أبرزها «كراطة» الزاكي وثورة المرابط ودعم الجمهور واستغلال أزمات المنافسين قادت خمسة مفاتيح اتحاد طنجة إلى التتويج بلقب البطولة الوطنية لأول مرة في تاريخه، بعد فوزه على المغرب التطواني بهدفين لواحد، أول أمس (السبت)، لحساب الدورة قبل الأخيرة. واستفاد اتحاد طنجة من التغييرات الكبيرة التي أحدثها المدرب السابق بادو الزاكي في الفريق، والذي استغنى عن عدد كبير من اللاعبين، وجلب آخرين شكلوا نواة المجموعة التي توجت باللقب. واستغل اتحاد طنجة مشاكل باقي الأندية، خصوصا الوداد والرجاء والدفاع الجديدي والفتح، ليتوج بلقب طال انتظاره، رغم أنه لم يكن ضمن مشاريعه بداية الموسم. "كراطة" الزاكي أحدث بادو الزاكي تغييرات كبيرة في التركيبة البشرية لاتحاد طنجة، باستغنائه عن عدد من اللاعبين الذين شكلوا نواة المجموعة التي ورثها عن سلفه عبد الحق بنشيخة. وغادر الفريق في عهد بادو الزاكي في يوليوز الماضي، عصام بادة ومحمد أمسيف وأنيس سيبوفيتش وزكرياء الملحاوي وجمال أيت المعلم ويوسف سكور وهيرفي بيولا وسفيان الحسناوي وإسماعيل داود ويحيى بومدين وبكر الهيلالي وسفيان كادوم، إضافة إلى عبد اللاي ديارا، وهو القرار الذي أثار جدلا كبيرا، بفعل تألق اللاعب مع سريع وادي زم، وتهافت الفرق عليه. وفي المقابل، تعاقد اتحاد طنجة مع ياسين العمريوي ومام صاهير تيون لكنه سرعان ما استغنى عنهما، ومع ديدي بيبي وحاتم الوهابي وأنس أقشمار ومحمد العمراوي وعمر العرجون ونعمان أعراب وخالد الصروخ ورضوان المرابط والمهدي النغمي. وتعتبر صفقات الصروخ والمرابط وبيبي وأعراب من أنجح الصفقات، إذ خاض هؤلاء اللاعبون جل المباريات، وقدموا إضافة كبيرة، رغم أن كثيرين لم يكونوا يتوقعون ذلك، بما فيها إدارة النادي، التي أخضعتهم لمرحلة تجريبية قبل التعاقد معهم، خصوصا الصروخ، القادم من شباب المسيرة، والذي استغرقت فترة تجريبه شهرا قبل التوقيع له. ونجح إدريس المرابط في توظيف هؤلاء اللاعبين، فخلق مجموعة متجانسة، رفقة عناصر أخرى جدد الثقة فيها، وفي مقدمتها العميد أسامة غريب وأيوب الجرفي وأحمد حمودان وأوساينو تيون. وتعافى أيوب الخالقي في الوقت المناسب، ونجح في تعويض ديديي بيبي، الذي تعرض لإصابة بالغة في مباراة أولمبيك آسفي. ورغم هذه التغييرات، عجز بادو الزاكي عن تحقيق نتائج جيدة، بل إن الفريق جمع في عهده ثماني نقاط في ثماني مباريات، ما عجل بإقالته مباشرة بعد الهزيمة أمام أولمبيك آسفي بهدف لصفر في الدورة الثامنة، مساء الجمعة 17 نونبر الماضي. "ريمونتادا" المرابط التاريخية لم يكن كثيرون يتوقعون أن ينجح إدريس المرابط، مساعد بادو الزاكي، وشريكه في الغرفة نفسها في إقامة المنتخب الوطني بالسنغال في كأس إفريقيا 1992، ما عجز عنه الناخب الوطني السابق، وأن يقود الفريق إلى إنجاز تاريخي. وتسلم المرابط تدريب اتحاد طنجة، الذي لعب له سنوات، رسميا في 20 نونبر الماضي، وهو يحتل الرتبة 12 بثماني نقاط، ووقعت معه إدارة النادي عقدا يحدد مهامه في إنقاذ الفريق من النزول إلى القسم الثاني، واحتلال رتبة متقدمة. وشكل تعيين المرابط مفاجأة لكثيرين، سيما أن الفريق عود جمهوره على التعاقد مع أسماء معروفة، من قبل عبد الحق بنشيخة وبادو الزاكي، لكن المدرب الشاب أكد مع توالي المباريات أنه لا يقل كفاءة عن سابقيه، بل سيحقق ما عجز عنه جميع المجربين الذين تعاقبوا على تدريب الفريق منذ تأسيسه. وحقق المرابط أرقاما مذهلة منذ تسلم تدريب الفريق، إذ حقق 13 فوزا، ضمنها 12 فوزا متتاليا، ولم ينهزم سوى في ثلاث مباريات من أصل 21. ولم يقم المرابط بتغييرات كبيرة على المجموعة التي ورثها عن بادو الزاكي، والتي غادرها في ما بعد إسماعيل بلمعلم بسبب الإصابة وخلافات مع الإدارة، فيما استغنى عن المهدي بلطام وياسين العمريوي المنتقلين إلى أولمبيك خريبكة. وأعاد المرابط الحارس الاحتياطي هشام المجهد، الذي جلبه الزاكي، ثم استغنى عنه. "مصائب قوم" ينطبق المثل القائل "مصائب قوم عند قوم فوائد"، على اتحاد طنجة بنسبة كبيرة، إذ استغل الفريق المشاكل التي عانتها الفرق الكلاسيكية المعروفة بمنافستها على اللقب. وعانى الوداد، بطل الموسم الماضي، كثيرا هذا الموسم، بسبب التزامه باللعب على عدة واجهات، واستدعاء عدد كبير من لاعبيه إلى المنتخبات الوطنية، خاصة المنتخب المحلي، ما عرضه للإرهاق، وفرض عليه لعب عدة مباريات بلاعبي الاحتياط، الأمر الذي دفع ثمنه المدرب الحسين عموتة، إذ أقيل من منصبه، ليعوضه التونسي فوزي البنزرتي. ولا تخفى على أحد، مشاكل الرجاء، أحد الأندية التي اعتادت المنافسة على اللقب، جراء تذمر لاعبيه من الإدارة، وضعف التركيبة البشرية، بسبب صعوبة القيام بانتدابات نتيجة الأزمة المالية، والقيود المفروضة على النادي في هذا الصدد، واضطراره إلى تسريح جواد اليميق، وعجزه عن الاحتفاظ بعصام الراقي. وعجز الفريق الأخضر عن المقاومة في الدورات الأخيرة، إذ اتضح جليا النقص الذي يعانيه في أغلب المراكز، خصوصا بعد مغادرة اليميق والراقي. وغير الفتح الرياضي إستراتيجيته هذا الموسم، إذ فضل تجديد نفسه بمنح الفرصة للاعبين الشباب (أنس باش وربيع هريمات ومروان الوادني وأمين اللواني ومحمد سعود ونايف أكرد) على حساب المنافسة على اللقب. وخانت السرعة النهائية حسنية أكادير، الذي تألق في مرحلة الذهاب، أما الفريق الذي يجب عليه أن يتحسر على ضياع لقب هذا الموسم، فهو الدفاع الجديدي، الذي لم يعرف كيف يستفيد من المؤهلات البشرية التي تتوفر عليها مجموعته (حميد أحداد وطارق أستاتي وسايمون مسوفا ومروان الهدهودي وفابريس نغاه ويوسف أكردوم). إنجاز: عبد الإله المتقي - تصوير: (عبد المجيد بزيوات) غريب... أدوار حساسة يملك العميد أسامة غريب نصيبا كبيرا في الإنجاز الذي حققه فريقه اتحاد طنجة بتتويجه بلقب البطولة لأول مرة في تاريخه هذا الموسم. وإضافة إلى أدائه المستقر والمنتظم في 28 مباراة من أصل 29 حتى الآن هذا الموسم، وتسجيله هدفين في مباراتين حاسمتين ومساهمته في تسجيل أهداف أخرى في عدد من المباريات، فإنه يحسب لأسامة غريب دوره الكبير في استقرار المجموعة وهدوئها. ويقوم أسامة غريب بأدوار حساسة داخل المجموعة، بالتنسيق بين اللاعبين والإدارة والطاقم التقني، وتأطير اللاعبين الشباب، مستفيدا من التجربة الكبيرة التي راكمها، والمكانة التي يحظى بها في المدينة وداخل المجموعة، والاحترام الذي يكنه له المكتب المسير. ورغم اللحظات الصعبة التي مر منها اتحاد طنجة هذا الموسم، إلا أن تصريحات غريب كانت هادئة ورزينة، وساهمت في الاستقرار الذي عاشه الفريق، ووفاء جمهوره له. وعرف غريب كيف يتجاوز خلافاته القديمة مع بادو الزاكي لما كانا في الوداد الرياضي، إذ حظي بثقته، ولعب كل المباريات في عهده، قبل أن يواصل على المنوال نفسه، بعد تعيين إدريس المرابط، وشكل عنصرا هاما في المجموعة التي أحرزت اللقب. "إلترا هيركوليس" اللاعب رقم 1 مثلما ساهم فصيل "إلترا هيركوليس" في صعود الفريق إلى القسم الأول قبل ثلاثة مواسم، بحضوره الكبير ودعمه للفريق ماديا ومعنويا، عاد الفصيل نفسه ليصنع الحدث، بعدما قاد الفريق إلى التتويج بلقب البطولة لأول مرة في تاريخه. ورغم الحظر، الذي فرض على "الإلترات" منذ منتصف الموسم الماضي، فإن الفصيل حافظ على توهجه ونشاطه، وزاد حضوره أكثر في الدورات الحاسمة. ورغم المراحل الصعبة التي مر منها الفريق في بعض الدورات، إلا أن فصيل المشجعين ظل وفيا له إلى أن تحقق الحلم.