدنية وتجهيزها بمعدات ولوازم العمل الضرورية وتكوين الموظفين وتحسين ظروف عملهم وتقديم خدمة أفضل للمواطنين من خلال، كما شملت برامج أخرى تهيئة هذه المكاتب باعتماد الفضاء المفتوح وتزويدها بالعتاد المعلوماتي اللازم، وتوفير رقمنة السجلات واعتماد تطبيق معلوماتي لاستغلالها، وتوفير قاعدة معطيات إلكترونية لوثائق الحالة المدنية بطريقة تعتمد تقنيات حديثة. وتشهد مصالح التصديق على الوثائق والمكاتب الخاصة بها بعض التحسينات في عدد من الجماعات، سواء على مستوى فضاءات الاستقبال وأنسنتها، أو إحداث آليات لتنظيم صفوف الانتظار، عبر تجهيز البوابات بآلات لسحب أوراق مرقمة تنظم العملية، أو اعتماد فريق من المرشدين والمرشدات بزي مميز مهمتهم تقديم معلومات والإجابة على أسئلة واستفسارات والإرشاد إلى القسم، أو المصلحة المرغوب فيها. عقم التواصل تشكو بعض المدن الكبرى، أو المدن التي تعتمد نظام وحدة المدينة معضلة التواصل، بنوعيه الداخلي والخارجي، إذ قررت بعض الجماعات توقيع اتفاقيات مع برنامج الحكامة المحلية بإعداد إستراتيجية ومخطط للتواصل خاصين بمجلس المدينة والمقاطعات التابعة له يمكنان من تنظيم ومأسسة عمليات التواصل على جميع المستويات. وشكلت مرحلة إعداد بعض الاستراتيجيات مناسبة لتشخيص وضعية التواصل بالجماعة، من خلال الوقوف على نقط القوة والضعف وكذا التحديات والفرص التي تعد بمثابة منطلقات تساعد على صياغة خطة عمل جيدة لضبط علاقة تواصلية فاعلة بين الأطراف المعنية. يوسف الساكت الإنصات للمواطنين انتبه منتخبون ورؤساء جماعات، متأخرين، إلى أهمية تدبير شكايات المواطنين التي كانت في السابق تجد طريقا واحدا لمعالجتها، هو رميها في سلة المهملات. وتحت إكراه التحولات السياسية والاجتماعية، بدأ هؤلاء يتعاملون بشكل مختلف مع هذه الآليات في التواصل ورفع المظالم من المواطن إلى الإدارة، عبر إحداث أقسام خاصة يسيرها موظفون يعتمدون على أنظمة معلوماتية للمعالجة. وأحدثت جماعات محلية خلايا تتكلف بمعالجة الشكايات المقدمة وفق معايير متعارف عليها وعبر منهجية مضبوطة استجابة لانتظارات المواطنين، مساهمة في تحقيق الحكامة الجيدة للإدارة الجماعية وتحسين خدماتها. وتتلقى الخلية شكايات المواطنين الواردة على الجماعات إما بطريقة مباشرة، أو عن طريق مكتب الضبط المركزي، أو من خلال الخدمة المخصصة لذلك بالبوابات الإلكترونية، وتتولى معالجتها وتتبع مآلها ومسارها بتنسيق مع جميع المصالح والأقسام الجماعية المعنية. وتشارك الخلايا في إجراء معاينات ميدانية وحضور اجتماعات دورية بمقر الكتابة العامة أو بالملحقة الإدارية الواقعة الشكاية داخل نفوذها الترابي. ي. س

الإدارات المحلية … الداخل مفقود والخارج “منتوف”

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مذكرات "رجل سلطة بالإذاعة" ... غضبة البصري

العماري مطلوب في واشنطن

مقالات ذات صلة