مدرسـة فـي محاربـة الإرهـاب

بنحمو قال إن الرؤية الملكية جعلت التجربة المغربية نموذجا يحتذى به في العالم قال الدكتور محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، إنه بفضل الرؤية الملكية المتبصرة، أصبحت إستراتيجية المغرب في تثبيت الأمن ومحاربة التطرف والإرهاب، مدرسة عالمية. وكشف بنحمو أن ما يميز الرؤية الملكية في العالم بأسره، وجعلت المغرب يصبح نموذجا يحتذى به، هو أن أنها انبنت على عدة مرتكزات مهمة، بخلاف ما هو معتمد في باقي دول العالم. < ما هي قراءتكم للرؤية الملكية في مجال تثبيت الأمن ومحاربة التطرف والإرهاب؟ < بفضل الرؤية الملكية المتبصرة، أصبحت إستراتيجية المغرب في تثبيت الأمن ومحاربة التطرف والإرهاب، مدرسة عالمية، وهي الإستراتيجية المبنية على ضرب الخلايا الإرهابية في مهدها، وتأهيل الموارد البشرية، وتنمية الإنسان حتى ينسجم مع ظروف العصر في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تعتبر تجربة رائدة. الإستراتيجية التي نهجها المغرب جعلته مدرسة في محاربة التطرف والإرهاب، بعدما تعرض لعمل إرهابي شنيع هز البيضاء، فتحولت تلك الفاجعة إلى ورش كبير لمكافحة الإرهاب واجتثاثه من جذوره. < هل لـ 16 ماي علاقة بإخراج هذه الإستراتيجية إلى الوجود؟ < الإستراتيجية ظهرت مع التحولات التي شهدها العالم بعد العمليات الإرهابية لأحداث 11 شتنبر التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه تمت بلورتها بالتحديد منذ الأحداث الدامية التي استهدفت البيضاء في 16 ماي 2003. تلك الأحداث الإرهابية يمكن اعتبارها المحطة التي أعطت هذا التوجه الجديد وهذه النتائج المترتبة عن الإستراتيجية التي وضعها المغرب لمحاربة التطرف والإرهاب. أثارت أحداث 16 ماي نوعا من الوعي يتمثل في طبيعة التهديدات الأمنية ونوعيتها، وأثارت وعيا بضرورة مواجهة مختلف التهديدات الأمنية التي كان أغلبها غير مسبوق. < هل يمكن أن تعطينا تفاصيل عن هذه المرتكزات التي تتفرد بها التجربة المغربية؟ < أهم المرتكزات والدعائم، الرد الأمني الاستعجالي لأن المغرب أمام تهديدات تكتسي طابع الفجائية وتتطلب ردا أمنيا سريعا، لكن الخصوصية المغربية تكمن في أن الرد الأمني تم إدخاله في إطار الحكامة الأمنية، بمعنى كيف نواجه الإرهاب ومختلف التهديدات، وفي الوقت نفسه نستمر في بناء دولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان ودولة المؤسسات. ويمكن التأكيد على أن الحكامة الأمنية انطلقت أولا بإعادة بناء الترسانة القانونية للمغرب وعصرنتها وسد مختلف الفراغات وجعل مختلف الجرائم الجديدة تحت طائلة القانون، وهو الجانب الذي كان رئيسيا، لأنه هو الذي جاء بعد إعادة هيكلة المصالح الأمنية وتقوية التعاون الداخلي فيما بينها والارتكاز أكثر على الفضاءات التقليدية والفضاءات الجديدة التي توجد بها هذه التهديدات بما فيها العالم الافتراضي، وتقوية قدرات وكفاءات الأمنيين المغاربة وتكوينهم جيدا من خلال التدريس والتأطير والمشاركة في دورات داخل المغرب وخارجه، للتعرف أكثر على طبيعة ونوعية التهديدات. هذا البناء الذي شهدته مختلف المصالح الأمنية شمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي يعتبر اللبنة التي تعبر عن هذا التطور الذي بلغه الجانب الأمني بالمغرب، من خلال طريقة اشتغاله مرورا بالصفة الضبطية التي أعطيت للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني "ديستي". كل هذه الأمور يمكن اعتبارها هندسة أمنية دقيقة المعالم في إطار إستراتيجية واضحة، ولذلك فإن الحكامة الأمنية هي الرد المباشر والاستعجالي لمحاربة التطرف والإرهاب. < هل الحكامة الأمنية كافية لوحدها؟ ما يميز المقاربة المغربية والرؤية الملكية على وجه التحديد، هو أن الاستراتيجية لم تبن فقط على جانب الحكامة الأمنية فقط بل انبنت على ركائز تشتغل على المدى البعيد، منها مواجهة مختلف الهشاشات الاقتصادية والاجتماعية التي يحتمي بها الإرهاب، والتي تخلق فراغات ينشأ فيها التطرف تستغل من قبل المتطرفين. يمكن القول إن المغرب قام بعمل كبير في الجانب الاقتصادي والاجتماعي وصولا إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في 2005 التي أطلقها الملك محمد السادس، فكانت هناك أجوبة اقتصادية واجتماعية على أسئلة وواقع اقتصادي اجتماعي محدد، كان يستغل بشكل بشع من قبل التنظيمات الإرهابية للزج بالمغلوبين على أمرهم في التطرف. هذا العمل يهدف إلى تجفيف الحاضنات المحتملة للتطرف والإرهاب. < وماذا عن هيكلة الحقل الديني؟ < لاحظنا كيف تم الاهتمام بأماكن العبادة، إذ كانت هناك استراتيجية واضحة للتخلص من كل الأماكن العشوائية للعبادة وتدبير فضاءات جديدة للعبادة التي هي المساجد تليق بقدسية القناعات الدينية لدى المغاربة. ثم كانت هناك هيكلة على مستوى الخطاب الديني، بخلاف ما كان يجري في السابق، إذ يحمل شخص خطبته ما أراد، وكانت خطب بالنسبة للكثيرين بصبغة إيديولوجية بعيدة عن الدين وتستغل لخدمة السياسة. وأيضا هناك الجانب المرتبط بالفتاوى، الذي تم هيكلته هو الآخر وإصلاحه، وبالتالي فإن إمارة المؤمنين كانت ومازالت حصنا للوقوف في وجه المتطرفين. ويجب التذكير بتأطير الأئمة والمرشدين والمرشدات، وهو ما أعطى خصوصية للمغرب، إذ لم يعد مسموحا لأي كان أن ينصب نفسه خطيبا، وإنما الخطيب والإمام ينبغي أن تتوفر فيه شروط ويخضع لتكوين وتأطير، فتم تحصين الجانب الديني. < ماذا عن التعاون الدولي لترسيخ الأمن ومحاربة الإرهاب؟ < المقاربة الأخرى التي وضعها المغرب تنفيذا للرؤية الملكية، تتمثل في التعاون الدولي، باعتبار المغرب وشركائه أمام عدو شمولي والرد ينبغي أن يكون جماعيا. بعدما نجح المغرب في تنفيذ الأهداف المرتبطة بإستراتيجية محاربة الإرهاب، وهو ما اعتبرته دول موضوع تجربة ناجحة تقتضي اتخاذها نموذجا رائدا، في إطار التعاون الدولي للوقوف في وجه التطرف والإرهاب. لم تكتف الرؤية الملكية لترسيخ الأمن ومحاربة التطرف والإرهاب، بالاهتمام بالشأن الداخلي للمغرب، وإنما جعلت المملكة تقوم بمساهمة فعلية في تعزيز قيم الانفتاح والحوار والتعاون وتقاسم التجارب والممارسات الجيدة في هذا المجال. وأعطت السياسة الاستباقية للمغرب في مجال محاربة الإرهاب، نتائج ملموسة عبر تفكيك العديد من فروع تجنيد وتمويل الإرهابيين أو خلايا كانت تخطط لارتكاب أعمال إرهابية، ما جعل المملكة موضع إشادة من قبل المنتظم الدولي، إلى درجة أصبح معها شريكا جادا ولا غنى عنه بالنسبة لمجموع دول المنطقة والعالم، اعتباره تجربة رائدة في الساحة الدولية تستحق الاستفادة منها. أجرى الحوار: محمد بها

مدرسـة فـي محاربـة الإرهـاب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتداء ينهي حياة مصل بالبيضاء

تطوير "العين الأمنية للمغرب"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات