ثلاثة أسئلة: الإبقاء على سلطة المسؤولين القضائيين على المحاكم

ما رأيكم في النقاش الدائر حاليا حول منصب الكاتب العام بالمحكمة؟ في البداية دعيني أذكر بمواقف ومطالب نادي قضاة المغرب من استقلال السلطة القضائية برمتها والتي عبر عنها أثناء مناقشة القوانين التنظيمية للسلطة القضائية طيلة خمس سنوات من النقاش، والتي تتجلى في الاستقلال الكامل لهذه السلطة ماليا وإداريا عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، انطلاقا من أساس الوثيقة الدستورية التي تنص على هذا الاستقلال والذي لا نتصوره إلا بمقوماته المادية والإدارية، إذ لا يعقل أن نتحدث عن سلطة قضائية مستقلة وهي لا تملك المقومات المالية والإدارية وأتحدث هنا عن الاستقلال المؤسساتي لا الفردي، فضلا عن أن ربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضي التمكين من هذه المقومات حتى تحاسب السلطة القضائية عن عملها بشكل كامل وحتى يمكننا الحديث عن تعاون السلط في ما بينها وفقا للدستور. هذا الإطار العام للموضوع وجوهره، أما النقاش حول قضايا من قبيل الكاتب العام وغيرها فهو نقاش جزئي ليس إلا. طيب، ما موقفكم من هذا النقاش ولو بهذا الشكل؟ للأسف لم تكرس القوانين التنظيمية الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية، كما لم تحسم في عدة قضايا سبق أن نبهنا لها في حينها، كما أن مشروع التنظيم القضائي للممكلة هو الآخر لم يحسم في العديد من النقاط، والوضع الآن هو كيف نعرف حدود السلطة التنفيذية في التدبير الإداري وكيف لهذا التدبير ألا يمس باستقلال القضاء الفردي وألا يمس كذلك بحقوق المتقاضين من خلال إدارة مرفق المحكمة ونجاعة إدارة الدعوى كذلك، وبالرجوع إلى منصب الكاتب العام فقد سبق لنادي قضاة المغرب في مذكرة حول التنظيم القضائي أن نبه إلى خطورة اعتبار منصب الكاتب العام عين وزارة العدل على المحكمة فقط، لأن هذا من شأنه أن يخلق صراعات داخل المحاكم والنتيجة ستكون ضياع حقوق الناس، وإنما ينبغي استحضار أنه أمام الوضع القانوني المغربي الذي لم يحسم في أي شيء كما قلت، فإنه يتعين الإبقاء على سلطة المسؤولين القضائيين على المحاكم إداريا وماليا في الحاجيات اليومية للمحكمة، بتنسيق مع أجهزة وزارة العدل عبر اللجنة المشتركة المنصوص عليها في المادة 54 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأما التسميات من ومصالح ووحدات إدارية داخل المحاكم بمختلف دراجاتها تحت إشراف رئيسها إنما هي تقسيمات إدارية لا اشكال فيها سواء سميناها كتابات عامة أو مديريات أو أقطابا أو غيرها فلا مشاحة في الاصطلاح كما يقال. ولكن، ما هو سندكم القانوني لبقاء إشراف المسؤولين القضائيين على المحاكم؟ طبعا في غياب الاستقلال المالي والإداري الكلي للسلطة، فإن القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وحتى مشروع التنظيم القضائي جعل الوضع في المحاكم نشازا، إذ ترك المسؤولين القضائيين خاضعين لجهتين مختلفتين هما المجلس ووزارة العدل، بل منح هذا القانون لوزارة العدل صلاحية إعداد تقارير بالمسؤولين القضائيين في ما يخص التدبير الإداري وتوجيهها للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يتعين عليه أخذها بعين الاعتبار، ثم كذلك وجود لجنة مشتركة بين وزارة العدل والمجلس المنصوص عليها في المادة 54 من القانون التنيظيمي للمجلس "تتولى التنسيق في مجال الإدارة القضائية" تحت إشراف الرئيس المنتدب ووزير العدل. إذن الإطار القانوني يضع مسؤولية إدارية على رؤساء المحاكم، وبديهي أنه لا يمكن محاسبتهم إذا لم يكونوا فعليا مشرفين على إدارة المحاكم، ولكن دائما أذكر أن هذه الوضعية لم ندافع عنها وإنما أضحت معطى قانونيا وسنظل في نادي قضاة المغرب ومعه باقي الجمعيات المهنية ندافع عن الاستقلال الكامل إداريا وماليا تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. (*) (رئيس نادي قضاة المغرب)

ثلاثة أسئلة: الإبقاء على سلطة المسؤولين القضائيين على المحاكم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العباقي: المحاكم ليست فضاء للقضاة وحدهم

مستشار متهم بفقء عين امرأة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات