“المنتوج الاقتصادي”…سياسة ترويجية لرفع المبيعات

الفكرة ترتكز على سعر بيع منخفض بمواصفات خاصة يلاحظ المترددون على المساحات التجارية الكبرى لافتات كتب عليها «المنتوج الاقتصادي»، وبطبيعة الحال، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو أن سعر هذا المنتوج سيكون أقل من المنتوجات الأخرى المماثلة. وتوفر هذه المساحات أروقة خاصة بهذه المنتوجات، التي لا تحمل اسم علامة تجارية معينة. غالبا ما لا يولي المترددون على المساحات الكبرى اهتماما كبيرا للعلامة التجارية، إذ يظل السعر أهم وأول شيء يبحث عنه المتبضعون، خاصة أن الاعتقاد السائد أن هذه المساحات لا يمكنها عرض منتوجات ذات جودة رديئة أو تشكل خطرا على صحة مستهلكيها. فماهي طبيعة هذه المنتوجات؟ وما الذي يجعل سعرها نسبيا أقل من المنتوجات المشابهة؟ ومن أين تحصل المساحات التجارية الكبرى عليها. أسئلة طرحناها على المسؤولين عن هذه المساحات من أجل تسليط الضوء على هذه المنتوجات.تجدر الإشارة في البداية إلى أن مصطلح «المنتوج الاقتصادي» يعد ابتكارا لغويا مغربيا، إذ أن فكرة ترويج هذا النوع من المنتوجات انطلق في البلدان المتطورة، التي كان لها السبق في إخراج هذه الفكرة إلى الوجود. فهناك ما يسمى ماركات الموزع، إذ أن هذه المواد لا تحمل أي علامة للمصنع، وتسوق تحت علامة الشركة الموزعة، التي تحدد لها خصائصها، ولا تسوق هذه المنتوجات سوى من طرف الموزع الذي يبيعها بالتقسيط، إضافة إلى ذلك هناك المنتوجات غير القابل سعرها للخصم ( Hard discount)، وتتميز بأن سعرها يكون أقل من متوسط سعر السوق.ويدخل ما يصطلح عليه في المغرب المنتوج الاقتصادي في خانة هذا الصنف الأخير، ويتعلق الأمر بمنتوجات ذات التكلفة المنخفضة، إذ يطلب الموزع أي المساحات التجارية الكبرى من بعض ممونيه تزويده بمنتوجات منخفضة التكلفة، بالمقابل يعفى الممون من أداء حقوق التعاون التجاري، التي يؤديها الممونون، عادة، للمساحات التجارية الكبيرة من أجل تصنيف منتوجاتهم في أروقة هاته المساحات. وعلى خلاف ماركات الموزع، التي تحمل علامته التجارية، فإن المنتوج الاقتصادي لا يحمل العلامة التجارية للموزع، إذ يقتصر دوره على إلصاق يافطة على المنتوج يكتب عليها «منتوج اقتصادي» ولا يحمل أي علامة تشير إلى مصدره.وأوضح مصدر مسؤول بإحدى المساحات التجارية الكبرى أن أسعار هذه المنتوجات تكون أقل من شبيهتها من الماركات المعروفة بنسب تتراوح بين ناقص 15 و 20 في المائة، ما يجعل الوافدين على هذه المساحات يقبلون عليها، وأكد أنها تستجيب لشروط السلامة الصحية، وأن الفرق في السعر يرجع بالدرجة الأولى إلى أن هذه المنتوجات تكون معفاة من بعض التكاليف المرتبطة بالتغليف وحقوق التعاون التجاري، التي يؤديها الممونون إلى المساحات الكبرى، ما يجعل أسعارها منخفضة نسبيا.وتجدر الإشارة إلى أن تسويق هذه المنتوجات انطلق خلال 2005، ومنذ ذلك التاريخ عرفت إقبالا متزايدا، خاصة في بعض المناسبات مثل رمضان أو الأعياد الدينية. وكان الهدف من إطلاقها يتمثل في تحقيق توزيع واسع لهذه المنتوجات، بالنظر إلى سعرها المنخفض، وعليه ضمان نمو مستدام لرقم المعاملات. وبعد نجاح التجربة تعمم المبدأ على كافة المساحات التجارية الكبرى، التي اعتبر مسؤول التسويق بأحد مساحاتها أن الهدف الأساسي من هذه الفكرة تسهيل الولوج إلى بعض المواد والمنتوجات بالنسبة إلى الطبقات والفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود. ولا يقتصر هذا المبدأ على المنتوجات ذات الاستهلاك الواسع، بل يشمل مختلف المنتوجات مثل زيوت المائدة ومشتقات الحليب والتوابل والمربى ومواد التنظيف والتجهيزات الإلكترومنزلية، والمعلبات والمواد المجمدة، إذ أصبحت قاعدة المنتوجات الاقتصادية تتسع سنة بعد أخرى. وساهم ذلك في رفع متوسط قيمة المقتنيات، إذ أكد المصدر ذاته أن متوسط مقتنيات كل زبون يناهز 240 درهما في الشهر. ويرجع هذا التطور بالدرجة الأولى إلى انتشار هذه المنتوجات ذات التكلفة المنخفضة.أحد الزبناء أكد أنه لا يجد فرقا بين هذه المواد التي تحمل علامة المنتوج الاقتصادي، بالمقارنة مع المنتوجات الأخرى، مضيفا أنه منذ سنوات لا يقتني إلا هذه المواد ولم يعثر في يوم من الأيام على منتوج فاسد. وأوضح أن الفرق يكمن في طريقة التعليب أو التغليف، في حين أن جودة المنتوج جيدة.وإذا كان مبدأ «المنتوج الاقتصادي» ما يزال في بدايته بالمغرب، فإن في بعض البلدان الأوربية مثل ألمانيا وفرنسا، تحقق المساحات التجارية الكبرى ما بين 20 و30 في المائة من رقم معاملاته من هذه المنتوجات ذات التكلفة المنخفضة. لكن تعرف المنتوجات الاقتصادية انتشارا مضطردا بالمغرب، فهناك عشرات المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تربطها اتفاقيات تجارية مع المساحات التجارية الكبرى، إذ تلتزم الأخيرة بكميات معينة من المنتوجات على أن يكون السعر منخفضا بنسب تتراوح بين 10 و 20 في المائة، بالمقارنة مع المنتوجات المماثلة التي تحمل علامة تجارية معينة.ويتوقع أن تعرف هذه المواد انتشارا أكبر، بالنظر إلى سعرها المنخفض، خاصة أن القدرة الشرائية لفئات اجتماعية واسعة تظل محدودة. واعتبر أحد الزبناء أنه لم يكن بالإمكان بالنسبة إلى فئات واسعة الحصول على بعض المواد لولا وجود هذا الصنف من المنتوجات، الذي يرتكز أساسا على السعر المنخفض. وكان لهذه الفكرة انعكاس ملحوظ على عدد من المحلات التجارية الصغيرة الموجودة بالأحياء، إذ بعد أن رخص للمساحات التجارية الكبرى بفتح فروع لها في عدد من الأحياء الشعبية، أصبح سكان هذه الأحياء يقصدونها بدل المحلات التجارية بالأحياء، ما أثر سلبا على مبيعاتها.وسجل تطور ملحوظ في العادات الاستهلاكية، إذ ساهمت المنتوجات الاقتصادية في تشجيع المستهلكين على زيارة المساحات التجارية الكبرى، بالنظر إلى أن الأسعار تكون منخفضة، إضافة إلى ضمان احترام هذه المنتوجات للشروط الصحية المطلوبة. عبد الواحد كنفاوي

“المنتوج الاقتصادي”…سياسة ترويجية لرفع المبيعات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"سيطا" ترسم 640 عاملا مؤقتا

دراسة: مستجدات ظهير التحفيظ العقاري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات