بنشماش: العدالة والتنمية يسير الدولة بمنطق الحزب

رئيس "برلمان البام" تحدث عن نتائج المؤتمر والتقارب مع اليسار والحرب الشرسة ضد مشروع الأصالة والمعاصرة في أول خرجة له، بعد انتخابه رئيسا للمجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، تحدث حكيم بنشماش، عن علاقته بالأمين العام الجديد للحزب، مصطفى بكوري، وخطة التقارب مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وإستراتيجية التحالف مع التجمع الوطني للأحرار، والصراع مع العدالة والتنمية ثم الحملة الشرسة التي تعرض لها حزب "البام" طيلة هذه الفترة. وقال بنشماش، في حوار لـ"الصباح" إن اختيار الحزب منذ البداية للمشروع الديمقراطي الحداثي خلق ردود فعل متباينة، مضيفا أن دينامية هذا المشروع "أزعجت كثيرا القوى النكوصية والرجعية في المجتمع". ولاحظ القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة أن حزب العدالة والتنمية لم يخرج بعد من منطق الحزب إلى منطق الحكومة، مشيرا أن الأخير سيكون مطلوبا منه أن يبدع صيغة الانتقال إلى منطق تدبير الشأن العام، "سيما أن الحكومة ترث تركة ثقيلة ويشارك فيها من تحمل مسؤولية هذه التركة"، مشيرا إلى أن العدالة والتنمية يجد نفسه اليوم رهينة "سقف الآمال المرتفع الذي أنتجه الخطاب الذي روجه إبان الحملة الانتخابية، والوعود التي اختلطت فيه الالتزامات بالأوهام". بالمقابل، أثنى بنشماش على موقف الثبات الذي أبان عنه حزب الأحرار "في زمن كثر فيه المهرولون والمتهافتون والمتنكرون للالتزامات التي يقطعونها مع المواطنين في أول منعرج يصادفونه"، وذلك في إشارة إلى باقي أطراف تحالف "الجي 8"، سواء من الذين شاركوا في الحكومة أو بعض أحزاب التحالف المذكور ممن تنكروا للتحالف دون أن ينجحوا في الحصول على مقاعد في الحكومة. وبخصوص قضية إثارة اسمه في محضر اتهام بالفساد الانتخابي، الذي فجرته العصبة المغربية لحقوق الإنسان أخيرا، قال بنشماش إنه يتفهم أن يصدر هذا التقرير في توقيت غير بريء يتزامن مع قرب تقديم تقرير لجنة تقصي الحقائق حول مكتب التصدير والاستيراد، مشيرا أنه ما يزال ينتظر أن يفتح وزير العدل والحريات تحقيقا في الاتهامات المجانية للعصبة. ما هو تقييمكم لمؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة، بالنظر إلى أنه اتخذ صفة استثنائي وجاء في ظروف تبدو استثنائية داخل الحزب؟بالضبط، عندما قرر حزب الأصالة والمعاصرة عقد مؤتمر استثنائي سنة قبل حلول موعد المؤتمر الوطني الثاني العادي، أخذنا بعين الاعتبار أن الظرفية التي تجتازها بلادنا فيها الكثير من مقومات اللحظة الاستثنائية، في ارتباط أولا بالحراك المجتمعي والديناميات السياسية التي عاشتها بلادنا في الشهور القليلة الماضية، وفي سياق تحولات متسارعة تشهدها البيئة الإقليمية والدولية من حولنا بكل ما يطرحه ذلك من أسئلة مُلِحَّة لا يمكن تأجيلها، وفي ارتباط ثانيا بانفتاح آفاق واعدة أمام حزبنا لتصحيح ما ارتكبه من أخطاء وتطوير ما راكمه من انجازات. وكانت رهانات المؤتمر الاستثنائي لحزب الأصالة والمعاصرة، هي تقديم وبلورة أجوبة مرتبطة بأسئلة تقوية الأداة الحزبية وإعادة بنائها في أفق تأهيل الحزب وجعله قادرا على مواكبة ومرافقة الديناميات والأوراش الإصلاحية المطروحة اليوم على جدولة أعمال بلادنا، إضافة إلى ضرورة ملاءمة بعض مقتضيات النظام الأساسي للحزب مع القانون التنظيمي للأحزاب السياسية رقم 29.11، وكان الرهان أيضا على بلورة الأجوبة المناسبة للأسئلة الضاغطة المرتبطة بالتدقيق في هوية الحزب، وأسئلة أخرى ترتبط بتطلعات الجيل الجديد، بالنظر إلى الطفرة الديموغرافية التي تعيشها بلادنا، وما يحمله هذا الجيل من أسئلة مختلفة، وكان من الطبيعي، بالنسبة إلى حزب أخذ على عاتقه أن يساهم في توطيد وإثراء المشروع الديمقراطية الحداثي، أن يبادر إلى عقد مؤتمر استثنائي يبحث فيها كل هذه التحولات ويقدم أجوبة عنها.هل قدم المؤتمر أجوبة على كل النقاشات المطروحة داخل الحزب اليوم؟بدون مبالغة، أعتقد أن المؤتمر الاستثنائي كان ناجحا بكل المقاييس، ليس فقط من خلال الأجوبة التي بلورها حول كل الأسئلة الشائكة التي لها علاقة بالتدقيق في هويته السياسية ومرجعيته الفكرية، بل كان ناجحا أيضا بمقياس التنظيم المحكم ومستوى النقاش المرتفع داخل اللجان والورشات التي ميزت أشغال المؤتمر، وكذا في إدارة الجلسات العامة، ثم كان ناجحا على مستوى تجديد أجهزته الحزبية، سيما تركيبة المجلس الوطني التي تجددت بشكل لافت عكس طموح تجديد النخب الحزبية بهذا الجهاز التقريري، وأشير هنا إلى أن الحزب انخرط في هذه العملية منذ وقت مبكر، وكانت أبرز محطة لتكريس التجديد هي الانتخابات التشريعية الأخيرة، إذ شملت العملية حوالي 80 في المائة من الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب.إذن، يمكن تأكيد أن الحزب اليوم يتوفر على كل المقومات التي تؤهله ليكون حزبا كبيرا وعصريا، وهي مقومات من شأنها أن تمكنه من أن يلعب دوره كاملا والقيام بوظائفه بفعالية إلى جانب قوى التقدم والحداثة في بلادنا.في مسألة الاجتهاد في التوفيق بين الاشتراكية والليبرالية في هوية "البام"، هل يتعلق الأمر بطريق ثالث يرسمه الحزب للمرجعية داخل المشهد السياسي الوطني؟بالضبط، هذا هو الأفق الذي يسير فيه الحزب ، ولكن مع التأكيد على أن الحزب ينخرط في هذا الأفق من دون أن يكبل نفسه بالأحكام الوثوقية والأجوبة الإطلاقية والجاهزة.هل يراهن الحزب على التحاق هيآت سياسية أخرى بهذا التوجه؟الحزب اختار منذ البداية، بشكل واضح، الانتصار للمشروع الديمقراطي الحداثي ووضع في صلب أهدافه ورهاناته الوطنية الإسهام في دعمه وإثرائه من خلال إطلاق ديناميات ومبادرات أزعجت كثيرا القوى النكوصية والرجعية في المجتمع. ولأن بلادنا تعيش في المرحلة الراهنة بوادر ومؤشرات ردة محافظة فقد اختار الحزب، وفاء لمرجعية ومنطلقات التأسيس، التموقع إلى جانب صف قوى التقدم والحداثة، ومن هذا المنطلق أرى أنه من الطبيعي أن تنفتح في الأفق القريب إمكانات إبداع صيغ بلورة عمل مشترك بين كل القوى السياسية الفاعلة في الحقل التقدمي الحداثي، وكذا الحساسيات التي تنتصر لهذا الاختيار المجتمعي. على ذكر الاختيار المجتمعي، ظهر خلال أشغال المؤتمر أن هناك إنزالا قويا لانتماءات سياسية متعددة داخل الأصالة والمعاصرة. هل توجد اليوم تقاطبات داخل الأصالة والمعاصرة؟منذ انطلاق دينامية التحضير للمؤتمر الاستثنائي للحزب تتبعت، شخصيا، أشغال اللجنة التحضيرية عن قرب. وأظن، أن المعطيات المتوفرة بين يدي تجعلني أجزم أنه لم يكن هناك إنزال بهذا المعنى الذي اعتدناه في ممارسات المؤسسة الحزبية في بلادنا.اللجنة التحضيرية حددت مساطر وضوابط ومعايير واضحة، وكان هناك قرارللمجلس الوطني في آخر دورة عقدها عشية انعقاد المؤتمر أن يدشن الحزب في مؤتمره الاستثنائي انتقالا حاسما من المرحلة التي احتكم فيها الحزب إلى منطق التوافق، سواء في نشأته أو في مساره خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى مرحلة جديدة يحتكم فيها إلى منطق إعمال قواعد الديمقراطية، وأعتقد أن الحزب نجح إلى حد بعيد في أشغال مؤتمره في تدشين هذا الانتقال، وحتى إذا كان من الجائز افتراض وجود ما تشير إليه في سؤالك في مستوى من مستويات مؤتمر كبير كالذي عقده الحزب في بوزنيقة، على اعتبار أن التمرين على الديمقراطية يستلزم بيداغوجيا وثقافة ديمقراطية، فما أظن أنه كان هناك إنزال بالمعنى الذي تشير إليه.مباشرة بعد انتهاء أشغال المؤتمر وجه جلالة الملك رسالة تهنئة إلى أمين عام الحزب، لكنه خصكم بالاسم بتهنئتكم على انتخابكم رئيسا للمجلس الوطني، وهي سابقة من نوعها؟ شخصيا لست مولعا بالقراءات التي تصدر عن النظريات غير البريئة. بالمقابل، أسجل اعتزازي القوي وأعبر عن شكري وتقديري العميقين لجلالة الملك، وأجد أن مضمون برقية التهنئة تشعرني، شخصيا، وكذا باقي مناضلي الحزب بمسؤولية كبيرة وبضرورة مضاعفة العمل لتقوية هذه الأداة الحزبية لتلعب دورها كاملا إلى جانب الهيآت السياسية الأخرى الجادة. بشأن علاقات البام بالحقل السياسي، ماذا يقدم حزب الأصالة والمعاصرة كمشروع سياسي لاستثمار الدينامية السياسية الحالية، هل تفكرون في مبادرات سياسية من قبيل تعديل الدستور أو غيرها؟ولماذا تعتقد أن الحزب سيفكر في المطالبة بتعديل دستوري، هذا أمر غير وارد بتاتا في جدول أعمال الحزب. قناعتنا أن الدستور الذي صادق عليه الشعب المغربي بأغلبية ساحقة، هو دستور متقدم جدا. والمطلوب اليوم هو تفعيله وتنزيله وتأويله بشكل ديمقراطي. المهام المطروحة اليوم على الأصالة والمعاصرة هي الإسهام الجاد والبناء لضمان تفعيل مضامين الدستور الجديد لاستكمال بناء الصرح المؤسساتي وتوطيد دولة الحق والقانون، وتقوية الأداة الحزبية على الواجهة البرلمانية من موقع المعارضة، لتتكامل المؤسسات كل في الإطار الذي يحدده الدستور، وهي معركة الفكر والثقافة والقيم لاستنهاض همم الديمقراطيين والحداثيين لمجابهة التداعيات والتحديات الناشئة عن هذا الخريف الذي يزحف في عدد من بلدان شمال إفريقيا بعد ربيع الشعوب. المعركة اليوم هي الإسهام في جهود مكافحة الفساد والإسهام في جهود الإعلاء من قيمة العمل والواجب، هي الإسهام في مجهود إنتاج الثروة وتوزيعها التوزيع العادل لضمان الكرامة ورفع الحكرة عن المواطنين...هذه هي أوراش عمل الحزب وليست المطالبة بتعديل دستور لم يجف الحبر الذي كتب به بعد. على ذكر المعارضة، كيف تقيمون أداء الحكومة اليوم؟من الصعب جدا، القيام بتقييم موضوعي لأداء الحكومة، لأننا لا نرى أداء بالمعنى الدقيق للكلمة. ولكن المؤشرات الأولية التي تراكمت خلال الأسابيع الماضية، بعد تنصيب الحكومة، تفيد أن الأخيرة لم تشرع بعد في مباشرة عملها. سجلنا عددا من المؤاخذات بمناسبة مناقشة البرنامج الحكومي، ورصدنا خلالها مظاهر الارتباك الحكومي. الاتحاد والأحرار.. والمهرولون شئنا أم أبينا، التقارب بين "البام" والاتحاد الاشتراكي سيحدث بقوة الأشياء. موضوعيا لا بد أن يكون هناك التقاء، ليس فقط لأنه توجد الكثير من القواسم المشتركة بين الحزبين، ولكن أيضا لأن الموقع الذي يوجد فيه الحزبان، سيؤدي بالضرورة إلى التقاطع في المواقف والتوجهات المرتبطة بعلاقة المعارضة بالحكومة.أشير هنا، إلى أن النتائج التي حققها المؤتمر الاستثنائي تجعل مهمة الالتقاء أيسر مما كانت. أولى التهاني التي تلقيناها كانت من قيادات الاتحاد الاشتراكي، الآن التوجهات التي تمخضت عن المؤتمر، في الأبعاد السياسية والإستراتيجية وتلك المرتبطة بالاختيارات الكبرى للحزب، تجعل حزب الأصالة والمعاصرة أقرب إلى الاتحاد الاشتراكي من أي وقت مضى، مع التأكيد على أنه لا يجب أن يفهم من هذا الكلام اننا نتنكر لحلفائنا خصوصا التجمع الوطني للأحرار، نحن أوفياء لصديقنا وحليفنا الكبير: التجمع الوطني للأحرار وأحييهم بالمناسبة على الثبات على المبدأ في زمن كثر فيه المهرولون والمتهافتون والمتنكرون للالتزامات التي يقطعونها مع المواطنين في أول منعرج يصادفونه. حقيقة الضجة حول انتخابي الحزب أخذ موقفا واضحا ضد الحملة التي تعرض لها، وبنشماش راسل وزير العدل والحريات لفتح تحقيق في الموضوع، بالمقابل ظهرت مؤشرات تصفية حسابات بين الاستقلال و"البام" تحت غطاء هذه القضية. توقيت هذه الضجة ليس بريئا بالتأكيد، لأن وقائع المحضر الذي استندت عليه العصبة المغربية لحقوق الإنسان تعود إلى دجنبر سنة 2010. ثم أن تقوم العصبة بإحياء هذا الملف أياما قليلة قبل انعقاد المؤتمر، وأسابيع قبل الشروع في مناقشة تقرير لجنة تقصي الحقائق حول مكتب التصدير والتسويق، يجعل شكوكا تحوم حول مدى وفاء العصبة المغربية لحقوق الإنسان، للمنطق الحقوقي النبيل، وهذا ما جعلني أدعو العصبة إلى الاشتغال بهذا المنطق والابتعاد عن منطق العصابة المهووسة بتصفية الحسابات السياسية بالأساليب الرخيصة.شخصيا مازلت أنتظر، ومعي حزب الأصالة والمعاصرة، من السيد وزير العدل والحريات أن يحرك مسطرة البحث القضائي، لأنه مضى زمن توجيه الاتهامات المجانية، خاصة وأن المستشار الجماعي المعني خرج عن صمته مؤكدا أنه لم يسبق له أن وجه اتهامات وأن ما صرح به أثناء دورة يوليوز 2010 هو مجرد تساؤلات حول بعض الإشاعات التي تمس كرامة منتخبي بلدية تمارة. في هذا الصدد، على العصبة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في الموضوع، ومطلوب من الحكومة، في شخص وزير العدل والحريات أن تتحمل المسؤولية كذلك. واذا كانت العصبة ومن يحركها تعتقد أنها بإثارتها لهذا الموضوع يمكن أن تنال من عزيمتي ومن عزيمة مناضلي ومناضلات الحزب فهي واهمة. تفعيل "برلمان الحزب" إذا عدنا إلى مقتضيات القانون الأساسي للحزب، سنجد أن المجلس الوطني هو إحدى أهم المؤسسات التي يتوفر عليها الحزب باعتباره ثاني أعلى هيأة تقريرية بعد المؤتمر، بالنظر إلى تركيبته، التي يحضر فيها البعد الجهوي بشكل لافت وقوي، وبالنظر، أيضا، إلى أهمية الاختصاصات التي خولها إياه القانون الأساسي ومنها تحديد توجهات الحزب والتحالفات التي يقدم عليها، وكذا رسم استراتيجية وسياسة الحزب في الانتخابات، وأنا من هذا الموقع على أتم الاستعداد لتفعيل هذه المؤسسة لتضطلع بكامل أدوارها ووظائفها.أعتقد أنه في المرحلة السابقة، ربما بسبب ازدحام وضغط أجندته الوطنية وبسبب شراسة وقسوة الهجمات التي استهدفت الحزب، لم نتمكن من تفعيل آليات المجلس الوطني بالشكل المطلوب، رغم الجهود التي بذلها رئيس المجلس الوطني السابق، الأخ حسن بنعدي، ولكن الشروط اليوم نضجت بما فيه الكفاية ومعنويات مناضلينا ومناضلاتنا صارت أصلب وأقوى مما كان لنجعل من حزب الأصالة والمعاصرة حزبا حقيقيا يشتغل بمنطق المؤسسات ويهتدي بفلسفة مقولة تحرير الطاقات. وقريبا وبعد أن ينتهي المجلس الوطني من انتخاب المكتب السياسي للحزب سنكشف عن استراتيجية عملنا داخل هذه المؤسسة بدءا بالشروع في انتخاب اللجان الوظيفية والفنية للمجلس ووضع خطط وبرامج عملها وفقا للأولويات التي سيحددها لنفسه وبالطريقة التي ستسمح لنا بالمواكبة الجادة للمكتب السياسي في إطار من التكامل والتفاعل الايجابيين معه. وبطبيعة الحال فإن التطلعات والتوجهات التي رسمها المؤتمر في ارتباط بالاستحقاقات الانتخابية المرتقبة وبإعادة هيكلة الحزب جهويا وإقليميا ومحليا وبحل الإشكالات المرتبطة بالتواصل والتأطير وبتقوية أداء الحزب في واجهة العمل البرلماني وبإطلاق ديناميات تأسيس التنظيمات الموازية وإنضاج المزيد من الشروط التي ستمكن الحزب من أن يلعب دوره كاملا في الساحة السياسية الوطنية، كلها أولويات في المرحلة المقبلة. بكوري وكلفة الانتماء إلى "البام" الجميع يعرف أن مصطفى بكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، كان أحد مؤسسي حركة لكل الديمقراطيين، ولا يجب أن ننسى أن الحزب في حد ذاته هو نتاج عرض سياسي قدمته هذه الحركة، ومن هذه الزاوية فإن الأمين العام للحزب ليس غريبا عن هذه الدينامية. ربما لم يكن للأخ بكوري ارتباط مباشر ويومي بالتنظيم، لكنه كان دائما على ارتباط بالمشروع السياسي من زاوية أنه ساهم، بمعية مؤسسي حركة لكل الديمقراطيين، في إطلاق دينامية تأسيس الحركة لكل الديمقراطيين، وبعدها في إطلاق العرض السياسي الذي أفضى إلى تأسيس الحزب.ثم لا يجب أن ننسى، أن الأخ بكوري دفع ثمنا مهنيا غاليا جراء إفصاحه عن الارتباط بحزب الأصالة والمعاصرة، يوم حضر إلى مقر الحزب في حفل الإعلان عن نتائج الانتخابات الجماعية 2009. إذن الأخ بكوري ليس غريبا عن الحزب ولا عن هذه الحركية في شموليتها، بل على العكس كان على الدوام أحد المناضلين والفاعلين فيها وأحد أكثر أوفيائها حتى في زمن اشتداد الهجمات والضربات التي كان يوجهها لنا الحزب السري المعلوم. سؤال الهوية ... الطريق الثالث الأكيد أن الحزب قدم، خلال أشغال المؤتمر، جوابا واضحا حول سؤال الهوية. هوية حزب الأصالة والمعاصرة اليوم هي الديمقراطية الاجتماعية المنفتحة. وأظن أن المؤتمرين، وبعد نقاش مستفيض وحاد استبق المؤتمر، وكان حاضرا أيضا إبان المؤتمر، بلوروا جوابا ذكيا بشأن مسألة الهوية وباقي الأسئلة الشائكة المرتبطة بها، ويتعلق الأمر بالتفكير في إبداع صيغة ذكية لاستيعاب الإخفاقات التي سجلها النموذج الاشتراكي والنكسات التي عرفها النموذج الليبرالي، فكان اختيار الأصالة والمعاصرة للمرجعية الديمقراطية الاجتماعية المنفتحة، يوفق بشكل دياليكتيكي بين النموذج الليبرالي في بعده السياسي الذي يحيل على التعددية، وبين النموذج الاشتراكي الذي يدافع عن القيم الاجتماعية. في اعتقادي الشخصي، الوثائق التي صادق عليها المؤتمر، جديرة بأن نلتفت إليها وأن نعود لاستثمار ما تقدمه من مسالك لتعميق وتطوير الاجتهادات بشأن أسئلتها وإشكالاتها الصعبة. على بنكيران أن يعتذر الارتباك المسجل على أداء الحكومة الحالية في عدد من المستويات، مرده إلى ما يمكن أن أسميه بدهشة البداية، وسيكون مطلوبا الآن من الحكومة والحزب الذي يقود تجربة تدبير الشأن العام، أن يبدع صيغة الانتقال من منطق الحزب إلى منطق الحكومة، وهذا تمرين ليس من السهل القيام به، سيما أن الحكومة ترث تركة ثقيلة ويشارك فيها من تحمل مسؤولية هذه التركة. لكن المؤكد أننا في موقع المعارضة البناءة سنكون حاضرين بقوة لتنبيه الحكومة وإثارة ما يتوجب القيام به لتنجح في مهمتها، وهي مهمة دقيقة وحاسمة بالنظر إلى حجم الطموحات وسقف الآمال المرتفع الذي أنتجه الخطاب الذي روجه العدالة والتنمية إبان الحملة الانتخابية، وبالوعود التي وزعها بسخاء كبير وبشكل اختلطت فيه الالتزامات بالأوهام. أعتقد ان هذا السخاء في توزيع الوعود والأوهام هو الذي سيعمق الفجوة بين الخطاب والأداء في تجربة العدالة والتنمية. ولو كنت في موقع السيد بنكيران لسارعت الى تقديم النقد الذاتي وإلى طلب الاعتذار من الناخبين ولقلت لهم الحقيقة بدون لف أو دوران أو تزويق أو تنميق، عما يمكن تحقيقه ولا يمكن تحقيقه من تلك الوعود والالتزامات. أجرى الحوار: إحسان الحافظي

بنشماش: العدالة والتنمية يسير الدولة بمنطق الحزب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المغرب الحديث بعيون مؤرخ المملكة

مستشار لرئيس بوليساريو يثير فتنة بالعيون

مقالات ذات صلة