السلطة القضائية… ولادة قيصرية

بعد أزيد من خمس سنوات التي شكلت المدة الفاصلة بين إقرار دستور 2011 الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية عن باقي السلط وبصفة أدق عن السلطة التنفيذية، وبين تطبيقها على أرض الواقع، شكلت 2016 نقطة محورية بعد أن شهدت المصادقة النهائية على القوانين الخاصة بها ونشرها في الجريدة الرسمية، لتبقى نقطة محورية فاصلة تتعلق بتنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية. ورغم ذلك لم يكتب للسلطة القضائية أن تشهد الولادة التامة، إذ خرجت بقانونين تنظيميين أقل ما يمكن أن يقال عنهما إنهما شكلا بالفعل ردة دستورية وقزما حجم السلطة القضائية وفق المنظور الحقوقي ووفق متطلبات القضاة، فاستقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، المقرر في الفصل 107 من الدستور، لايمكن اختزاله في المجلس الأعلى للسلطة القضائية واختصاصاته المحددة في الفصل 113 من الدستور، فرغم أن وزير العدل والحريات خرج من النيابة العامة، إلا أنه بقي حاضرا من خلال التسيير اللوجستيكي للمحاكم، والإشراف الإداري عليها وهو ما يؤدي إلى تداخل بين السلط، إضافة إلى عدم توفر السلطة القضائية على الاستقلال المادي والإداري، وهي كلها مؤشرات تفيد أن ولادتها كانت عسيرة، ولم تستطع أن تصل إلى ما حدده لها دستور 2011، من خلال ميلاد سلطة قضائية حقيقية، مع فك الارتباط بصفة مطلقة وحاسمة مع مكونات السلطة التنفيذية، سيما الوزارة المكلفة بالعدل ضمانا لحماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وبناء دولة الحق والقانون. بناية شكلت الحدث لم يتوقف الأمر عند قوانينها بل امتد الأمر إلى المبنى المزمع أن يكون مقرا لها بعد تنصيبها من قبل جلالة الملك محمد السادس، إذ وقف عدد من القضاة والجمعيات المهنية القضائية، في شتنبر الماضي، على كارثة حقيقية بشأن المقر الجديد للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إذ تعلق الأمر بمجرد عمارة اكتراها الوزير في إطار الصفقات المباشرة، التي تبرمها الوزارة دون اللجوء إلى المساطر المعمول بها في شأن الصفقات العمومية، وهي العمارة التي كانت تستغل من قبل مركز للنداء. وبرر الوزير ذلك بضيق الوقت، وهو التبرير الذي اعتبرته المصادر غير ذي جدوى، على اعتبار أن الحديث عن مقر مؤقت للسلطة القضائية، مسألة يراد من ورائها باطل لأن خمس سنوات السابقة كانت كافية لبناء مقر يليق بالسلطة القضائية، إضافة إلى أن المادة 118 من القانون المنظم للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أفادت أن الدولة تضع رهن إشارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية العقارات والمنقولات والموارد البشرية والاعتمادات المالية الضرورية إلى حين رصد الميزانية الخاصة به. الانتخابات...الكلمة للقضاة حملت نتائج الانتخابات الأخيرة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، التي أجريت في ظل دستور 2011 الذي منح للسلطة القضائية الاستقلالية عن باقي السلط، خاصة التنفيذية التي كانت تشرف على القضاء الواقف بشكل مباشر، رياح التغيير والاستمرار في التركيبة القضاة المنتخبين في المجلس، الذين ارتفع عددهم إلى عشرة بعد أن كان في المجلس السابق لا يتعدى الأمر ستة مقاعد، ينضافون إلى باقي مكونات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذين سيحظون بتعيين ملكي، وتصدرت الودادية الحسنية للقضاة، نتائج الانتخابات التي أجريت في يوليوز الماضي، فمن أصل 10 مقاعد المخصصة للقضاة المنتخبين ضمن تشكيلة المجلس، ظفرت الودادية ب 7 مقاعد، فيما حاز نادي قضاة المغرب على 3 مقاعد. وكانت البداية مع ممثلي محاكم الاستئناف، إذ استطاع ائتلاف الودادية أن يحصل على ثلاثة مقاعد من الأربعة المخصصة لهم، فيما فاز الرئيس السابق لنادي قضاة المغرب بالمقعد الرابع. واستمرت الودادية في حصد المقاعد ضمن تشكيلة المجلس في الصنف المتعلق بممثلي قضاة المحاكم الابتدائية، والتي تضم ستة مقاعد آلت أربعة منها إلى ائتلاف الودادية، واستطاع نادي قضاة المغرب أن يظفر هو الآخر بالعضوية في المجلس عن صنف المحاكم الابتدائية بعضوين، وأعطت النتائج المحصلة توزيعا جهويا وفئويا للفائزين بشكل متوازن داخل التركيبة الجديدة، وترجمت رغبة قضاة المملكة الذين شاركوا بكثافة في العملية الانتخابية بنسبة بلغت 93.64 بالمائة، ضمن كتلة انتخابية حددت في 3821 قاضيا، و58 مرشحا في التنوع. كريمة مصلي

السلطة القضائية… ولادة قيصرية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مجلس المستشارين... فساد انتخابي

التهريب يسقط مسؤولين في الدرك

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات