وزان… مـخـطـط تـنـمـوي فـي خـبـر كـان

أوراش موقوفة ومشاريع مجمدة بسبب خلافات بين المجلس والعمالة تبددت الآمال التي أحيتها الزيارتان الملكيتان في نفوس سكان مدينة وزان، إذ نتج عنهما اعتماد مخطط تنموي للمدينة بعد التهميش والإقصاء الذي طالها لعقود. وكان الرأي العام المحلي ينتظر الشيء الكثير من الزيارتين، سيما أن جلالة الملك ترأس التوقيع على المخطط التنموي، الذي يهم الفترة الممتدة ما بين 2007 و2010، بين السلطات المحلية ومختلف الإدارات المركزية المعنية بالمخطط. ويتعلق الأمر بالمجلس الإقليمي لسيدي قاسم والمجلس الجهوي لجهة الغرب الشراردة بني حسن، ووزارة الإسكان، من خلال مؤسسة العمران، ومديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية. وخصص له مبلغ يناهز 190 مليون درهم، ويهم أربعة محاور رئيسية تتمثل في تأهيل المجالات الحضرية (104.5 ملايين درهم)، وتهيئة وإنقاذ المدينة العتيقة (29 مليون درهم)، وبرنامج مدن بدون صفيح (16.5مليون درهم)، وتأهيل الأحياء المتقادمة (40 مليون درهم). وترأس جلالة الملك مراسيم التوقيع على الاتفاقية الخاصة بتأهيل مدينة وزان، التي وقعها توفيق حجيرة، الوزير المنتدب المكلف بالإسكان والتعمير آنذاك، ونور الدين بوطيب، الوالي المدير العام للجماعات المحلية سابقا، وعبد اللطيف بنشريفة، والي جهة الغرب الشراردة بني حسن، ومحمد كردوح، عامل إقليم سيدي قاسم، والمكي زيزي، رئيس مجلس الجهة، وكريم منصوري، المدير العام لصندوق التجهيز الجماعي، وعبد السلام خباز رئيس المجلس الإقليمي لسيدي قاسم، ومحمد الهلاوي رئيس المجلس البلدي لوزان سابقا. والتزمت الأطراف الموقعة بتنفيذ وتفعيل مضامين هذا المخطط، خلال الفترة المحددة للبرنامج. ورأى سكان المدينة في الزيارة الثانية لجلالة الملك تأكيدا من أعلى سلطة بالبلاد على الاهتمام بهذه المنطقة وبسكانها. وكان منتظرا أن ينتهي العمل بالمخطط مع نهاية سنة 2010.وبالفعل، دشنت المشاريع التي كانت محددة في المخطط في التاريخ المحدد، لكن شهدت المدينة حدثين سيكون لهما انعكاس على سير الأشغال بالأوراش التي انطلق العمل بها. ويتعلق الأمر بإجراء الانتخابات الجماعية، خلال 2009، أسفرت عن تشكيل مجلس جديد، الذي انتخب رئيسا خلفا للرئيس الذي وقع على المخطط التنموي، كما رقيت المدينة، خلال السنة ذاتها إلى عمالة، بعد أن كانت تابعة لعمالة سيدي قاسم ولجهة الغرب الشراردة، وأصبح الإقليم السابع في جهة طنجة تطوان. هذا التحول على المستوى المؤسساتي ستكون له تبعاته على تنفيذ المخطط التنموي، إذ أن المجلس الجديد رفض مواصلة الأشغال بالأوراش المحددة في المخطط. وهكذا وجد الرأي العام المحلي نفسه أمام وضع تتشابك فيه الخيوط وتتضارب فيه المعطيات، خاصة بعد حلول لجنة من وزارة الداخلية للتحقيق في هذا الملف وتحديد المسؤوليات في تأخر وتعثر بعض المشاريع التي قدمت لصاحب الجلالة ووقع عليها مسؤولون مركزيون وجهويون ومحليون.وفي هذا الإطار، أوضح محمد الهلاوي، الرئيس السابق للمجلس الذي وقع على المخطط والبرلماني الممثل للمدينة، الذي يخوض حاليا غمار المنافسة للحفاظ على مقعده، أنه خلال ولايته كانت الأشغال متواصلة رغم بعض التعثرات، وذلك إلى غاية الانتخابات الجماعية الأخيرة، إذ بعد تشكيل مكتب المجلس الحالي برزت مجموعة من المشاكل أدت إلى توقف الأشغال في المشاريع التي كانت موكولة إلى المجلس البلدي، واعتبر أن الرئيس الحالي هو المسؤول عن توقف هذه الأشغال، مادامت هناك مكاتب دراسات تسهر على هذه الأوراش وأن الدراسات المتعلقة بها موجودة والصفقات سبق أن عهد بها إلى مقاولين. من جهته، أكد الرئيس الحالي للمجلس، في أكثر من مناسبة، أن تنفيذ المشاريع شابتها بعض التجاوزات، ما جعله يمتنع عن التأشير على الموارد المالية من أجل مواصلة الأشغال، وامتنع عن تنفيذ العقد الذي كان يربط المجلس بإحدى المقاولات التي تكلفت بتهيئة الساحات العمومية (ساحة الاستقلال وساحة 3 مارس) وتهيئة أربع حدائق عمومية (حديقة للا أمينة وحديقة الأطفال بالقرب من مقر اتصالات المغرب وحديقة تجزئة إكرام وحديقة تجزئة الدولة)، وذلك بدعوى أن المقاولة لم تحترم التزاماتها، وظلت هذه الأوراش متوقفة إلى الآن، وذلك بسبب التراشق بالمسؤوليات بين مختلف المتدخلين. لجنة من وزارة الداخليةأمام العرقلة وتوقيف الأشغال بالمدينة، أوفدت وزارة الداخلية، خلال السنة الماضية، لجنة من المفتشية العامة للإدارة الترابية من أجل تحديد الأسباب التي تقف وراء تعطيل الأشغال بأوراش المخطط، والوقوف على طبيعة التدبير داخل هذه الدائرة الترابية. وتمكنت اللجنة من الاتصال بكل الأطراف المعنية بالشأن المحلي بالمدينة والمسؤولة عن تنفيذ المخطط، لكن إلى حد الآن لم يكشف عن الأسباب التي تقف وراء تعطيل المشاريع. وأكدت مصادر أن تقرير اللجنة رصد بعض التجاوزات على مستوى قوانين التعمير وعددا من المخالفات، لكن الأمور ما تزال على حالها، رغم التدخلات التي باشرتها سلطات الوصاية، من خلال العمالة من أجل إيجاد حلول لاستئناف عملية تأهيل المدينة. وأدت عملية شد الحبل بين رئيس المجلس وعامل الإقليم إلى خلق جو من التوتر وعدم الثقة بين سلطة الوصاية والسلطة المنتخبة، إذ كل جهة تتهم الأخرى بتعطيل الأشغال بالمدينة، ففي الوقت الذي شكل فيه المجلس البلدي لجنة لتقصي الحقائق في ما قال إنها تجاوزات قام بها عامل الإقليم في ما يتعلق بقوانين التعمير، من خلال الترخيص لمشاريع سكنية لا تستجيب للقوانين المعمول بها في هذا المجال، نفت مصادر من العمالة منحها أي ترخيص يتنافى مع قوانين التعمير، مؤكدة أن الرئيس الحالي هو الذي خرق القوانين بترخيصه لبناء تجزئة سكنية أطلق عليها اسم "تجزئة الزيتونة" الموجودة بحي "القشريين" بطريق أسجن غرب المدينة. وأكدت المصادر ذاتها أن الوعاء العقاري المخصص لهذه التجزئة يوجد بمنطقة يمنع فيها البناء بمقتضى تصميم التهيئة، علما أن هناك قنوات الصرف الصحي، التي تصرف المياه العادمة الآتية من حي القشريين، ما يعتبر خرقا لقوانين التعمير. وأشارت مصادر مطلعة، في هذا الصدد، إلى أن لجنة وزارة الداخلية وقفت على عدد من التجاوزات من ضمنها ترخيص المجلس الحالي لبناء هذه التجزئة بشكل أحادي، في حين أن قوانين التعمير والميثاق الجماعي، يشيران إلى أن مثل هذه التراخيص تختص بها لجنة إقليمية تتشكل من العمالة والمجلس والوكالة الحضرية والمؤسسة المكلفة بشبكة الماء والكهرباء، وممثلي وزارة الصحة والسكنى والتعمير والوقاية المدنية واتصالات المغرب. وأكدت مصادر من العمالة أن الأخيرة لم تحضر أي اجتماع بهذا الصدد ولم توافق على أي ترخيص ببناء هذه التجزئة، وأن القرار اتخذ بشكل انفرادي من طرف رئيس المجلس البلدي. ولم نتمكن من معرفة رد المسؤول الأول بالمجلس حول هذه النقطة، وذلك رغم المحاولات العديدة للاتصال به. ويتساءل سكان المدينة أنه إذا كان المجلس، بالفعل، رخص لبناء تجزئة فوق بقعة أرضية يمنع البناء عليها، لماذا تواجه سلطات الوصاية هذه الخروقات بالتجاهل التام؟ ولماذا لم يكشف عن مضمون تقرير لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية؟ علما أن المتضرر الأول من هذه التجاوزات يظل المواطنين الذين سيسكنون بهذه التجزئة، التي تمثل، في هذه الحالة خطرا عليهم. كما يستغرب الرأي العام المحلي عن استمرار تعليق الأشغال بالأوراش التي تضمنها المخطط الموقع عليه تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة.سوق أسبوعي مع وقف التنفيذمن بين المشاريع التي ما تزال معلقة، مشروع بناء السوق الأسبوعي الجديد، الذي ينطبق عليه المثل القائل وضع العربة أمام الحصان، إذ بعد ما حددت البقعة التي سينجز عليها السوق الأسبوعي، خارج المدينة، وذلك من أجل تفادي حالة الاكتظاظ، التي تعرفها المدينة كل يوم انعقاد السوق، الذي يصادف يوم خميس من كل أسبوع، وبعدما انتهت الأشغال بهذا السوق، وقع خلاف حول الطريق المؤدية إلى السوق، إذ قرر الرئيس الحالي تحويل مسار الطريق التي كانت محددة سابقا، بعدما أجريت دراسات بشأنها. وسبق للمهندس البلدي، الذي أوقفه الرئيس الحالي، إلى أن من الأسباب الحقيقية لتوقيفه عدم مجاراة الرئيس في رغبته تحويل الطريق، موضحا أن دراسة بناء الطريق المؤدية إلى السوق الجديد كانت متوفرة وتم نشر الإعلان عن الصفقة خلال المجلس البلدي السابق، غير أن الرئيس الحالي رفض، حسب المصدر ذاته، فتح الأظرفة تحت مبرر تغيير الموقع الحالي لهذا الطريق، وذلك ليمر بمحاذاة عقار يملكه، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذا التغيير يتطلب القيام بدراسة جديدة وما يترتب عنها من مصاريف إضافية. وبعد أن تعذر إنجاز الطريق المؤدي إلى السوق لم يعد من الممكن استغلاله، وكان المجلس يعول على أن تفتح الطريق، ما جعله يمتنع عن إجراء سمسرة لتدبير السوق، كما جرت العادة كل سنة، في انتظار انطلاق استغلال السوق الجديد، وبعدما تبين أن مشكل الطريق لن يجد طريقه إلى الحل، اضطر المجلس إلى تكليف موظفين تابعين له لتدبير السوق وتحصيل المداخيل، علما أن المقابل المالي السنوي الذي كان المجلس يحصلها من كراء السوق يناهز 140 مليون سنتيم. ويرى عدد من المتتبعين أن إشراف المجلس على السوق يمكن أن يؤثر سلبا على المداخيل، بالنظر إلى أن الأشخاص الذين يشرفون على هذه العملية، حاليا، ليست لهم دراية في هذا المجال، كما أن للمجلس مهام أخرى يصعب معها المراقبة الدائمة للسوق، ويتوقع متتبعون أن لا تتعدى المداخيل 100 مليون سنتيم. وهكذا وبعد أن أنجز السوق، ظل غير مستغل لعدم تهيئة الطريق المؤدية إليه. ويتساءل الرأي العام المحلي كيف يتم بناء السوق قبل توفير البنيات التحتية المطلوبة لاستغلال هذا المرفق. التيار لا يمر بين الجماعة والعمالةتوترت العلاقة بين العمالة، بصفتها سلطة الوصاية، والمجلس الجماعي، الذي يمثل السلطة المنتخبة المكلفة بتدبير الشأن المحلي، ولم يعد التيار يمر عبر هاتين السلطتين. وأدى هذا التشنج إلى تعطيل العديد من المشاريع، إذ يعد السكان المتضررين الأوائل من هذه العلاقة المتوترة. فهناك ميزانية بغلاف مالي يصل إلى 4 ملايين درهم مرصودة إلى تهيئة قنوات الصرف الصحي، وأكدت مصادر من العمالة أن الميزانية موجودة، لكن رئيس المجلس البلدي يرفض التوقيع على الوثائق المتعلقة بالمشروع من أجل مباشرة الأشغال. ويظل هذا المشروع معلقا مع امتناع الرئيس التوقيع. هناك عدد من المشاريع، التي تدخل في إطار التنمية البشرية، تظل بدورها معلقة بسبب عرقلة المجلس، كما أكدت على ذلك مصادر من العمالة، علما أننا لم نتمكن من معرفة وجهة نظر رئيس المجلس، رغم محاولاتنا المتكررة للاتصال به. وفي ظل هذه الأجواء تظل جل المشاريع التي تضمنها المخطط التنموي للمدينة معلقة، فالحدائق ما تزال على حالها، ولا يرتقب أن تجد المشاكل التي تعانيها المدينة طريقها إلى الحل في ظل العلاقات المتأزمة بين المتدخلين في تدبير الشأن المحلي بالمدينة. وهكذا، وبعد أن أحيت الزيارتان الملكيتان للمدينة آمالا واسعة لدى السكان، أصبحوا، حاليا، فاقدي الأمل في أن تتغير أحوال المدينة، على الأقل في الوضع الراهن، وكأنه كتب على المدينة أن تظل في دائرة النسيان والتجاهل. وينتظر سكان المدينة، بعد أن طفح بهم الكيل، التفاتة الجهات المركزية المسؤولة من أجل إرجاع الأمور إلى نصابها وتمكين هذه المدينة من اللحاق بقطار التنمية والاستفادة من الديناميكية التي تشهدها العديد من المناطق، خاصة أن أعلى سلطة بالبلاد خصصت زيارتين للمدينة. ويتضح مما سبق أن هذا الملف تتداخل فيه المسؤوليات وتتشعب فيه الخلفيات، لكن من المؤكد أن هذه الحروب الصغيرة والصراعات المشتعلة بين مختلف المكونات المسؤولة عن تدبير الشأن المحلي بالمدينة، التي عهد إليها بتنفيذ هذا المخطط، أضرت بشكل كبير بالمدينة وسكانها. وأصبح الآن من المستعجل، في ظل الديناميكية التي يعرفها المغرب، بعد المصادقة على الدستور الجديد وفي ظل الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المغرب والانتظارات العريضة للسكان، الإسراع بإخراج مشاريع تأهيل المدينة من عنق الزجاجة. فالمتتبع للشأن المحلي بهذه المدينة يعتريه انطباع بأن المدينة توجد خارج اهتمامات السلطات المركزية، رغم أن صاحب الجلالة أولى المدينة بعناية خاصة. عبد الواحد كنفاوي(موفد الصباح إلى وزان)

وزان… مـخـطـط تـنـمـوي فـي خـبـر كـان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

من أجل أنسنة ومأسسة العلاقة المغربية الإسبانية

فيدرالية جمعيات مرضى القصور الكلوي تحتج

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات